كان النعاس مايزال يثقل جفونه الشبه مغمضة. وقليل من الملابس الخفيفة تستر جسده المتراخي. لم يستوعب أنه أصبح خارج دفئ فراش نومه إلا عندما ساقته قبضات أشخاص أشداء إلى سيارة للأمن الحضري، والأصفاد تقيد يديه إلى الخلف. هذا الشاب الذي وجد نفسه في ساعات مبكرة من أحد أيام الشهر الجاري، ينقل بلا ضجيج أو إثارة انتباه الجيران إلى مقر الشرطة القضائية لأمن البرنوصي زناتة بالدار البيضاء. لم يكن في واقع الأمر إلا مروجا للمخدرات، ظل مبحوثا عنه منذ مدة، حيث داهمت عناصر أمنية بشكل مفاجئ مسكنه بحي «زرهون» بسيدي مومن، لتلقي عليه القبض، وهو غارق في نوم عميق. هذه العملية الأمنية التي تمت بسرعة وإحكام، هي مجرد حلقة من سلسلة مداهمات، قامت بها مؤخرا الشرطة القضائية بالبرنوصي بتنسيق مع الفرق المتنقلة، التابعة للدوائر الأمنية بالمنطقة. فعلى مدار أيام متفرقة من الأسبوعين الأولين لشهر يوليوز، شهدت العديد من الأحياء مثل سيدي مومن القديم، درب لمعاكيز، حي التشارك وبعض الدوارير الصفيحية والأحياء العشوائية، حملات تمشيطية لتوقيف عدد من المبحوث عنهم أو المحرر في حقهم سيل من الشكايات تتعلق أساسا بترويج المخدرات والسرقات الموصوفة أو السرقات بالعنف والتهديد واستعمال السلاح الأبيض. «شحال من بزناس وشفار شديناه وهو ناعس في دارهم أو حصلناه في الشارع..». بهذا الوصف الموجز، حاول مصدر أمني أن يعطي صورة مقربة عن طريقة الإيقاع بقائمة طويلة من المجرمين، الذين كانوا ضمن مذكرات بحث أو شكايات أو محاضر مقفلة، تم إخراجها من عتمة رفوف المكاتب والأرشيف. فبعد جمع معلومات مدققة عن عناوين ومخابئ وأماكن تحركات هولاء المبحوث عنهم، وترصدات يومية بواسطة المخبرين وعيون الشرطة للأشخاص المستهدفين، يتم رسم خطة المداهمة أو المطاردة وتشكيل فرقة أمنية للقيام بالمهمة في الزمان والمكان المحددين، حيث كانت نتائج توقيف عدد من المبحوث عنهم أو المشتبه به تصل في بعض العمليات إلى عشرة متهمين، منهم مروجين ولصوص من فئة «مسجل خطر»، كانوا يخلقون إزعاجا وتهديدا لسكان مجموعة من أحياء سيدي مومن والبرنوصي. الحملة التمشيطية التي استمرت من حين لآخر على مدار الأسابيع الأولى من الشهر الجاري، ووصل فيها المقبوض عليهم والمحالون على العدالة حسب إحصائيات تقريبية إلى أزيد من 100 متهم. لم تكشف الشرطة القضائية لأمن البرنوصي عن كل الأوراق حولها، حيث تشير مصادر أمنية، أن المحققين توصلوا من خلال اعترافات بعض الموقوفين إلى معلومات عن عدد من الشركاء والمتورطين في أعمال السرقة أو ترويج المخدرات، الذين سيقعون بدورهم عاجلا أم آجلا وهم في حالة نوم أو يقظة، كما وقع لمن سبقوهم خلال الحملات التمشيطية السابقة.