قلتها في عمود سابق. قلت إن رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران يكره المغربيات. وكانت المناسبة دعوته المغاربة إلى الاستغناء عن «دانون» واستبداله ب«الرايب». حينها اعتبرت أنه يضيف عبئا جديدا إلى الأعباء الكثيرة، التي تتحملها المرأة المغربية. ويُبيِّنُ، بشكل مضمر، أنه لا يحب الراحة لها.. لم تمر سوى أيام قليلة على هذه الدعوة الغريبة، حتى قدم عبد الإله ابن كيران، وهذه المرة بما يقطع الشك باليقين، الحجة الدامغة على كرهه الفعلي للمغربيات، هو الذي لا يفوت فرصة دون التعبير عن غي ذكوري يكشف أفكاره الدونية تجاههن. فبداية الأسبوع الماضي، وخلال الجلسة الشهرية للغرفة الثانية بالبرلمان، كان رئيس الحكومة جد واضح وهو يفصح عن أن في خروج المرأة المغربية إلى العمل ظلم لأسرتها وذويها! ويعتبر أن في خروجها إلى العمل «حرمانا للعائلة من الدفء»! وبالخصوص، تجنيا على الأطفال، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على «تدبر أمور أنفسهم اعتمادا على إمكانياتهم الذاتية». وزاد رئيس الحكومة قائلا: «هؤلاء الأبناء يدخلون بعد العودة من مدارسهم إلى البيت ليجدوه مظلما بسبب غياب الأم»! السيد عبد الإله ابن كيران، ومع كامل الاحترام لمشاعره النبيلة ونواياه الطيبة تجاه الأطفال، هذه الفئة الهشة المحتاجة بالفعل للرعاية والحنان اللازمين ليس من الأم فقط وإنما من الدولة بدرجة أساس ، لا يمكنه أن يكون جديا بدعوته النساء إلى العدول عن العمل خارج البيت لا لشيء إلا لأجل توفير الدفء والإنارة لأهل البيت!! وبعيدا عن كلام المناصفة والمساواة .. وكل ما قد يعتبره، في حالته هذه، مزايدة لأن له صلة بحقوق المرأة، ألا يعلم السيد عبد الإله ابن كيران أن الهشاشة الاقتصادية، والتي تعانيها بالدرجة الأولى المرأة المغربية وخاصة ربات البيوت غير العاملات، هي أساس الكثير من الانتهاكات النفسية والجسدية والحقوقية، التي تعاني منها هذه العينة من النساء؟ ألا يدري السيد رئيس الحكومة، أن جل الأسر المغربية تعيلها نساء؟ ألا يعلم عدد الأفواه، التي تنتظر أن تطعمها النساء؟ من المؤكد أنه يعلم، وموقعه كرئيس حكومة، يتيح له الاطلاع على الأرقام الحقيقية المتصلة بعمل المرأة المغربية أكثر من دونه. لكن، وفقط من باب المزايدة الشعبوية، تفوه بما تفوه به. يدري أن نهوض هذه البلاد بحاجة إلى سواعد وعقول نسائها كما رجالها، ومع ذلك يتمادى في غي بئيس وهو يتشبث بدونية المرأة، وهو يمعن في القول بعجزها عن لعب أدوارها كلها كما ينبغي.. يتمادى في غي ذكوري بائد لينسف كل جهودها في أن تساهم في بناء شخصيتها كامرأة فاعلة وفعالة في مجتمع لا يمنحها أدنى أدوات العمل المساعدة. تتدبر أمرها بشتى الطرق والوسائل كي تفي بالتزاماتها ولا تخل بانتظارات وتطلعات عائلتها وذويها قبل تلك الخاصة بها هي ذاتها. وهي انتظارات لا تُحتسب بمقياس حرارة ولا بعداد كهربائي.. لأنها انتظارات أسمى يصعب على أصحاب العقلية الذكورية استيعابها.