السوق الأسبوعي السياسي في بلادنا مازال يعد بالكثير من المشاهدات المضحكة والتافهة والبليدة. السياسيون في الدول الديموقراطية ينكبون على تدبير قضايا المواطنين والعمل بملفات يتم تحضيرها والسهر على دراستها من طرف خبراء وطواقم متخصصة تقنية وعلمية وسياسية واقتصادية، قبل أن ترفع لمن يهمهم الأمر لاتخاذ الاجراءات المناسبة والحسم في القرار السياسي الذي يقدم اقتراحات ومبادرات لحل قضية ما لفائدة المواطنين بعد مشاورة الهيئات السياسية الفاعلة والمجتمع المدني. هذا ما يقع عادة في هذه الدول. فكيف تدبر قضايا المواطنين عندنا؟ الجواب ليس صعبا في بلاد كبلادنا تعج بالتفاهات التي يتلفظ بها سياسيونا، الذين يشتغلون وكأنهم عارِضو سلع وبضائع في سوق أسبوعي كبير يختلط اللغط فيه بسحب الغبار المتصاعدة والتي تمتزج بالمعروضات الرخيصة والمغشوشة. قبل شهور، عندما هدد أصحاب المخابز بإضراب من أجل الزيادة في ثمن الخبز، ترافع الوزير محمد الوفا في البرلمان "دفاعا" عن المواطن. بدا الرجل وكأنه يقوم فعلا بدوره الحكومي وأن بين يديه الحل الذي يعدل بين الطرفين: باعة الخبز من جهة والمواطن من جهة أخرى، وذلك من خلال تمكين المواطن من الخبز بثمن مناسب وتشجيع أصحاب المخابز على توفيره بجودة عالية، وإيجاد الحلول لمشاكلهم، دون أن يطال ذلك جيب المواطنين!! لكن، لا شيء من ذلك تحقق. لقد كان السيد الوفا مجرد وزير متكلم ورفع عاليا الحل الذي توصل إليه عقله «الفذ» بعد طول تفكير واجتماعات واستنفار بوزراته، فكان جوابه هو عدم اقتناء الخبز والاكتفاء ب«الملاوي»!! على نفس النهج سار أمس رئيس الحكومة الذي لاشك أنه استفاد كثيرا من وزيره الوفا الذي زوده بأسرار حكمته الربانية، التي مكنته من معالجة الزيادة في ثمن الخبز وتزويج الخبز المغشوش. أمام الملأ الذي جاء لسماع خطبة رئيس الحكومة عبد الاله ان كيران يوم السبت بأكوراي أعلن هذا الأخير للجماهير الحل الأنجع لمواجهة الزيادة في دانون، وقال أنه سيقاطع هذا المنتوج استجابة لرغبة بعض الشباب الذين نشروا فيديو يدعو إلى المقاطعة وقرر أن يقاطعه عشرة أيام، داعيا المغاربة إلى تعويض دانون بتحضير الرايب في منازلهم. هكذا اكتشف ابن كيران الحل لمواجهة الزيادة في ثمن دانون كما اكتشف وزيره في الشؤون العامة والحكامة الحل للزيادة في ثمن الخبز. رئيس الحكومة في إطار شعبويته المعهودة قال للمواطنين الذي حضروا لخطابه «هاد الحكومة جات باش دافع على الشعب وراهي كدافع على الشعب»، وفعلا لا يكون الدفاع إلا بالملاوي والرايب البلدي، وهو الحل الأنسب للحد من ارتفاع الأسعار الذي يقض ظهر المغاربة، وهي منتوجات لا تتوفر إلا في السوق الأسبوعي لحكومتنا التي نثق في خبرتها وكفاءتها!!