ضحايا الزيوت المسمومة بالمغرب.. أو بالأحرى المتبقون من الكارثة الغذائية الأشد فتكا في تاريخ المغرب الحديث، كان عددهم يتجاوز العشرين ألفا، لم يتبق منهم حاليا إلا المئات، يتوزعون في عدد من المدن، مكناس، سيدي سليمان، سيدي قاسمالخميسات..إلخ، يصارعون في صمت رزنامة من الأمراض المزمنة الناتجة عن تناولهم للزيوت المسمومة، معظهم في خريف عمرهم يتطلعون بأسى ومرارة إلى إنصاف ظل متأخرا وجبر للضرر قائم تجاوز نصف قرن من الزمن .. دون أن يرى النور إلى اليوم.. «إنهم لايتذكرون الشئ الكثير عن الكارثة، ليس لأنهم لايرغبون في ذلك، بل لأن ذاكرتهم بكل بساطة قد أصابها (التلف) ونخرها المرض، فمعظمهم مصاب بمرض الزهايمر.. أو النسيان.. وفقدان القدرة على الكلام والحركة». هكذا وصف عبد الحق الكلم أحد الضحايا وهو نائب رئيس العصبة المغربية لضحايا الزيوت المسمومة بالمغرب، حالة العشرات من المصابين بالعاصمة الإسماعيلية، بينما كان يساعد البعض منهم في سرد قصة وظروف تسممهم، دون أن تفارق تصريحاته نبرة من الغضب الشديد، للمصير المأساوي للمتبقين من الكارثة التي ما زالت تداعياتها مستمرة لحد الآن. داخل منزله بحي برج مولاي عمر بمكناس كان «أحمد الحطيب» الذي شارف على إتمام عقده السابع، يجد صعوبة في تحريك أطرافه، أو النهوض من مكانه. بملامح متعبة، ونظرات تائهة، كان يحاول جاهدا استعادة جزء من تفاصيل الكارثة « تسلفات مرتي كاس ديالزيت من عند الجيران، وقلات بيه الفلفلة.. هاذ الزيت ديال «لاروي »، طلع الكشكوكة فالمقلة، ملي كليت الفلفلة أنا ومرتي وأختي، مباشرة بدات الرغوة كتخرج لينا من فمنا، وايدينا ورجلينا تلواو..». توقف أحمد عن الكلام، متعبا، يسترجع أنفاسه بصعوبة، تدخلت في تلك اللحظة ابنته التي تجاوزت عقدها الرابع، لتكمل حديث الأب المسجى في زاوية الغرفة. كانت من الناجيات من الكارثة بأعجوبة، في ذلك اليوم الأسود، فهي لم تتناول الوجبة المسمومة، لكنها كانت من حين لآخر تعين والدها لكي يستعيد شريط الكارثة، محيلة إلى حالة والدتها التي أصيبت بدورها مباشرة بعد تناولها الخضر المقلية ولو بكميات قليلة « بدات كتخرج الكشكوشة من فمها، وتلواو ليها رجيلها ويديها، أوهزوها لطبيب لي كاين فسبيطار المرس الخاص بالعسكر ديال الفرنسيين» هناك كان مجموعة من الأطباء من المعمرين يشرفون على علاجهم، خاصة أن حالة من الاستنفار قد شهدتها المدينة عقب الكارثة، الأمر الذي حدا بالسلطات آنذاك إلى الاستعانة بأطباء من جنسيات متعددة من ألمانيا، وفرنسا، وكندا.. للوقوف على حقيقة أسباب الإصابة. « كان بعض الأطباء ولتعميق أبحاثهم ينتقلون إلى مساكن المصابين، يبحثون عن كل صغيرة وكبيرة بفضاءات المنزل لمعرفة حقيقة الداء القاتل » يعلق عبدالحق قبل أن يسترسل « ظل المصابون مدة تسعة أشهر وهم يتلقون العلاج في المستشفى لكن دون أن يكتب لهم الشفاء إلا حالات نادرة جدا». أمراض مزمنة وعجز تام عن الحركة أمام حالة تصلب الأطراف العليا والسفلى للمصابين، قاموا وكطريقة لترويض أطرافهم المتصلبة بتعليمهم الحياكة ( التريكو) لمساعدتهم على تحريك أيديهم. كان التأثير مباشرا على الأعصاب، الأمر الذي أصاب الجميع بإعاقة جسدية دائمة، حيث كانت القلة القليلة منهم، هي التي تمكنت من المشي اعتمادا على العكاكيز، أو بواسطة الكراسي المتحركة. زوجة أحمد الطيب، كانت بالطابق السفلي، كانت غير قادرة على صعود الأدراج وتحريك قدميها المتورمتين، وأصابع يديها المتصلبتين واللتين أصابهما الاعوجاج. فرغم تناولها نصف فلفلة مقلية، مقارنة بزوجها، فإن قوة المواد التسممية في الزيت، كانت كافية لإصابتها بقائمة من الأمراض، عجزت بعد أن توقفت الإعانة الهزيلة عن متابعة علاجها. أمراض تتوزع بين هشاشة العظام، وتصلب الأطراف.. وصعوبات واضحة في الحركة. « راه لي طاح كيتعرض للشلل تقريبا، وكيمشي غير بزز ..». أما عبد الحق الذي كان يبلغ من العمر أثناء الكارثة خمس سنوات، فقد كان بدوره من الضحايا، ذاكرته ما زالت تحتفظ بالخيوط الدقيقة للفاجعة منها إصابة كافة أفراد عائلته، والدته التي كانت تشتغل لدى أحد الأطباء الأجانب، قدمت لهذا الأخير وصفا دقيقا لطبيعة الأعراض المشتركة لدى أفراد العائلة، مع تقديم شكوكها حول زيت المطبخ. ليسارع الطبيب إلى إخبار اللجنة الطبية بتصريحات المشتكية وشكوكها بخصوص زيت «لاروي» أو الغزالة الظاهرة على العلبة الصفيحية. وهذه المادة كانت تصنع في أحد المصانع بالقرب من ضريح مولاي اسماعيل والذي ما زال مغلقا لحد الآن بعد أن سحبت من صاحبه الرخصة – تقول شهادات الضحايا- حيث يخصص اليوم كمستودع لقنينات الغاز. جميع المصابين حسب عبد الحق كانوا يلتحقون بمستشفى المرس للعلاج. فمن الضحايا من أجرى عملية جراحية، والبعض الآخر كان يستفيد من عملية الترويض. أما بالنسبة لي فقد خضعت لعملية في قدمي مباشرة من خروجي من المدرسة « درت عشرين غرزة « لكن العملية لم تكلل بالنجاح لأصاب بإعاقة دائمة.. هكذا وصف حالته بمرارة. «بوركاب ديال الدجاج».. «فاطمة بنت عمر» البالغة من العمر سبعين سنة، تقطن غير بعيد عن عائلة آحمد، فقدت كليا القدرة على الكلام وهي بمسكنها بين أفراد عائلتها، كانت ممددة وسط فناء منزل، فوق «سداري» جثة هامدة لاتقوى على الحركة، أو متابعة مايجري من حولها. ابنها وزوجته كانا المعيلين الوحيدين لها، في محنتها الصحية والاجتماعية « كيما كتشوفوا راها كنازا أوصافي المرض ماخلا فيها والو .. » يقول ابنها الذي كان يمسح جبينها وهو يذرف الدموع بحسرة على مصير أم حولها التسمم إلى مجرد هيكل عظمي، فاقد لأي إحساس بالحياة، ولجحود لاتفهم أسبابه. فقدان الحياة، كان حاضرا لدى «لحسن» مصاب آخر تجاوز سنه السبعين، وجدناه في حجرته فوق سطح منزل العائلة، يجلس وحيدا، يحدث نفسه باستمرار، يردد كلمات مبهمة. تدخل أحد أقربائه فعلق بدوره بحسرة « نتوما كتشوفوا ماكيعرف حتا واحد، راه تصاب بخلل عقلي بسبب الزيوت المسمومة.. ». استمر هذا الأخير في إطلاق ضحكات، وهمهمات، فيما قريبه يحاول جاهدا أن يهدئ من روعه، والحد من انفعالاته غير المحسوبة العواقب، هنا بغرفته التي يقطنها منذ سنوات في شبه عزلة، لولى التفاتة أفراد عائلته في رعايته قدر المستطاع. قائمة المصابين بالعاصمة الإسماعلية كانوا يعدون بالمئات تقلصت أعدادهم شيئا فشيئا نتيجة الوفاة والتقدم في السن، تبقى منهم القليل ك«الشرقاوي» وهو من مؤسسي جمعية ضحايا الزيوت المسمومة بمكناس، الذي كان يعمل كخباز (طراح) في فرن تقليدي قبل أن يقعده التسمم عن الحركة بشكل نهائي، حيث أصيب بالعديد من الأمراض، حاول وهو يستند على زوجته المصابة هي الأخرى بالتسمم، أن يتبين الحاضرين من خلال أصواتهم، فقد كان تأثير التسمم واضحا « لقد فقدت بصري، وأعاني الآن من ألم فظيع نتيجة مرض البروستات، وأعاني من صعوبة في التبول ..». أصيب الشرقاوي مباشرة بعد زوجته. كان ذلك بعد مرور أيام على تناوله للمادة المسمومة، حيث صادف ذهابه إلى المستشفى لتفقد قريب، اكتشافه لهول الفاجعة. مصابون بالجملة، يئنون من نفس أعراض زوجته، تصلب الأطراف، غثيان وألم فظيع في الرأس. حالة أخرى لاتقل مأساوية عن وضعية العشرات من المصابين، منهم من تناول المادة المدمرة في أغذية طبخت بالمنزل، أو بعد تناوله لفطائر( الشفنج ) جلبت من المحلات الشعبية، كان أصحابها يقومون بطهيها بواسطة الزيوت المسمومة. « تقريبا جميع أفراد عائلتي الذين يتجاوز عددهم العشرين أصيبوا بالتسمم..» يعلق بدوره بنلمرابط ادريس من الضحايا ونائب لرئيس العصبة المغربية بمكناس، والذي أضاف بحزن ويأس، « لكن أغلبهم قد توفي بعد صراع مرير مع المرض..». الأخطر من ذلك يضيف زميل له أن « تساقط الضحايا الواحد تلو الآخر، كان ينظر إليه من طرف الآخرين على أنه لعنة تجعلهم يمتنعون عن تقديم المساعدة للمصابين خوفا من العدوى» لدرجة أن الضحايا كانوا يعيشون وسط رعب حقيقي، وكانوا ينعتون إصابتهم بداء «بوركاب» وهو مرض كان يصيب الدواجن، وبالتالي كانوا لايحاولون الاقتراب منا. بل كان الجيران يرحلون من السكن بالقرب من المصابين. السلطات آنذاك ظلت تمارس دور المتفرج لشهور، قبل أن تقرر نقلنا بواسطة شاحنات إلى المستشفى للعلاج. « العزلة لم تكن ناتجة عن الداء فقط، بل كانت أيضا مادية، حيث أجبر عدد من الضحايا على مغادرة عمله مكرها، حيث ظلت أغلب الأسر تتسلم منذ ذلك التاريخ إعانة هزيلة لاتتجاوز 50 درهما تحت يافطة إعانة الأوبئة.. قبل أن يبادر أحد المصابين منا وهو جويليل الحسن اليماني الذي أكد لنا أن هناك أموالا مستحقة للضحايا هي عبارة واجبات تنبر كانت ترصد منذ سنوات للضحايا » يضيف عبد الحق بنبرة يائسة، قبل أن يستطرد « لقد تم اكتشاف الأمر صدفة، فتبين أن للضحايا حقوقا وتعويضات محفوظة منذ زمن طويل، ولاننتظر سوى الإفراج عنها من لدن المسؤولين». زيت «لاروي».. أوالغزال أفظع من ذلك فإن معظم المصابات لم يكتب لهن الزواج نتيجة تداعيات الكارثة سواء من الناحية الصحية أو النفسية، كحالة أمينة عنتر المزدادة سنة 1954 حيث فقدت كافة أفراد عائلتها، خضعت للعديد من العمليات الجراحية دون جدوى وحسب عبد الحق « فإن 43 بالمائة حرمن من الزواج، و90 بالمائة لم يتمموا دراستهم، فقط عشرة بالمائة، هم من استطاعوا الوصول إلى مستوى دراسي مكنهم من ضمان مصدر دخل بسيط لمواجهة تحديات العيش. الزيوت المسمومة تحت علامة «لاروي» أو الغزال، والمركبة من مواد ( الأوروتوكريزي فوسفاط) والتي أضيفت إليها نسبة مهمة من زيت صيانة محركات الطائرات هي مادة سامة يسري مفعولها على الجسم بعد مرور أيام قليلة على تناولها. وبالعودة إلى جزء من تفاصيل الكارثة، فقد أسفرت التحقيقات التي قام بها الأمن أثناء قيامه بالتحري في أسبابها إلى معطيات منها، وحسب ما نشرته آنذاك مجلة دورية ( المشاهد) ، أنه ابتداء من ثاني أكتوبر تمكنت بسرعة (إدارة الأمن ) من القيام بمهمتها. إذ سريعا ما اكتشفت: أن تاجرا من مدينة صفرو هو الذي باع كميات من الزيوت المسمومة لصاحب زيت لاروي والهلال بمكناس والذي باع كميات أخرى تقدر ب 2 طن و65 صندوقا في كل صندوق 24 علبة لتاجر من مدينة فاسو، كما بيعت كمية لتاجر بمدينة الدارالبيضاء، هؤلاء وجدوا في كميات الزيوت المسمومة فرصة لجني أرباح كبيرة، لكن المثير في القضية تؤكد المجلة دائما هو اكتشاف عمليات تهريب وإخفاء الزيوت بكميات هائلة بإحدى المزارع ببني سادن بفاس. رئيس العصبة المغربية لضحايا الزيوت المسمومة لم يخف قلقله بشأن مصير الملف. تساءل جويليل الحسن اليماني وهو يمثل في نفس الوقت الضحايا المقيمين بمدينة الخميسات باستغراب « إذا كان الموت البطيء يتهدد أزيد من 700 ضحية. فعلى الدولة أن تتحرك للتخفيف من الكارثة..» انتقد المسؤول التماطل في الإفراج عن تعويضات الضحايا وعلق قائلا :« بعد سنوات رضخت الدولة للأمر الواقع سنة 2010..« استدرك موضحا « قامت بصياغة اتفاقية الاستحواذ على الملايير من أموال تنبر إعانة الضحايا والتي ظلت تضخ في الخزينة العامة لمدة خمسين سنة ». المسؤول أضاف باستياء « لكن وبدل أن تجد هذه المبالغ طريقها إلى أصحابها، فهي ما زالت محتجزة إلى يومنا هذا.. ». نقطة ضوء في النفق.. الضحايا ورغم العجز الذي لحق بمعظمهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي. المتبقون منهم، أو الناجون من الموت المحقق بأعجوبة سنة 1959 و الذين كان معظمهم في سن الطفولة، هم اليوم يتحركون بإعاقة شديدة مدى الحياة. فتعاقب الحكومات والمسؤولين، لم يكن ليفتح بارقة أمل لهذه الفئة، باستثناء يقول عبد الحق « حكومة ادريس جطو ، والتي اتخذت مبادرة لحث كل القطاعات الحكومية قصد تعويض المنكوبين عما لحقهم من أضرار جسيمة. « علاش الناس ديال ضحايا سنوات الرصاص، والإرهاب تم إنصافهم.. وتم جبر ضررهم أوحنا لا ..» هكذا يتساءل معظم الضحايا بغبن وحيرة شديدة. ففي أكثر من مناسبة طالبوا خلالها بتنفيذ مقتضيات ظهير 7 دجنبر 1960 الصادرلفائدة مصابي الزيوت المسمومة سنة 1959 لكن دون جدوى. أعضاء العصبة، توقفوا طويلا عند مسار قضية مماثلة في الجارة إسبانيا. حيث تم الإفراج عن تعويضات لما يزيد عن 20 ألف ضحية للزيوت المسمومة، ونتجت عن وفاة ما بين 600 إلى 1200 مصاب بعد أن حكمت إحدى المحاكم الإسبانية في أواسط التسعينيات من القرن الماضي بحكمها القاضي بتعويض الضحايا بعد ثلاث عشرة سنة من التسمم، هذا في الوقت الذي ما زال ضحايا الزيوت المسمومة بالمغرب ينتظرون لما يزيد عن خمسين سنة . رئيس العصبة الممثلة للجمعيات الإقليمية للضحايا عبر التراب الوطني قال « إن أموالهم المستحقة عن إعانة التنبر والمودعة بالخزينة العامة في حساب خاص بالعصبة، لم تجد طريقها إلى ذوي الحقوق، في الوقت الذي تم توجيه المئات من المراسلات إلى مختلف الجهات، والرامية إلى الكشف عن حقيقة الأموال المودعة لصالحهم». العصبة طالبت في نفس الاتجاه الحكومة « بإحصاء عام وشامل لكافة العربات المستعملة والجديدة المفروض عليها التنبر منذ فاتح فبراير 1961 والتي ظلت تضخ عائداته بالخزينة لمدة خمسين سنة ومايزيد، وذلك لتقدير حجم هذه الأموال. اتفاق وبحث عن أموال الإعانة مؤاخذات العصبة، حول تهميش ملفها المطلبي، وصياغة اتفاقية بتاريخ 15 أبريل 2010 ، توجهت بشكل واضح إلى تحميل الدولة مسؤولية إعدادها وصياغتها دون حضور أصحاب الحق، بل وحسب مضمون الرسائل المفتوحة الموجهة إلى مختلف الجهات، تضمنت وقائع مغلوطة، بل وخرقا للقوانين المعمول بها، ويتجلى ذلك في « عدم إحصاء البطاقات الرمادية للعربات والتي لها العشرات من البطاقات الرمادية لكل واحدة منها على امتداد سنوات عمرها، والناتجة عنها أموال الإعانة، من فاتح يناير 1984 إلى 31 دجنبر 2009 ولمدة 26 سنة تم نزعها والاستحواذ عليها خارج القانون، علاوة على أموال الإعانة لما بعد الاتفاقية « المزعومة » حسب المذكرة من فاتح يناير 2010 لم يعرف مصيرها لحد الآن «. رئيس العصبة، أشار إلى أنه بعد وقفات وتحرك الضحايا في بحر السنة الماضية، والشهر الماضي تم تسليم الملف والمذكرة المطلبية، إلىمسؤولين بعدة وزارات ومؤسسات حقوقية، خاصة أن الضحايا، يتوفرون على أجوبة واضحة من لدن جهات رسمية، كالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سابقا، والذي كان قد قرر في دجنبر من 2009 الاستماع إلى تظلمات الضحايا. كما توصلت بجواب من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، تؤكد على أن العائدات المالية المذكورة، توجد بحساب مشترك مع مؤسسات أخرى، وأن المشكل ما هو إلا إداري وتنظيمي في طريقه إلى الحل. يمضي كل من عبد الحق وبلمرابط وآخرون في رحلتهم اليومية للالتقاء بالضحايا في بيوتهم، ومتابعة والاطمئنان على حالاتهم الصحية والاجتماعية ،في سباق ضد الزمن. كانوا يرددون بمرارة « لايعقل أن نمنح مقرا خاصا بالعصبة، ليتم تحويله بقدرة قادر إلى مكتب اتصال لضحايا الزيوت المسمومة، تابع لمؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين لمكناس» يعلق أحمد الطاهري الكاتب العام للعصبة باستياء قبل أن يضيف « على الأقل كان من شأنه التخفيف من معاناة الضحايا العاجزين عن الحركة أو التنقل في ظروف طبيعية ». ضحايا الزيوت المسمومة بالمغرب لايطالبون اليوم سوى بالرفع من قيمة الإعانة بما يناسب الضرر، والاستفادة من السكن الاجتماعي المقرر منذ 25 ماي 2010 والذي خصص له مبلغ ثلاثين مليون درهم، هي الآن بحساب المؤسسة المحتضنة للمنكوبين، ثم التعويض ذي الصلة بجبر الضرر المادي والمعنوي. كل هذه المطالب ،تقول العصبة المغربية بوضوح « يمكن تنفيذها من خلال الفائض المالي الموجود بالخزينة نتيجة عائدات التنبر التي ظلت تضخ بهذه الأخيرة لمدة نصف قرن ومايزيد دون أن يستفيد منها ذوو الحق فيها بظهير وهي الآن بالملايير». مؤطر… ظهير شريف رقم 1.60.231 يحدث بمقتضاه لفائدة مصابي الزيوت المسمومة حق تنبر إضافي في الوصولات بالتصريح ( الأوراق الرمادية) عن العربات ذات المحرك أو المقطورة. بناء على القرار الوزاري رقم 2.58.1431 الصادر في 13 شعبان 1377 الموافق ل 5 مارس 1958 بشأن الحقوق المستخلصة في ميدان مراقبة السير والجولان، أصدرنا أمرنا الشريف بما يلي: الفصل الأول . يحدث لفائدة مصابي الزيوت المسمومة حق تنبر إضافي قدره أربعة دراهم عن الوصولات المسلمة عن التصريح باستخدام العربات ذات المحرك أو المقطورة( الأوراق الرمادية) وذلك زيادة على الحق المقرر في الفصل الثاني من المرسوم المشار إليه أعلاه المؤرخ في 13 شعبان ل 5 مارس 1958. « تحدث كيفيات تطبيق ظهرينا الشريف هذا بموجب قرار مشترك لوزير الاقتصاد الوطني والمالية وزير الأشغال العمومية ويجري العمل به بعد مضي شهر واحد على نشره في الجريدة الرسمية».