القنيطرة : رشيد زرقي أجواء من الحزن خيمت صباح الأربعاء الماضي على حي " فال فلوري" بالقنيطرة، وبالضبط بزقاق مسدود على مستوى شارع حمان الفطواكي قرب المسبح المغطى، حيث تقع الفيلا التي كانت مسرحا للجريمة التي نفذها ابن في حق والديه. كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة صباحا، عندما انتشر خبر الجريمة بكل أرجاء مدينة القنيطرة. أفواج من المواطنين بدأت تصل إلى الحي وأنظارهم مشدودة نحو الفيلا المذكورة محاولين استقصاء الأخبار عما حدث بالفعل، في الوقت الذي كانت فيه عناصر الشرطة تمنع الناس من ولوج الزنقة أو الاقتراب من مسرح الجريمة. داخل الفيلا التي تقع في حي راق وهادئ، كان أفراد الشرطة القضائية وخبراء الشرطة التقنية والعلمية، يجمعون المعطيات بعد معاينتهم لجثتي الضحيتين، حيث اكتشفوا جثة الأب في غرفة بالفيلا وهي مضرجة في الدماء على إثر تعرضه لإصابات بليغة بواسطة آلة حادة على مستوى الرأس والوجه؛ في حين عثر على الأم وهي جثة هامدة ممددة ببهو الفيلا بعد أن تلقت ضربات قاتلة على مستوى الرأس. كان أحد أبناء الضحيتين الذي يعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة هو أول من علم بخبر الجريمة التي استهدفت والديه من طرف شقيقه، حيث يحكي مصدر مطلع أن الجاني مباشرة بعد تنفيذه للجريمة، استقل سيارة أجرة صغيرة من قرب "سويقة ‘لا فيلوت"، وتوجه على التو نحو أحد المقاهي المشهورة بشارع محمد الخامس رفقة بنت أخته التي لا يتجاوز عمرها ثلاث سنوات. وبمجرد ما انتهى من ارتشاف فنجان قهوة، اتصل هاتفيا بشقيقه بالإمارات قائلا له "راني قتلت مي وبا"، ثم قطع الاتصال، وترك شقيقه غير مصدق لهذا الخبر الصادم الذي نزل عليه كالصاعقة. يفيد المصدر السابق أن شقيق المتهم، اضطر بدوره للاتصال على الفور بأحد أصدقائه بالقنيطرة الذي ذهب على عجل إلى منزل أسرته للاطلاع على حقيقة الأمر، فكانت صدمة الصديق قوية عندما اكتشف أن الجريمة وقعت بالفعل، فسارع إلى الاتصال بصديقه وتأكيد وقوع الجريمة، قبل أن يبلغ مصالح الأمن بالحادث. اعتقل أفراد الأمن الابن المتهم بقتل والديه، وخلصوا منه بنت شقيقته ذات الثلاث سنوات، والتي كانت الشاهدة الوحيدة على تفاصيل الجريمة التي ارتكبها خالها في حق جدها وجدتها، حيث كانت الطفلة تعيش معهما، ومن حسن حظها أن خالها الذي كان يحبها حسب رواية معارف العائلة، لم تمتد يده الملطخة بالدماء إليها. يروي أحد جيران العائلة أن المتهم يعاني منذ سنين من نوبات عصبية، وكان يتابع العلاج عبر تناول الأدوية وخصوصا تلك التي تقاوم الهلوسة والهيجان، وكان يدخل من حين لآخر في شجار مع والديه، لكن سكان الحي لم يتوقعوا أن المرض النفسي سيدفعه في يوم من الأيام إلى ارتكاب هذه الجريمة البشعة. مصدر آخر قال للجريدة إن الابن انقطع في الأيام الأخيرة عن استعمال الدواء بسبب فقدانه من الصيدليات. الأمر الذي تسبب له في اضطرابات نفسية، وجعله يدخل في شجار متواصل مع والديه. نفس المصدر أكد أن والدته كانت تريد نقل ابنها إلى مستشفى الأمراض العقلية، لكن والده المتقاعد والبالغ من العمر 76 سنة، كان يعترض على الأمر حبا في ابنه، مفضلا أن يظل تحت المراقبة ببيت الأسرة. أحد أقرباء الأسرة المكلومة يحكي أن الابن عاش مدللا من طرف والديه، خاصة والدته التي كانت تعمل إطارا في إحدى الشركات الخاصة قبل أن تتقاعد، وكانت ، يقول نفس المصدر، تبذل الغالي والنفيس في سبيل إسعاد ابنها للتخفيف من آلامه ومعاناته النفسية. " كانت العائلة ديالو مهلية فيه بالفلوس والحوايج وكان أنيق وكيلبس مزيان وخوتو كانو مهليين فيه وكيعاملوه مزيان و ما كان خاصو والو"، يقول شاب يعرف الابن وعاشره في طفولته. شخص آخر يقول عن المتهم إنه "يمارس الرياضة ويعشق فريق البارصا ويتوفر على بنية جسمانية قوية، وداخل سوق راسو، مرة يرشق ليه يقول ليك السلام ومرة ما يقولهاش ليك، حتى في القهوة كان كيريح بوحدو ما كيهدر حتى مع واحد" . شخص آخر يؤكد أن مرتكب الجريمة في حق أبويه كان يتمتع بأخلاق حميدة وسط سكان الحي ولم يكن عدوانيا، مفيدا في نفس الوقت أنه كان تلميذا مجتهدا ومتفوقا في دراسته، وقد نال شهادة الباكلوريا والتحق بالجامعة حيث كان يدرس العلوم الاقتصادية قبل أن يضطره المرض إلى التوقف عن الدراسة.