الندوة التي أراد أصحابها الخروج بتوصيات تنير الطريق إلى تغيير الممارسة السياسية وترصد معالم المشاريع المجتمعية للتشكيلات السياسية المشاركة تحولت، تحت تبرير التحليل العلمي، إلى حلبة تبادل فيها المشاركون مجموعة الرسائل و الرسائل المضادة.هل بإمكان الدينامية الحالية أن تقود المشهد الحزبي نحو التغير المنشود ؟، ماهي طبيعة هذا التغيير ؟، ثم هل بإمكان الأحزاب السياسية أن تفرز منظورا واضحا لما ينبغي أن يكون عليه المجتمع ؟، أسئلة طرحها، مساء الجمعة الماضي مركز الحسن اليوسي للدراسات و الأبحات السياسية على مجموعة من الفاعلين السياسيين كلمة حسن بنعدي رئيس المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، التي اعتبر من خلالها أن إرادة التغييرلدى الفاعلين السياسيين تمثل الطريق الأنسب لتجاوز التقلبات السياسية، قوبلت بالكثير من الاحتجاج خاصة عندما أوضح في معرض تناوله لمراحل من تاريخ العمل الحزبي بأن المغرب لم يعرف أحزابا بالمفهوم الحقيقي للكلمة «كل ما كان هي مجموعة من الحركات الإجتماعية«. احتجاجات بلغت ذروتها عندما استنتج بنعدي أنه « من المتسحيل أن يكون بالمغرب يمين ويسار»، طلب عندها الحبيب المالكي، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، كلمة عبر فيها عن رفضه « لمثل هذا الخطاب الذي لايساعد على جلب المواطنين نحو صناديق الاقتراع، معتبرا أن طرح بنعدي يدخل ضمن أسلوب الخلط الذي أطر التحالفات خلال الانتخابات الجماعية السابقة. لم تستسغ عائشة القرش، ما جاء على لسان محمد أوجار عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار، عندما وصف الأحزاب ب« الدكاكين السياسية التي لا تفتح أبوابها إلا في موسم الإنتخابات». بصوت عال لا تختلو نبراته من غضب تقول القرش عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية» قبل أن نصدر مثل هذه الأحكام يجب أن نكون على علم بحقيقة الأمور» ، معبرة عن ضرورة الاشتغال بجدية على مجموعة من المشاريع للمساهمة في تطوير الممارسة السياسية بالمغرب، كمراجعة نمط الاقتراع وتأطير المواطنين والتجديد في أساليب العمل، كما أشارت إلى ضرورة عودة الأحزاب إلى التأطير بالنظر لأهميته. وإن كانت لا تدخل ضمن برنامج الندوة فقد أبى البعض إلا أن يمرر رسائل من طبيعة مغايرة عكست حدة الصراعات داخل بعض التشكيلات السياسية، المحجوبي أحرضان، رئيس الحركة الشعبية ورغم أنه لم يكن من بين الجالسين في المنصة الرسمية، على اعتبار أن حزبه كان ممثلا بالأمين العام امحند العنصر، أخذ كلمة بين جمهور الحاضرين وجه من خلالها انتقادا شديد اللهجة للمطالبين بمغادرته « لي هازني فوق كتافو ينزلني» يقول أحرضان في إشارة صريحة منه إلى تشبثه بالبقاء على رأس الحركة. امحند العنصر، أمين عام الحركة الشعبية تحاشى، من جهته الخوض في الشؤون الداخلية لحزبه واقتصر في تدخله على الالتزام ببرنامج الندوة، معتبرا أن تغيير المشهد الحزبي ومحاربة البلقنة وبناء تحالفات متجانسة في شكل أقطاب «لا يمكن أن يتم دون إصلاحات سياسية وقانونية تؤطر مجال العمل الحزبي الانتخابي ». إصلاحات اعتبر لحسن الداودي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة و التنمية، أن من شأنها أن تساعد المشهد السياسي الراهن على تجاوزه الضبابية التي تطبعه، داعيا إلى القطع مع الممارسات التي تمس جوهر العملية الإنتخابية مع إعادة النظر في بعض بنود قانون الانتخابات، كما ألح على ضرورة تحمل الأحزاب لمسؤوليتها في منح التزكيات وفي متابعة عمل المنتخبين داخل المجالس