عمتم صباحا أيها العشرينيون. عمتن صباحا أيتها العشرينيات. صباح الوطن والأحلام الكبيرة أهل العشرين. هذا الكلام خاص بكم, هو لا يعني أي آخر غيركم, لا من الذين ينتمون للأحزاب ولا للجماعات ولا للتيارات ولا للمنظمات. هذا الكلام حصري لمن ينتمي للعشرين فقط. هذا الكلام محبس على أهل الحرية الحقة, المؤمنين بها, الحالمين لشعبهم بتباشريها, المؤمنين أننا لسنا عبيدا, وأن قدر البلاد هو أن تستنشق ملء الرئتين كل خير. أن يحلم الأبناء منها كل ليلة بغد مشرق جميل, لا بغد كئيب ودامس ومظلم كالذي يقترحونه علينا اختيارا وحيدا كل يوم. عمتم صباحا أهل العشرين. قصدا تعمدت ألا أكتب كلمة واحدة بالأمس في يوم الذكرى. تركت للآخرين أن يكتبوا لكم الإنشاء. أن يخاطبوا فيكم الحقيقي والمتخيل, وأحيانا المتوهم. أن يكتبوا لكم تحت الطلب, أن يقولوا لكم فقط ماتودون سماعه, يعتقدون أنكم يداعبون الوتر الحساس لديكم, ويتصورون أنهم قادرون على التلاعب بكم وبما تحملونه من أحلام ومن أفكار. الحق الذي لامراء فيه هو أن لا أحد يستطيع اليوم خداعكم: الوطن رقعة جغرافية وتاريخية وحضارية مشرعة على كل الانتظارات, وأنتم ذات حمق جميل, قررتم أن تشرعوا هذه الكوة حد الإيمان بالحرية ولا شيء غير الحرية.
لذلك عندما احتلت جماعة الحالمين بالوهم الفكرة, قلنا لا, غير ممكن, مستحيل, نو واي, مايمكنش بدارجتنا المغربية التي توحد منا كل المسام. هل يعقل لمن يحلم لنفسه بالخلافة على مقاس النوم وأحلامه أن يكون مرادفا للحرية بالنسبة لشباب بلدي؟
الجواب لا. الجواب بكل بداهة فادحة هو النفي حتى آخر الأيام. لذلك فهم الشيخ ومن يعبدونه أنه لا مكان لهم وسط صراخ الحالمين بالحرية, ولا شيء غير الحرية. لذلك غيروا الانتماء الذي ادعوه أول مرة, وقالو لكم "ماعندنا مانديرو بيكم, صافي سالينا منكم". مرة أخرى كان الجواب منكم أكبر منهم بكثير: "الوطن عندو مايدير بينا, نتوما سيرو تخبعو فالمنامة ديال الشيخ ديالكم". عمتم صباحا أهل العشرين. أتاكم السياسيون بعد ذلك. من كل المشارب أتوا. من اليسار, من اليسار المؤسساتي, من اليسار غير المؤسس إلا على الوهم, من يسار العدم, من عدمية اليسار, من اليسار الكاذب, من يسار الكافيار, ومن يسار الأموال, من يسار الأوهام, ومن يسار الادعاء الكاذب. قلتم لهم نفس الجملة : من كان يؤمن بالأحزاب فقط فإن الأحزاب قد ماتت, ومن كان يؤمن بالوطن فإن الوطن حي لا يموت". لم يفهموا المراد, لم يستوعبوا القصد, ولم تصلهم الرسالة. هم أصلا كانو هكذا منذ البدء: بفهم بطيء للغاية, وبعدم قدرة على رؤية الأشياء وإن كانت واضحة. لذلك اضطررتم لقولها لهم المرة بعد الأخرى: لن يستطيع أي حزب مهما بلغ ذكاء "المتعالمين" فيه أن يستولي على هذه الحركة. لماذا؟ بكل بساطة لأنها فكرة ملك لكل من يؤمن بالحرية, وهنا بالتحديد يصعب على من تعودوا أن يكتبوا كل شيء باسمهم في هذه الأرض أن يضيفوا الحركة للائحة ممتلكاتهم. صعب أن يحفظوها في المحافظة العقارية وأن يقولوا "هادي ديالنا بوحدنا". مرة أخرى "مايمكنش".
عمتم صباحا أهل العشرين. أتاكم الآخرون أيضا. أتت الدولة بكامل ثقلها. أرادت فعل الشيء ونقيضه. شباب ملكي وشباب بأوصاف غريبة ما أنزل الله بها من سلطان. حاولوا في البدء المواجهة, ثم حاولوا الانصهار, وحاولوا الاقتحام, وحاولوا التهديم, وفي الختام اقتنعوا مثلما اقتنع الآخرون ألا مجال. "ما أكبر الفكرة" قال درويش يوما, ونحن نهز الرؤوس يوما مصدقين ومصادقين: فعلا ما أكبرها, ولا أحد _ أقول لا أحد _ يستطيع حيازتها لنفسه أو ادعاء النسبة إليها أو حرمان الآخرين من التبرك بها وحملها إلى الختام في العقل وفي الفؤاد وفي كل مسام الكينونة والانتماء. قلتم لهم "نفهمكم ونفهم خوفكم, لكننا نحلم بالحرية لكم أنتم أولا "عاد" نريدها لأنفسنا, لذل اطمئنوا سنسير جنبا إلى جنب حتى الختام".
عمتم صباحا أهل العشرين. الصحافة لعبت معكم لعبتها. كنتم تصدقون يوما أن "فلان وجورنالو معانا", ثم تجدونه في اليوم الموالي مع شيء آخر. وكنتم تقولون يوما ثانيا "فلان وجورنالو ضدنا", فتجدونهم في النقيض من القول. ساعة فساعة بدأتم في الفهم والاستيعاب: الكثيرون في هذا البلد يكتبون كلاما لايؤمنون به. يطلقونه والسلام حسب ما يأمر به مؤشر المازي والماديكس. حكاية بورصوية لا أقل ولا أكثر, لها الارتباط بمجال المال والأعمال أكثر من أي شيء آخر. والبعض غير مخير فيما يكتبه, تأتيه الإملاءات من فوق ومن الداخل ومن الخارج ومن الأسفل ومن كل مكان, فيكتب. والبعض الثالث أصلا لايفهم مايكتبه لذلك لا حرج. القلم مرفوع, وعديد الأقلام لاينفع معها أي شيء إلا أن يدخل إلى ذهنها المليء بالاستبداد بكل أنواعه (ماشي بالضرورة الاستبداد المخزني) القليل من لفحات الحرية. عمتم صباحا أيها العشرينيون. صنعتم تاريخا في البلد, وأدخلتم العشرين إلى التاريخ. يبقى فقط أن تستطيعوا المرور من 20 فبراير إلى 21 فبراير, فهل ياتراكم تتمكنون؟
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق هل يمكن أن يصبح "البام" في يوم من الأيام حزبا عاديا ينسى الناس تماما طريقة تكوينه, ومن كان وراءهاو ويهتمون فقط بما يفعله الحزب, ومايتصوره للحياة السياسية المغربية؟ السؤال مطروح بعد انتخاب أمين عام جديد للحزب, وهو أمين عام يقال إنه أتى لكي يصبح الحزب عاديا, ولكي يغير الصورة النمطية التي كونها عنه المغاربة رغم أنه حزب جديد, لكن ظروف النشأة أو ظروف النزول جعلت الناس يعتقدون أنه ضارب في القدم, موغل في العاتقة, قادمن من زمن آخر بعيد جدا هل هي صفحة جديدة إذن للباميين؟ ربما والأيام وحدها ستحمل الرد الحقيقي على هذا السؤال