يتهم المجتمع الابن الذي يرفع دعوى قضائية ضد والده للحجر عليه والتصرف في ممتلكاته، خوفا عليه من تبذير ماله، بالشخص العاق لوالديه، بالرغم من كون القانون والدين يمنحانه الحق في اللجوء إلى هذا الحل، في حال عدم وجود حل آخر عن طريق النقاش والحوار. الأستاذ عبد الباري الزمزمي يوضح هنا حكم الدين في هذا الأمر ومشروعيته. الحجر مشروع للإنسان بنص قرآني فقد قال الله تعالى «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما» وإذا كان الأب لا يحسن التصرف في المال، وينفق الكثير من النفقات فيما لا طائل من ورائه، ويعطي ماله لمن لا يستحق، طبعا فمال الآباء هو مال الأولاد ينتقل إليهم بالوراثة فإذا كان الأب يسيء التصرف في المال ويبدده يمينا وشمالا يبقى من حق الأولاد إذا شاؤوا أن يحجروا على والدهم، لأن رفع المشاكل بين الآباء، والأبناء إلى القضاء لا يعد من العقوق شريعة، وإن كان في العرف قد يكون أمرا ثقيلا ومكروها عند الآباء ولكن من الناحية الشرعية إذا لم يكن هناك من وسيلة لحل المشاكل بينهم إلا باللجوء إلى القضاء فهو أمر مقبول ما لم يكن فيه سجن للأب أو للأم وإذا كان فيه سجن فسيكون نوعا من العقوق. والحجر فيه صيانة وحماية حتى للأب نفسه لأنه هو المتضرر الأول من تبذير أمواله في أمور لا نفع منها وفي هذه الحالة لا ضرر عليهم من الحجر على آبائهم شريطة توفير مطالبهم وحاجاتهم الضرورية. والحجر من حق الأقارب الورثة وحتى الزوجة إن كانت ترى أن الزوج يضيع ماله فلها أن تحجر عليه لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال في حديث شريف «إن الله كره القيل والقال وتضييع المال وكثرة السؤال» لأن المال وإن كان في يد شخص فهو في الحقيقة من حق المجتمع كله ينتفع به والإنسان هو مؤتمن عليه يعني لا حق له بالتصرف فيه كما يشاء بالتبذير والإسراف وإضاعته في غير منفعة، لذلك من حق الأقارب أن يحجروا على صاحب المال إذا كان سفيها ولا يحسن التصرف فيه حماية لماله. والحجر لا يعني نزع الملكية لأن هذا الأخير غير مقبول ويعتبر ظلما وعقوقا وسرقة للمال بغير حق، لأن الحجر هو فقط توقيف تصرف المحجور عليه في ممتلكاته مع تمتيعه بما يكفيه من مال إلى أن يأتي من يستحقه من ورثته، أو يعود إلى رشده ويحسن التصرف فيه . (*) رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل وعضو مجلس النواب عن حزب النهضة والفضيلة