ترتفع الأيدي لدفع هجوم غير مرئي في حالة، أو تنقبض الكف بإحكام في حالة ثانية لردع الإغارة قبل أن يحط المغير على الجلد. وفي ثالثة الحالات تسقط “خبطة” من الكف على جزء من الجسد رغبة في سحق المهاجم. حالات تتكرر خلال الأيام الأخيرة باستمرار، في الشوارع، كما في التجمعات، حيث يجلس بعض الأفراد متحلقين حول طاولة بمقهى شاطئي، ولكن حتى بعض الفضاءات البعيدة عن الشواطئ صارت مقصد لمثل هذه الهجومات. إنها حشرة «البعوض» التي يلقبها المغاربة ب “اشنيولة» تشن غاراتها خلال هذه الأيام لتمتص الدماء، مخلفة آثارها على الأجساد. وجدت هذه الحشرة الفرصة مواتية للتكاثر في الفترة الأخيرة، فغزت الكثير من المدن، خاصة الساحلية منها، وحتى بعض المناطق البعيدة عن الساحل، كان لها نصيب من غارات البعوض، الذي وجد في البرك المتخلفة عن الأمطار المتساقطة هذه السنة مرتعا للتكاثر والتناسل ما جعل أعداده تتزايد. وهكذا غزت “اشنيولة” فضاء كورنيش عين الذئاب، حيث يعمد مرتادو مقاهي ومطاعم هذا الفضاء إلى خوض “حرب” دفاعية ضد هذه الحشرة، دون نتيجة، فما أن يغادر كل واحد هذا الفضاء حتى يحمل معه آثارا لتورم جلدي بعد أن تغرز “البعوضة” إبرها في الجسد، محدثة ثقبا رقيقا تمتص عبره دم ضحيتها. وتشكل الأحواض المائية بغابة «سندباد» مرتعا خصبا لانتشار أعداد كثيرة من البعوض، حيث إن السعة الكبيرة لهذه الأحواض المتدفقة من عين تقع على مقربة من المكان تتيح تضخم أعداد البعوض، واختلاف أنواعه وأحجامه. لم يقتصر “غزو” البعوض للفضاءات الساحلية بكورنيش عين الذئاب والفضاءات المحيطة به، بل إن منطقة «حد السوالم» الخاضعة لعمالة اقليمبرشيد تعرف بدورها هجومات متواصلة لأسراب من حشرة “اشنيولة” بعد أن تفجرت جراء الأمطار التي شهدتها المنطقة خلال هذا الموسم، عيون كثيرة، كونت بركا عديدة ساهمت في تفقيس بيض هذه الحشرة على المياه الراكدة لهذه البرك، التي مازالت مياهها لم تتبخر. وحسب مصدر من حد السوالم، فإن «البلدية خصصت اعتمادا ماليا بلغ 15 ألف درهم لاقتناء المبيدات، وسوائل النظافة من أجل محاربة هذه الحشرة التي تكاثرت هذه السنة أعدادها. كما أنه إلى حدود مطلع صيف هذا العام تمت مداواة البرك والحشائش التي تغزوها حشرة البعوض ثلاث مرات، ما جعل حدة هجوماتها تخف، وإن لم يتم القضاء عليها بشكل نهائي». وكانت حشرة “اشنيولة” غزت كذلك منازل مدينة الدارالبيضاء مع انتهاء الفصل الربيعي وبداية موسم الصيف، ولم تستثن هذه الحشرة الأحياء الراقية ولا الأحياء الشعبية بالعاصمة الاقتصادية. ومع انطلاق موسم التخييم صيف 2011، الذي يفترض أن ينطلق يوم الاثنين رابع يوليوز القادم، تستعد هذه الحشرة لتنفيذ هجوماتها على الأطفال المخيمين الذين تقدر أعدادهم بالآلاف خلال كل مرحلة تخييمية، خاصة أن بعض مراكز التخييم من قبيل: مخيم الحوزية بمدينة آزمور القريب من مصب نهر أم الربيع والمحاط بنباتات كثيفة، ومخيم رأس الرمل بالعرائش، ومركز رأس الماء باقليم ايفران وسيدي رحال ببرشيد، وكذا مخيم القصيبة، لوقوعها تكون أكثر عرضة من غيرها لهجومات حشرة “اشنيولة” التي تترك آثارها جلية على أجساد الأطفال الصغار، في غياب عملية معالجة فضاءات هذه المراكز المحاطة بالأشجار، وبعض الوديان، ما يساهم في تضاعف أعداد البعوض، الذي يخلف ندوبا ودمامل، جراء قوة اللسعات التي يلجأ ضحاياها من الأطفال إلى حكها بقوة لتتحول إلى جروح، تظل عرضة للتعفن في بعض الحالات. يذكر أن مجلس مدينة الدارالبيضاء يخصص سنويا من ميزانيته مبلغ 270 مليون سنتيم تختص لمبيدات لمحاربة الحشرات، في الوقت الذي تلتهم فيه محاربة الفئران من ميزانية مجلس أكبر مدينة بالمغرب أزيد من 400 مليون سنتيم.