كانت فضاءات حي البديع بمراكش،على موعد مساء أول أمس الأربعاء مع مشهد مريع، ذهبت ضحيته طفلة لازالت تخطو أولى خطواتها في دروب الحياة القاسية. كانت عقارب الساعة تشير إلى الرابعة من مساء اليوم المذكور، حين كانت أسرة مكونة من امرأة أجنبية وزوجها المغربي، يقتعدان طاولة بإحدى المقاهي المبثوثة على طول حي البديع، فيما انصرفت طفلتاهما( 2 و4 سنوات) لاقتناص فترة لعب ولهو أمامهما بعتبات الفضاء الممتد أمام المقهى. لحظة استرخاء عائلية، ستنتهي بفصول مأساة، حين عكر صفو الشارع ظهور شخص بمظهر الموغل في البدائية والتشرد، وتظهر عليه تقاسيم الخلل وعدم الاتزان العقلي، كان المعني يحث الخطى تجاه الصغيرتين دون أن يثير أي مظاهر للريبة والقلق. بمجرد ما أصبح بمحاذاتهما، سيفاجىء الجميع وبطريقة غير مفهومة، بإشهار شفرة حلاقة كان يشد عليها بقوة، ويتوجه بنصلها الحاد صوب عنق الفتاة ذات الأربع سنوات ويقوم بذبحها ذبح الشاة، ليتركها غارقة في دمائها، فيما الصبية عاجزة عن استيعاب الموقف وما تعرضت له من فصول اعتداء شنيع. في هذه اللحظة انتبهت الأم لمصاب صغيرتها، فأطلقت صرخة مدوية أيقظت انتباه الجميع، ليسارع العديد من المواطنين بمحاصرة الجاني وشل حركته،مع نزع أداة الجريمة، فيما سارعت الأم وزوجها وهما في حالة ارتباك وهلع شديدين،بإحاطة عنق الصغيرة ببعض المناديل في محاولة لإيقاف النزيف،ومن ثمة الارتماء في حضن سيارتهما والانطلاق في اتجاه أقرب مصحة، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه،وإبعاد الصغيرة عن دائرة الخطر المحدق. سارع المواطنون بربط الاتصال بالمصالح الأمنية،التي عملت عناصرها على توقيف الجاني الذي تأكد معاناته من خلل عقلي، فيما انفتحت التعاليق على سيل من الانتقادات والاحتجاجات على واقع التسيب والفوضى،التي باتت تئن تحت وطأتها فضاءات هذا الحي،الذي يصنف ضمن أرقى الأحياء بمنطقة الداوديات. تعاليق كشفت عن جملة من الحقائق الصادمة، من قبيل إقدام العديد من الأشخاص الذين يتحركون تحت أقنعة الطلبة على نشر ذيول اعتداءاتهم بعموم فضاءات الحي، ويفرضون أتاوات على أصحاب المقاهي والمحلات التجارية دون رادع أو وازع. السرقة واعتراض طريق المارة، وانتشار ظاهرة التحرش بالفتيات، مع غزو جيوش من الهامشيين والمتشردين، أصبحت من المميزات التي تسم الحي بميسمها، دون أن تنجح سلسلة الشكايات التي تقدمت بها الساكنة في أكثر من مناسبة للجهات المعنية في وقف نزيف هذه التطاولات، قبل أن تتطور الأمور وتنتهي بذبح طفلة صغيرة، وتقديم دمائها كقربان على مذبح هذه المشاهد التي باتت ترخي بظلالها على عموم الساكنة. إسماعيل احريملة