لماذا نرى في كل لقاء يعقده حكام الجزائر مع مسؤولين لدول أجنبية حدثا سلبيا بالنسبة لنا، وقد يذهب البعض منا إلى حد تفسيره بأن من شأنه الزج بنا في العزلة؟ أن يزور عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر الجديد، الجزائر، فذلك أمر طبيعي بالنظر إلى التهديدات الأمنية المباشرة التي تستهدف مصر والجزائر جراء الأوضاع في ليبيا. أن يطير وزير جارجية فرنسا إلى العاصمة الجزائرية، ويعقد اجتماعات مع مسؤوليها، لا يعني أن باريس مقدمة على التفريط في علاقاتها المتميزة مع المغرب. أن يتم تبادل اللقاءات بين ماليوالجزائر لا يعني أن باماكو لم تعد في حاجة إلى الدور الإيجابي للمغرب في بحثها عن حلول لما تعيشه من تمزق ومخاطر الإرهاب. الجزائر معنية، مباشرة بما يقع في شمال مالي. الحدود التي تتقاسمها معه تأوي قواعد للإرهاب، وتشكل تهديدا مستمرا للإستقرار في البلدين. رغم الدور السلبي والخطير الذي تعلبه الجزائر في مالي، فإنها تظل طرفا في المعادلة، وبالتالي لا يمكن لباماكو تجاهل جارتها الشمالية. صحيح أن النظام الجزائري يقحم موضوع صحرائنا في كل تحركاته ومبادراته، ويحاول انتزاع مواقف تساند أطروحته الانفصالية، وستراتيجته المناوئة لوحدتنا الترابية. هذا السلوك ليس جديدا. في نفس الوقت، يتضايق من كل نجاح تحققه بلادنا، ويفسر كل تحركاتها ومبادراتها الإيجابية، بأنها تنافسه، وتهدد مصالحه الإقليمية. لذلك تراه يعبيء كل طاقاته لمحاولة هدم ما يبنيه المغرب مع جيرانه من علاقات ودية، ولا يتورع في ممارسة الضغط على فرقائنا وشركائنا إذا لمس لديهم ضعفا. هل ينبغي لنا محاكاته في ذلك؟ تهدف تحركات المغرب في إفريقيا إلى خلق مناخ جديد من العلاقات التعاونية جنوب جنوب، تستفيد منها كل الأطراف. لم يسع لبسط نفوذه على أحد. لم يقايض مساعدته بمواقف معادية للجزائر. يتعين ألا نبخس من إمكانياتنا، وأن نواصل سياسة التقارب والتعاون والانفتاح على بلدان جديدة في إفريقيا وغيرها، بدون خلفيات هيمنية، ونستمر في الإجتهاد لشرح عدالة قضيتنا. وفي النهاية، لن يصح إلا الصحيح.