في بيت قروي هادئ، وبعد يوم من اللعب والمرح ملأت به أزقة دوار "الصخيرة" بجماعة بني كلة القروية، ضجيجا وشغبا طفوليا، كانت هناك طفلة تبلغ من العمر عشرة سنوات تخلد لنوم في بطن ليل قائظ، تسللت عقرب سامة إلى فراش الصغيرة لتتقاسمه معها عوض دمية ناعمة. وفي لحظة كان فيها الكل نيام وجهت العقرب الغادرة أربع لسعات متتالية وسامة للطفلة، التي تعالى صراخها بشكل مفاجئ ليملأ كل أركان البيت، وهي تستغيث بوالديها اللذان أفزعهم وأرعبهم ذلك الصياح، الذي حاولوا معرفة سببه عبر تفتيش فراش الطفلة التي كان الألم يعتصر جسمها، فوجدوا العقرب السامة. و أمام عدم وجود أي تدخل الطبي في تلك اللحظات، اعتمد والداي الطفلة على الإسعافات التقليدية من أجل إخراج السم من جسدها إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل، ليعملوا على نقلها إلى مستشفى أبو القاسم الزهراوي بوزان من أجل تقديم الإسعافات الضرورية وإنقاذ حياة الطفلة، التي كانت في خطر، لكن وعند الوصول إلى قسم المستعجلات سيخيب أمل الوالدين في إخراج سم العقرب الذي كان يجتاح جسم الطفلة في تلك اللحظات بسبب غياب التجهيزات لمثل هذه الحالات، حسب جواب طبيب قسم المستعجلات، الذي أحالهم على المستشفى الجهوي بالقنيطرة، وهناك ستبدأ رحلة البحث عن أمل من أجل إنقاذ حياة الطفلة. ومع طول مسافة الطريق كان ذلك الأمل يتلاشى لتفارق الطفلة الحياة قبل وصولها إلى المستشفى، لتنضاف تلك الطفلة ضحية لسعات العقارب وانعدام الإمكانيات الطبية، إلى اللائحة الطويلة من الموتى الضحايا بإقليموزان، الذين غادروا الحياة نتيجة انعدام التجهيزات الصحية والخصاص في اللأطر الطبية. موت هذه الطفلة بسبب لسعات عقرب وعدم تلقيها الإسعافات الطبية بالمستشفى الإقليميبوزان، يعري عن واقع الخصاص المهول الذي يعانيه المستشفى، والإهمال الكبير الذي يتلقاه المرضى والمصابين بإقليموزان. فأين هو نصيب إقليموزان من الاستراتيجية الوطنية لمحاربة سم العقارب، الذي أعلنتها وزارة الصحة بداية موسم الصيف، الذي تكثر فيه هذه الإصابات بمجموعة من الأقاليم، وعلى رأسها إقليموزان الذي يخلف كل سنة عدد من الضحايا خاصة من الأطفال.