في الحقيقة استغرب للدعوات التي تتهم المغاربة بعدم القراءة وأشعر بخجل كبير وأسف وأنا أعاود صياغة هذا الاتهام المجاني دون أن أجد ما يبرره أو يعطيه المشروعية ليكون تهمة لصيقة بنا نحن معشر المغاربة. لقد كان الأجدر بمروجي هذه الادعاءات والاتهامات التي تسيء إليهم قبل أن تسيء لنا أن يعكسوا السؤال ماذا سيقرأ المغاربة ؟ إنه الواقع المر الذي يعري عورات ما يسمى بالنخب التي على كثرة تنوعها بين صحفية وثقافية وو... ويضعهم في قفص اتهام شرعي هل فعلا ما يقدم لنا اليوم من منتوج صحفي وإبداعي عبر هذه الترسانة من العناوين الصحفية والبرامج التلفزيونية والإذاعية يخدم المواطن على بساطته الفكرية؟ هل استطعنا فعلا أن نعيد القارئ المغربي إلى القراءة ونصالحه مع الجريدة أوالكتاب؟ لقد تحولت بعض المنابر الإعلامية إلى ساحة للسباب وكيل الشتائم وإلى ساحة لتصفية الحسابات الشخصية على حساب هذه الرسالة النبيلة التي ضحى لأجلها المئات من الصحفيين الذين سقطوا في معركة الشرف والكرامة من أجل صاحبة الجلالة، فبعض الإخوة الصحفيين لا هم لهم سوى تتبع عورات الناس ومحاولة اصطيادهم وتلفيق التهم لمنابر إعلامية لا لشيء سوى لأنها تختلف معهم في التوجه العام سواء كان سياسيا أوحتى إعلاميا. من تمييع المشهد السياسي والنقابي عبر هذا الكم الهائل من الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية التي خلقت لنا كيانات سياسية عقيمة لا تستجيب لانتظارات المواطن المغربي والتي أصبح دورها مقتصرا على ما هو انتخابي مرحلي صرف إلى تمييع المشهد الإعلامي عبر هذا الحشد من العناوين الصحفية التي تحولت إلى مقاولات هدفها الأساسي والأسمى هو الربح، حتى وإن جاء على حساب القارئ المغربي الذي يطالب اليوم بتعاقد جديد يكون عنوانه الكبير احترام القارئ الذي يستحق منتوجا صحفيا وإبداعيا يليق به وبثقافاته المتنوعة ويقارب مشاكله الحقيقية التي تتمثل أساسا في السكن اللائق وتكافؤ فرص الشغل والتعليم المنتج والتغطية الصحية الشاملة وغيرها من الظواهر السلبية التي تؤثث المشهد الوطني العام، والتي أصبحت ظاهرة مخيفة للغاية يجب مقاربتها المقاربة الموضوعية الصحيحة المتجردة من كل الخلفيات التي تعطينا القدرة على التصدي لها وكشفها أمام الرأي العام الوطني. إن تعاقد جديد بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية والدولة من جهة والمجتمع المدني من جهة أخرى ضروري في هذه المرحلة التي نمر بها في ظل التحديات العالمية التي تحيط بنا من كل جانب، وفي ظل هذه الهجمة الشرسة التي تمر منها قضية وحدتنا الترابية التي دخلت منعطفا حاسما على الجميع الانخراط فيها بكل مسؤولية وروح وطنية ومهنية تستحضر البعد الأخلاقي في تناول مختلف القضايا الوطنية والتي تهم بشكل مباشر المواطن المغربي الذي علينا جميعا تعبئته وحشد هممه من أجل التصدي لكل من تسول له نفسه العبث بالقيم الوطنية وأولها التصدي لمن يحاولون استنزاف قدراتنا عبر الترويج للأطروحة الانفصالية سواء أكانوا في الداخل أوالخارج. فنحن لا نطلب المستحيل كما أننا لا نتهم أحدا بقدر ما نريد التذكير بأن الصحافة قبل أن تكون سلطة رابعة هي رسالة نبيلة تتوخى في المقام الأول خدمة المواطن المغربي بكافة تموقعاته. فالرهان اليوم هو العمل جميعا على التأسيس لواقع صحفي جدير بتطلعاتنا في مستقبل أبنائنا. وكل عام وصحافتنا بألف عنوان. (*) عين بني مطهر