لم تفارق ذهن «بلعيد» وهو فاعل جمعوي وحقوقي الحادثة الأليمة التي لحقت بعائلة رجل تعليم بنواحي بومالن دادس منذ شهور حيث لقي على إثرها إبن هذا الأخير وكان تلميذا نجيبا وفي مقتبل العمرحتفه في ظروف مأساوية، غيرت مجرى حياة الأسرة بعد فقدان أحد أفرداها بشكل مجاني في حرب غير معلنة بطرق المنطقة. لكن الضرر النفسي والمعنوي سيتعمق أكثر نتيجة المسار غير الطبيعي الذي اتخذه ملف الحادثة، والتعويض الهزيل لحجم الضرر، بعد صراع طويل في ردهات المحاكم ، ومكتب المحامي، ومؤسسات التأمين.. حادث جعل بلعيد وهو من أعضاء اللجنة التحضيرية للجمعية وعدد من زملائه من حقوقيين ونقابيين إلى التفكير في مصير المئات من ضحايا حوادث السير وملفاتهم، التي تحولت إلى مصدر للإغتناء غير المشروع، واستغلال لأوضاع الفئات المتضررة، والسطو على تعويضاتهم، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال التصرف في ودائعهم. فإلى جانب الوقوف في وجه مافيا نهب المال العام بالطرق ” القانونية” والمتمثلة في شركات التأمين التي تستفيذ بشكل مخيف من هزالة التعويضات الممنوحة لضحايا حوادث السير المشار اليها في القوانين المكيفة لهذا الغرض، فإن الإطار الجديد، المفتوح أمام فعاليات حقوقية وجمعوية، ومواطنين من مختلف مناطق المغرب (مكناسالرباط، تطوان، القنيطرة، ورزازات، وتنغير...) سيسعى وحسب مشروع القانون الأساسي إلى « رد الاعتبار لقيمة الحياة، والدعوة إلى إعادة النظر في التشريعات المؤطرة للتعويضات وانصاف أسر الضحايا من خلال مدونة السير، وباقي قوانين التأمين». كما ستقوم كذلك ب«التحسيس بمسؤولية كافة الجهات، وطرق كافة الأبواب للمطالبة بالاحصائيات، ومصير الملفات المعروضة أمام القضاء، ومدى احترامها للمساطر والقوانين المعمول بها في هذا الإطار». وستضطلع الجمعية علاوة على تعرية السياسة الرسمية المتبعة في التشريع غير العادل في موضوع التعويضات عن حوادث السير التي تعتبر سياسة ريعية تدخل في مجال نهب المال العام واحتقار قيمة المواطن المغربي، وبالتالي قيمة الحياة كحق مقدس، إلى رد الاعتبار له من خلال ما ستسطره من نضالات، وتحركات ميدانية الى جانب الغيورين والفعاليات المهتمة. ولكون تقديم المساعدة الطبية، وانقاذ أرواح الضحايا من الأولويات في التخفيف من آثار الحوادث في الطرقات، فإن الإطار الجديد الذي سيرى النور في الأسبوع المقبل ببومالدن دادس وسيحمل اسم « نعيم » سيطالب بالرفع من مستوى الخدمات الصحية وتوفير المرافق الصحية، والمستشفيات بعدة مناطق مع ضرورة الاهتمام بالبنية التحتية والتجهيزات الضرورية وسد الخصاص في الكفاءات المنوط بها علاج المصابين في عدة مستشفيات بربوع الوطن اذ بأخطائها تذهب ارواح العديد من المصابين كما أن إهمال مرفق النقل و البنيات التحتية الطرقية يساهم هو الآخر في الحصيلة الثقيلة لحوادث السير.