اختفت وحدة المساعدة الاجتماعية التي كانت تجوب بين الفينة والأخرى كورنيش عين الذئاب باالدارالبيضاء، فتركت المجال مفتوحا لمظاهر سلبية تستأثر باهتمام زائري الكورنيش. توارت عن الأنظار حملات رجال السلطة، وغاب قائد الملحقة الإدارية لعين الذئاب، لتطفو على السطح مناظر تؤلم الناظرين.. نساء في أوج الشباب، اقتعدن الأرض التي افترشن فوقها قطع أثواب خفيفة أو كارطون تهييئا لجلسات الاستجداء... قد لا يكون لهذه الصورة أدنى “تميز” عن مناطق أخرى، سواء بأحياء وشوارع البيضاء، أو بمدن مغربية غيرها. لكن المنظر الذي لا يفوت رواد الشاطئ التأكيد على أنه «خنجر يشق الصدور»، و«يؤلم القلوب»، منظر أطفال صغار في سن الزهور انتزعوا من أفرشة للنوم، قد لا تكون وثيرة في الغالب الأعم، لكنها تقع تحت أسقف بيوت غرف، تقي النائمين تقلبات الجو غير المأمونة العواقب. بكورنيش عين الذئاب يمكن أن تقع عين المتجول في ربوعه، على مشهد أطفال صغار ناموا ملء الجفون بالشارع أمام الأمهات أو بجانبهن، على قطع كارطون في ساعة متأخرة من الليل. فطيلة نهاية الأسبوع الماضي، ومع ارتفاع حرارة الجو، وارتفاع الإقبال على الكورنيش، الذي ازدحمت جنباته، حتى ضاقت بمرتاديه، كانت مناظر البؤس والاستجداء بالأطفال الذين حرموا من النوم في أفرشتهم، صورا تأبى أن تغادر هذا الفضاء السياحي بالبيضاء. على مقربة من حانة/ملهى، استندت سيدة ارتدت جلبابا أسود على حائط ملهى ليلي قريب. أمسكت في حضنها طفلا صغيرا، في الوقت الذي تمدد فيه آخر يكبره سنا على الأرض، متخذا من غطاء خفيف فراشا وغطاء، لا يلف جميع الجسد. كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل من يوم الجمعة الماضي، لكن أم الطفلين لم تشأ مغادرة المكان، متمسكة بالبقاء، لعل دريهمات إضافية تعزز “مدخول” اليوم من الاستجداء، دون أن تكترث لحاجة الطفلين للنوم والراحة. فبعد تعب الصغيرين خلدا للنوم رغم الصخب المرتفع من موسيقى الحانة.المطعم القريب من المكان الذي جلست فيه. لم تكن الوحيدة، فعلى بعد أمتار منها، استندت سيدة ثانية، على عمود للكهرباء، مقابل ل «نادي الأندية» في الجهة المقابلة من الشارع. استبد بها على عكس الأولى النوم، فغفت بعد أن أسندت رأسها على يدها، في الوقت الذي نام صغيرها بين حضنها ملء جفونه، فلم ترحم الأم نفسها، ولا أهدت لصغيرها لحظة من الراحة في فراش يقيه رطوبة جو يؤثر على الكبار، أما الصغار فإنهم يصابون بعد التعرض له بنوبات برد حادة، بعد أن تعم المكان موجة من ضباب الصيف المبشر بيوم قائظ بعد انصرام ظلام الليل. يغدو الجسد بعدها مبللا كأنه تعرض لمطر خفيف. ليس منظر الاستجداء وحده الذي يستدعي تدخل السلطات بعين الذئاب، بل إن أطفال صغارا، احترفوا استدرار عطف مرتادي الكورنيش، يتجولون بين السيارات، عند الإشارات الضوئية، بذريعة بيع الزهور أو العلك، لكن الأمر ينقلب إلى احتراف للتسول، دون أن تجد هذه المظاهر تدخلا من السلطات التي رفعت يدها عن المكان.