محمد أمغار محام بهيئة الدارالبيضاء وأستاذ القانون الدستوري جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء يكون لممارسة بعض طقوس الشعوذة عواقب وخيمة على المجتمع خاصة إذا اقترنت تلك الممارسات بأفعال جرمية تهدد سلامة وصحة المواطنين.في ما يلي يتطرق الأستاذ محمد أمغار إلى الإجراءات القانونية المتخذة في حق ممتهني الشعوذة والمشاركين في أعمالها، والعقوبات التي يواجهونها إذا تعلق الأمر بإحداث عاهات مستديمة. من بين الاعتداءات التي تقع على الأطفال والمرتبطة بالخرافة والشعوذة مسألة اختطاف الأطفال القصر بدعوى البحث عن الكنوز، وذلك باستعمال طقوس معينة تستدعي بحسب معتقدات المشعوذين استعمال عينة من الأطفال الذين تتوفر فيهم سمات خاصة كالطفل الزوهري، هذا الأخير الذي قد يكون ذكرا أو أنثى، ويتميز بحسب معتقدات المشعوذين بوجود خط متصل يقطع راحة يده بشكل عرضي، يتخذه الذين يمارسون أنواعا من الشعوذة والدجل أداة لاستخراج الكنوز والبحث عن الآثار. ويتم في الغالب استعمال أطفال قصر دون سن الثانية عشر أي الأطفال الذين لم يصلوا بعد سن البلوغ، بحيث يعتقد أنهم بحكم طهارتهم من ارتكاب الذنوب والخطايا قادرون على إيجاد الكنوز، ويستعمل هؤلاء المجرمون جميع الوسائل للوصول إلى هؤلاء الأطفال بالبحث عنهم واختطافهم وذلك باستعمال الوسائل الاحتيالية أو إستعمال القوة والعنف للوصول إلى أغراضهم الغير المشروعة. والملاحظ أن القانون المغربي قد اعتبر هذه الممارسات أي الشعوذة والبحث عن الكنوز بحد ذاتها ممارسات مخالفة للقانون الجنائي ومعاقب عليها بمقتضاه بحيث يعاقب الممتهن لهذا النوع من السلوكيات والتصرفات من أجل جنح النصب على الغير طبقا لمقتضيات المادة 540 من القانون الجنائي وذلك بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة إلى خمس آلاف درهم. ومن جهة أخرى فإن العثور على الكنوز والاحتفاظ بها يعتبر بحد ذاته مخالفة للقانون، ذلك أن من عثر على كنز ولو في ملك له، ولم يخطر به السلطة العامة في ظرف خمسة عشر يوما من يوم اكتشافه يعاقب بغرامة من مائة وعشرين إلى مائتين وخمسين درهم. أما من عثر على كنز وتملكه كله أو بعضه دون أن يصدر له إذن بذلك من الجهة القضائية المختصة حتى لو كان قد أخطر به السلطة العامة فانه يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة اشهر وغرامة من مائة وعشرين إلى مائتين وخمسين درهم طبقا لمقتضيات المادة 528 من القانون الجنائي، وهذا ما يؤكد أن البحث عن الكنوز يعتبر تصرفات مخالفة للقانون سواء بالنسبة للممتهن أو المستفيد من العملية. أما إذا تعلق الأمر بأفعال جرمية تمس صحة وسلامة الأطفال فإن هذه التصرفات غالبا ما تشكل جنايات في حق الأطفال، بحيث أنه إذا قام أحد ممتهني القيام بأفعال البحث عن الكنوز باختطاف أحد الأطفال من أجل استعماله في أفعاله الإجرامية، فإن الفعل يعتبر جناية معاقب عليها في الفصل 437 من القانون الجنائي بالسجن المؤبد، وإذا وقع تعذيب بدني للطفل المخطوف أو المحجوز عوقب المجرم المرتكب للفعل بالإعدام طبقا للمادة 438 من نفس القانون. مع الإشارة إلى أن المستفيد من عملية البحث عن الكنوز إذا كان على علم بعملية الاختطاف، أو قدم محلا لحبس الطفل أو وسيلة لنقله فإنه يعاقب بنفس العقوبة المطبقة على المختطف بمعنى أن الأشخاص الذين يزاولون أعمال الشعوذة والبحث عن الكنوز والمستفيدين من العملية غالبا ما يكونون في حالة مشاركة في الفعل الجرمي إذا تعلق الأمر بالاعتداء على الأطفال أو الأشخاص سواء بالاختطاف أو إلحاق الضرر بحياتهم أو حريتهم أو صحتهم. والقضاء على هذه التصرفات الغير المقبولة والمخالفة للقانون مرتبط بالدرجة الأولى بالعمل على رفع مستوى الوعي لدى المواطن للقضاء على المعتقدات المرتبطة بالشعوذة من جهة لان اختطاف الأطفال أو استعمالهم في مثل هذه الممارسات يشكل ضربا لبراءتهم وانتهاكا لحقوق الطفل المحمية بمقتضى المواثيق الدولية والقوانين الوطنية. ومن جهة أخرى فإن التشدد في العقوبات وتكييف الأفعال التي يمارسها البعض والمرتبطة بالدجل والخرافات من قبيل البحث عن الكنوز باستعمال أطفال أبرياء علىاعتبار أنها جنايات خطيرة، يعتبر رادعا لهؤلاء ولغيرهم من اللجوء إلى هذه الممارسات المشينة والماسة بحقوق الطفل، خاصة إذا علمنا وللأسف الشديد أن الذين يلجئون إلى الاستعانة بهؤلاء الدجالين للبحث عن الكنوز غالبا ما يكونون من الطبقات الثرية والمتوسطة مما يؤكد جشع النخبة المتعفنة وغياب الوعي لدى البعض رغم إمكانياته المادية والمعنوية الكبيرة. إعداد: شادية وغزو