صادرات السلع والخدمات التي طالما شكلت مصدر إزعاج للاقتصاد المغربي، باتت تطل من جديد على نافذة الأحداث. لكن هذه المرة ليس من الجانب التشاؤمي، الذي لا تقوى من خلاله على مواجهة منافسة جارفة قادمة من بلدان أخرى، وغير قادرة على اتباع مبدأ التنوع لولوج أسواق أخرى، بل ستظهر بأنها قادرة بالأساس على قيادة نمو اقتصادي مريح.هكذا كانت الأرقام والخلاصات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، عندما قامت بإعداد الحسابات الوطنية للعام الماضي. فالاقتصاد الوطني شهد نموا في حدود 3,7 في المائة في العام الماضي. رقم يظهر تحسن أحوال الاقتصاد الوطني خلال الأشواط الأخيرة للسنة المنقضية، رغم أن الظروف لم تكن مواتية، فيما توقعات المندوبية صبت في السابق في اتجاه نمو أقل من المحقق بحوالي 0,5 نقطة. في الأساس يبدو النمو الاقتصادي المسجل، ناتجا بشكل أساسي عن تحسن صادرات السلع والخدمات التي سجلت ارتفاعا بالحجم في العام الماضي بنسبة 16,3 في المائة، عوض انخفاض بحوالي 14,8في المائة في العام قبل الماضي، مما أدى إلى ارتفاع مساهمتها في النمو الاقتصادي بما يعادل 4,7 نقطة. في حين لم تتطور الواردات من السلع والخدمات سوى بنسبة 3,3 في المائة سنة 2010، عوض انخفاض بنسبة 6 في المائة السنة قبل الماضية، مساهمة بذلك في تحسن رصيد الحساب الجاري لميزان الأداءات نسبة إلى الناتج الداخلي الإجمالي الذي انتقل من ناقص 5,4 في المائة إلى ناقص 4,3 في المائة في العام الماضي. معدل النمو الاقتصادي المسجل يجد تفسيره أيضا في الزيادة المحققة على مستوى القيمة المضافة للقطاعات غير الفلاحية بحوالي 2,4 في المائة. رقم وإن تقلص بالمقارنة مع العام قبل الماضي، والذي استقر في حدود 8 في المائة، فقد ساهم بشكل لافت في النمو المسجل، في ظرفية شهدت فيها القيمة المضافة الفلاحية انخفاضا في العام الماضي بنسبة 1,6 في المائة، بعد الارتفاع المسجل في العام قبل الماضي بحوالي 30,4 في المائة، نتيجة محصول زراعي قياسي فاق 102 ملايين قنطار من الحبوب. ارتفاع الضرائب على المنتوجات الصافية من الإعانات بنسبة 6,7 في المائة مقابل 4,6 في المائة السنة قبل الماضية، ساهم بدوره في تحقيق معدل النمو الاقتصادي المذكور. لذلك ارتفع الناتج الداخلي الإجمالي غير الفلاحي في العام الماضي بنسبة 4,5 في المائة مقابل 1,2 في المائة سنة قبل ذلك. الدخل الوطني الإجمالي المتاح ارتفع في العام الماضي إلى 806,9 مليار درهم، مسجلا بذلك تحسنا نسبته 4,4 في المائة، مقابل 3,7 في المائة في السنة قبل الماضية. هذا التطور يعزى إلى ارتفاع صافي الدخل من بقية العالم نتيجة انتعاش تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، حيث ازدادت هذه الأخيرة بنسبة 7,8 في المائة سنة 2010، عوض انخفاض بنسبة 5,4 في المائة سنة 2009. على أن البلد يعول مجددا خلال العام الحالي على تحسن في أداء قطاعه الفلاحي ومواصلة الانتعاش على مستوى القطاعات غير الفلاحية، فيما تبدو مداخيل البلد من تحويلات المهاجرين بالخارج والسياحة والاستثمارات الأجنبية، بأهمية كبرى لتحقيق التوازن المنشود.