في أعداد سابقة من «الأحداث المغربية» نشرنا مجموعة من الاستطلاعات عن أوضاع بئيسة لمواطنين يقطنون في أحياء صفيحية مهينة للكرامة الآدمية. أطفال وشيب وشباب ينامون على مقربة من المراحيض. نساء ورجال يقطنون في ما يشبه المغارات والغيتوهات. نفايات وأزبال ومياه راكدة نثنة تحيط بالمساكن، وغيرها من الصور التي تخدش صورة مغرب القرن الواحد والعشرين. مدينة الدارالبيضاء،التي نسوقها سياحيا من خلال صور المارينا والتوين وبأشكال غاية في الرقي والتقدم،هي نفس الدارالبيضاء البؤس والفقر و«الحكرة». التناقض الصارخ بين مستويات من العيش هو نفسه التناقض الذي يسود التعامل مع إشكالاتها. بعيدا عن المشاكل الكبرى الأخرى في الدارالبيضاء،إن على مستوى النقل والتنقل أو الأمن، يبقى مشكل السكن القنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في أية لحظة. لقد حاول المسؤولون إيجاد حلول لمعضلة أحياء الصفيح،التي شجعها هي الأخرى مسؤولون في المدينة لغايات انتخابية، لكن هذه الحلول سوف تصبح معضلة عويصة في القادم من السنوات. لقد عمل المسؤولون على هدم دور صفيح ومكنوا أصحابها من بقع أرضية في هوامش المدينة، وهكذا تم هدم صفيح، وبناء غيتوهات بالإسمنت بنفس سمات أحياء الصفيح. انصب التفكير على تخليص الواجهات من الصفيح، لكن لم يتم التفكير في المعضلة التي يمكن أن يشكلها البناء الإسمنتي الصفيحي الجديد. لم يفكر المسؤولون في ما يعنيه خلق تجمعات سكنية كبيرة لأحياء صفيحية عديدة، دون التفكير في ما يتطلب ذلك من مرافق تربوية وأمنية وشروط تمدن لائقة. وهنا ستواجه البيضاء في القادم من الأيام أخطر مما كانت تفرخه دواوير صفيحية متفرقة. هل فات الأوان لتدارك هذه المعضلة الجديدة التي تفيد قصر النظر؟ هوسؤال يتطلب إجابات مستعجلة،لكن ببعد نظر…