ما موقع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من قناة تمازيغت؟ وكيف تدبر هذه المؤسسة المسؤولة الأولى عن اللغة والثقافة الأمازيغية علاقتها مع هذا المنبر الذي يعد واجهة لإيصال صورة هذه الهوية بإيجابياتها وبسلبياتها؟ وما مستقبل العلاقة التي ستحكم هذين الجهازين اللذين يبقيان وجهان لعملة واحدة، خاصة في ظل الحراك وتوالي الأحداث التي تشهدها الساحة الوطنية منذ مدة؟ تساؤلات مشروعة نطرحها ويطرحها المهتمون بالشأن الأمازيغي على ضوء الفتور والتنافر الذي يسود هذه العلاقة والتي تلاحظ بشكل صارخ من جانب المعهد الملكي الذي بدأ يتنصل من مسؤوليته المعنوية والمادية في مواكبة هذا الجهاز الإعلامي العمومي. هذا علما أن المعهد الملكي ما فتئ يؤكد خلال فترة المخاض التي سبقت الخروج بتمازيغت إلى الوجود أنه ستكون بصمته واضحة في هذه القناة وأنه سيعمل على مواكبة ومصاحبة هذا المولود عبر المشاركة الفعالة في تحديد أهم المضامين الخاصة بمختلف البرامج التي ستبث على القناة، حتى تحط بأمان على السكة الصحيحة للمشهد السمعي البصري العمومي المغربي وبالطريقة التي ترضي الجميع. إلا أن كل ذلك ما لبث ليتضح أنه كان مجرد كلام و وعود واقتراحات لم تف بها المؤسسة الذي بدا واضحا أنها أخذت مسافة بينها وبين القناة التي قفلت سنتها الأولى دون أن تتضح معالم مساهمة المعهد لا في محتوى ولا في شكل توجه هذه القناة. وفي هذا السياق تساءل العديدون حول سر هذه اللامبالاة من قبل هذه المؤسسة أو بالأحرى من يقومون عليها؟ ومالذي استجد لكي يعيد المعهد نظره في التعامل الإيجابي واللامشروط مع تمازيغت التي كانت ستستفيد كثيرا من ما يقترحه المعهد على مستويات عدة؟ العديدون ذهبوا إلى أن مشهد الفتور والنفور لا يجد منبعه من القناة، بل هو قادم من اتجاه المعهد الذي لم يفتح أبواب الحوار الحقيقي والجاد والذي كان سيساهم بشكل كبير و مجدي في الدفع بمحتوى ما يقدم اليوم على تمازيغت. كما أن المعهد تخلف كثيرا في الوفاء بالتزاماته مع القناة، حين وضع في الكثير من الأحيان، حسب بعض مصادر من تمازيغت، في حرج أو كادت بعض الفقرات تؤجل حين يعمد من تتصل بهم القناة وفي آخر لحظة إلى إغلاق هواتفهم، حيث إن منهم من لا يأتي إلى القناة بعد الاتفاق معهم وبعضهم يتهرب من النقاش تحت ذريعة أن الموضوع ليس من تخصصه أو أنه يحتاج إلى موافقة من العميد. وهنا نستحضر خرجة عميد ليركام قبل فترة من الآن، أصدر خلالها انتقادات صريحة وصف فيها البرامج وما يبث يوميا بالسطحي والضعيف، حيث قال إذاك بأن البرامج الخاصة بالشأن الثقافي والفني بالضعيفة، والتي تكتفي بملامسة سطحية للظواهر الثقافية والفنية، إضافة إلى أنها قلما تستضيف ذوي الاختصاص... كما ذهب العديدون إلى أن صدر تمازيغت ظل دائما يتسع بشكل لا يشوبه الشك بخصوص آليات التعاون مع ليركام. تعاون شمل بعض الاقتراحات التي كانت قدمتها تمازيغت في اجتماعات رسمية مع العميد بخصوص برامج تعليمية وتربوية يتولى المعهد الإشراف عليها ورسم معالمها، فيما تتولى القناة تقديمها على شاشتها لكي تعمم الفائدة في هذا المجال الذي ظل نقطة سوداء إلى حدود اليوم في المدارس والمؤسسات التعليمية رغم مرور سنوات طويلة على اعتماد الكتاب المدرسي الأمازيغي. يمكن للمعهد أن يطور أداءه بشكل كبير ويطور أساسا علاقته مع هذا المنبر الإعلامي حتى تكتمل صورة المشهد الإعلامي الأمازيغي ويعطي الإضافة المرجوة. وهذا أمر ليس بعزيز على المعهد يكفي فقط أن تتوفر الإرادة الحقيقية لذلك والترفع عن بعض الحزازات التي ربما أنها هي التي تتحكم في الكثير من جوانب هذه العلاقة الفاترة التي لا تخدم بالمحصلة الأداء العام لهذين الجهازين اللذين كانا ثمرة لمجهودات ونضالات مضنية ولتضحيات استجاب لها المسؤولون المغاربة بعد عقود. كما أن الوقت يستدعي أكثر من ذي قبل هذه النهضة بين الجهازين، خاصة ونحن مقبلون على مرحلة مفصلية حقيقية وتاريخية بكل المقاييس تهم الشأن الأمازيغي في أكبر تجلياته. فالترسيم المرتقب للمكون الأمازيغي، والذي وقع عليه إجماع شبه كلي، يستوجب تضافر كل الجهود حتى يرفع من قيمة الهوية والثقافة الأمازيغية. ليركام من جانبها كمؤسسة أكاديمية للبحث والدراسة، وقناة تمازيغت لتصريف مختلف هذه الأبحاث وتقديمها عبر الصوت والصورة للمواطن المغربي الذي يبقى هو الهدف والمنتهى في أي شيء يزعم من يشتغل في حقل المسؤولية عن الأمازيغية أنه يقدم له ما يحتاجه من إضافة.