ونحن نستعد، بلا شغف، لاستقبال النسخة الثانية من حكومة ابن كيران، لا بد من الوقوف على ما بات يعرف بأزمة وزارة الاقتصاد والمالية، التي قيل إنها سبب تأخر الحكومة، والتي اختلف حولها عبدالاله ابن كيران وحليفه الجديد بعد شباط صلاح الدين مزوار. كنا نعتقد أن الحليفين اللذين يتباحثان بجدية لتشكيل الحكومة، يدافع كل منهما على مشروعه وبرنامجه وتصوره لهذه الوزارة التي تعتبر من الحقائب المهمة والأساسية في حكومات الدول الديموقراطية. الأمر للأسف لم يكن كذلك، بل فقط كانت له علاقة بحسابات قديمة خلال فترة التنابز بين الحليفين، بسبب البريمات التي دخلت جيب صلاح الدين مزوار أثناء حيازته لحقيبة المالية. ابن كيران قال حينها أنه لا يرضيه أن يعمل إلى جانب مزوار وكذلك أقسم زملاؤه في الحزب، أما مزوار فكان قد صرح بأنه سيكون من باب الضحك على المغاربة أن يتحالف مع حزب العدالة والتنمية الذي لا تجمعه به أي روابط فكرية وإيديولوجية ناهيك عن وجود اختلافات سياسية عميقة. المهم وبعد أن هبت الرياح بما تشتهيه السفن صار كل طرف متمسك بوزارة الاقتصاد والمالية أكثر من تمسك جحا بمسماره، فقط لأن كل واحد منهما أقسم ويخاف اليوم أن يحنت! المصيبة هي أن من يشاهد ابن كيران ومزوار يتنافسان حول الوزارة المذكورة يعتقد أن هذه الوزارة هي المفتاح السحري لكل مشاكل البلاد، في حين أن دورها ينحصر ببلادنا في جمع الضرائب وتوزيعها على القطاعات وأداء أجور الموظفين، وهو عمل ميكانيكي لا يحتاج إلى اجتهاد أو إبداع أو قوة خارقة، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى وزارة قوية قادرة على خلق حلول ناجعة للخروج من الأزمة، وتسريع عجلة النمو، وليس وزارة تتأخر خطوتين كلما تقدمت بخطوة مترددة.