الكثير من أطفال المدينة الذين احتضنهم مرسم مؤسسة منتدى أصيلة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، أصبحوا اليوم فنانين متميزين لهم حضور وازن في المشهد الفني التشكيلي الوطني. فأسماء مثل يونس الخراز، محمد عنزاوي، معاذ الجباري، حكيم غيلان، أنس البوعناني، وغيرهم من فناني المدينة الذين جالت أعمالهم العديد من الأروقة الفنية التشكيلية الوطنية والدولية، انجذبوا منذ طفولتهم نحو فن الرسم داخل ورشات الموسم الثقافي الدولي لمدينة أصيلة بتأطير من فنانين كبار، مثل السوداني محمد عمر خليل، والفنان المغربي الراحل محمد القاسمي، والفنانة الكرافيكية المغربية مليكة أكزناي. الفنان التشكيلي أنس البوعناني يحتفظ في ذاكرته بالكثير من الصور الجميلة حول مرسم أطفال موسم أصيلة، صاغها بمفردات أنيقة في كتاب له يحمل عنوان «ألوان الصبايا» أصدرته مؤسسة منتدى أصيلة سنة 2002. في دورة هذه السنة، ومثل باقي دورات موسم أصيلة الثقافي الدولي، كان من الطبيعي أن يلتفت الكبار إلى ما صنعته أيادي الفنانين الصغار، حيث قام المشاركون في ندوة «الحركة الأدبية في الكويت حلال نصف قرن»، وهي آخر ندوة ضمن أشغال الدورة الحالية لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية، بزيارة لمعرض الرسوم التي أبدعها أطفال مدينة أصيلة، اطلعوا فيها على مجمل ما تم إنجازه خلال ورشة تعليمية انطلقت في بداية الموسم بداية الشهر الجاري. مجال إبداعي آخر يحظى باهتمام أطفال موسم أصيلة الثقافي، ويتعلق الأمر بمجال الكتابة، حيث تشرف الشاعرة المغربية إكرام عبدي على مشغل لكتابة وإبداع الطفل، يساهم في تأطيره كل من الناقد الأدبي بنعيسى بوحمالة، والروائي والقاص محمد عز الدين التازي. ويسعى هذا المشغل إلى تعريف تلاميذ أصيلة بجنسي القصة القصيرة والشعر، وبتقنياتهما الأدبية والفنية، من خلال تقديم عروض نظرية مبسطة، وتحليل تطبيقي لبعض النصوص القصصية والعربية لكتاب كبار مثل محمود درويش، نازك الملائكة، جبران خليل جبران، أبو القاسم الشابي، مبارك ربيع، محمد زفزاف، وغيرهم. أطفال مشغل الكتابة، الذين أبانوا عن مواهب واعدة في مجال القصة والشعر، قد يكون لهم في مستقبل الأعوام نصيب من جائزة بلند الحيدري للشعراء العرب الشباب، التي تبلغ قيمتها المالية عشرة آلاف دولار أمريكي، والتي تنظم مرة كل ثلاث سنوات ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي. هذه الجائزة التي أنشأتها مؤسسة منتدى أصيلة تكريما لروح الشاعر العراقي الراحل بلند الحيدري، الذي كان واحدا من أصدقاء أصيلة الأوفياء، فاز بها هذه السنة مناصفة كل من الشاعر المغربي عبد الرحيم الخصار، والشاعر الكويتي محمد هشام المغربي، استنادا إلى قرار لجنة التحكيم التي ترأسها الشاعر والروائي المغربي محمد الأشعري، والتي رأت أن أعمال الشاعرين تعبر عن حساسية شعرية لافتة، تتميز باشتغال جيد على اللغة، وعلى الصورة الشعرية، وعلى رؤية جمالية تحتفي بالتجربة وبمغامرة الكتابة. أحمد الدافري