أَحَبها إلى حد الجنون، وأرادها أن تكون زوجة وأم أبنائه، لكن أمه وقفت حجرة عثرة أما رغبته، ما جعله يقرر تنفيذ أبشع جريمة في حق أعز الناس إليه يوم الخميس الماضي. عبد الواحد، شاب في السابعة والعشرين، من دوار القورا ضواحي فاس، ظل على علاقة حب مع فتاة، تصغره بثلاث سنوات، تقيم مع أهلها بمدينة فاس. تعلق بها إلى حد الجنون، وسعى إلى إقناعها بكل ما يملك، من أجل أن يقترن بها وتستقر معه بالبادية إلى جوار والديه. هكذا ظل العشيقان يعيشان على أمل عقد القران، بعد أن أمهل عبد الواحد كريمة بعض الوقت، لأجل تحضير البيت وضمان قدر من المال لإقامة حفل الزفاف. الشاب يعيش وضعية اجتماعية بسيطة، يمتهن الفلاحة إلى جانب والده، ويمارس تجارة متجولة بين الفينة والأخرى. ومع ذلك، لم يشكل ذلك حاجزا في وجه علاقة الحب التي ظلت قائمة بين العشيقين، فقد انجذبت الفتاة إليه، رغم انتمائها إلى أسرة ميسورة الحال نسبيا، وتقيم بالمدينة، إلا أنها اقتنعت بأن مستقبل حياتها لن يستقيم مع غير هذا الشاب الذي منحها كل العطف والحب، ووجدت فيه صفات الرجولة والصدق. لكن أمرا مستفزا طارئا عكر صفو هذه العلاقة؛ ففي الوقت الذي كان فيه العشيقان يتأهبان للزواج، إذا بوالدة الشاب ترفض زواج ابنها البكر من فتاة بعيدة عن الأسرة من الناحية الاجتماعية، وغريبة عن محيط القرية. حاول الشاب إقناع أمه بكل ما أوتي له من سبل الإقناع، من أجل عدولها عن قرارها والسماح له بالزواج بمن يرغب، لكن الأم ظلت مصرة على قرارها... ولكي تتمادى أكثر في رفضها، وضعته أما خيارين لا ثالث لهما: «إما الرضا أو السخط». طفح الكيل بالشاب، ولم يجد من حيلة لإقناع أمه بالتخلي عن قرارها... وخلال لحظة تصاعد الجدل بينهما، غلى الدم برأسه واستشاط غضبا، فرفع عصا كانت في يديه وهوى بها بكل قواه على رأس والدته، سقطت على إثرها صريعة في الحال. لم يفكر الشاب العشيق في عواقب ما نفذت يده، فانتابه الارتباك والفزع، وقرر إخفاء معالم الجريمة، مستغلا غياب والده وأشقائه في تلك اللحظة عن المنزل، وعدم إصدار الأم الهالكة صيحات الألم والاستغاثة قبيل وفاتها. حمل جثة أمه، ورماها في البئر، اعتقادا منه أنها الكيفية المثلى لإخفاء جريمته، لكن أفراد الأسرة سرعان ما تفطنوا إلى وجود لبس في اختفاء الأم. وخلال بحثهم عنها، تبين لهم، على الفور، أن أحد زوجي الحذاء الذي كانت تنتعله قبل وفاتها، كان مرميا قرب البئر، ما جعلهم يشكون في احتمال سقوطها به... بعد انتشالها وإخضاعها للتشريح الطبي تبين أن وفاتها كانت ناتجة عن تعرضها للضرب على رأسها. وبعد عملية تحقيق لم تستغرق طويلا، انهار الابن العاق أمام هول ما اقترفه، واعترف تلقائيا بجريمته. محمد الزوهري