أعادت الاحتجاجات التي خاضها ضحايا الزيوت المسمومة مؤخرا أمام وزارة المالية قضية الزيوت المسمومة إلى واجهة الأحداث. «المساء» تقتفي آثار الملف وتحفر في جذوره التاريخية وتعيد تركيب فصوله. في هذا التحقيق، يتداخل الماضي بالحاضر وتمتزج المعاناة بالاحتجاج لضحايا تجرعوا مرارة «50 سنة من العزلة»... في عز اشتعال فتيل الحرب العالمية الثانية، وبالضبط في سنة 1942، وبعد أن بدا أن ألمانيا، بزعامة أدولف هتلر، تحقق انتصارات في مختلف الجبهات، قررت الولاياتالمتحدةالأمريكية التدخل لمساندة الحلفاء. تدخل كانت أمريكا تتوخى من ورائه تشديد الخناق على المد النازي عبر السيطرة على المناطق الاستراتيجية. ولذلك فإنها قامت بإنزال عسكري مكثف على الجبهة المتوسطية وأصبح المغرب، بذلك، قاعدة جوية أساسية لاحتضان القوات الأمريكية بالنظر إلى موقعه الجغرافي الإستراتيجي. إلى هنا يبدو الأمر عاديا جدا، لكنْ حين وضعت الحرب أوزارها واستطاع الحلفاء، بدعم أمريكي، دحر ألمانيا، استمرت القواعد الأمريكية في المغرب. وفي يوليوز سنة 1959، وقع المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية اتفاقية تغادر بموجبها القوات التي كانت مرابطة بكل من القنيطرة، النواصر، ابن سليمان وسيدي يحيى الغرب. لم يكن الآلاف من المغاربة، وقتئذ، يدركون أن قرار مغادرة القوات الأمريكية قواعدها الجوية سيؤدي إلى وقوع مأساة إنسانية حقيقية ستتضح معالمها، يشرح جويليل الحسن اليماني، رئيس العصبة المغربية لمرضى الزيوت المسمومة، حين تمكنت بعض الأيادي من الوصول إلى كميات كبيرة من المواد السامة خلّفتها تلك القوات في العديد من المدن. في هذه الظرفية بالذات، بدأت هذه الأيادي في حبك فصول «جريمتها» بعناية شديدة، دون أن تثير انتباه السلطات، فعمدت إلى استقدام المواد السامة إلى مدينة مكناس، وبالتحديد إلى محل في ملك الدولة المغربية، لصنع زيوت «الغزال» تطل بوابته الموصدة إلى حد اليوم على الجهة الغربية لضريح المولى إسماعيل. في مكناس اكتشفت الأيادي غير المعروفة «وصفتها العجيبة»، فقامت بمزج 67 في المئة من المادة الكيميائية السامة، التي تسمى اختصارا بالفرنسية «TOCP» وهي مادة عديمة اللون والرائحة ب33 في المئة من الزيوت النباتية الغذائية العادية في قارورة زجاجية من سعة لتر واحد. لا شيء كان يهم مرتكبي هذه الجريمة الشنيعة سوى ضمان وسيلة للربح السريع، أما صحة المواطنين، كما يقول الضحايا الذين استمعت إليهم «المساء» فكانت من «من قبيل النكتة التي تثير السخرية». إثر ذلك، تم توزيع زيت «الغزال»، المشهورة آنذاك، على أساس أنها زيت طبيعية خالصة، في أماكن متفرقة من المغرب في مقدمتها الناظور، الحسيمة، تاونات، كرسيف، بركان ووجدة. والأخطر في كل فصول هذه الحكاية أن هذه الزيوت بيعت بأثمان بخسة، رغبة من مروجيها في التخلص منها بسرعة، الشيء الذي جعل المغاربة يقبلون على شرائها بتلهف. ثم ما لبثت زيت «الغزال»، كما كان يخالها المغاربة، تنتشر في مدن مغربية أخرى من مثل خنيفرة، الحاجب، أزرو، العيون والراشيدية بل ووصلت، في مرحلة متأخرة، إلى مدينة المحمدية. وتشير بعض المقالات الصحافية التي نشرت في إبان وقوع كارثة الزيوت المسمومة إلى أن الكميات التي كانت متوفرة في المخازن في تلك الفترة كانت كافية لتسميم المغرب كله.. وتؤكد تلك المقالات، بما لا يدع مجالا للشك، أن هذا السم قاتل، بدليل التجارب التي أجريت على أرانب ماتت بعد فترة قصيرة من تطعيمها بالزيت المسموم. واستنادا إلى تلك المقالات الصحافية فإن مدينتي فاس والدار البيضاء شكّلتا البؤرتين الرئيستين لتوزيع تلك الزيوت. موت وشلل بينما كان المغاربة يقبلون على اقتناء زيت «الغزال»، معتقدين أن الدولة شرعت، فعلا، في التفكير في الطبقات الفقيرة من الشعب التي أنهكها الفقر بفعل تعاقب سنوات الجفاف والوضعية الكارثية التي صار عليها مغرب ما بعد الاستقلال، بدأت المستشفيات المغربية، على قلتها، تستقبل الكثير من حالات التسمم، التي «حار» الأطباء في رصد أسبابها. لكن التزايد الهائل لهذه الحالات جعل السلطات الصحية تعمّق أبحاثها لتخلُص، في الأخير، إلى أن السبب الحقيقي هو تناول زيوت مسمومة. كانت الحصيلة النهائية للمتضررين ثقيلة جدا: 20 ألف مغربي تسمّموا، من بينهم أطفال «ذنبهم الوحيد أنهم استمتعوا لبرهة بما جادت به أمهاتهم من أطعمة قبل أن يكتشفوا أن العالم أمسى أصغر من حلمهم»، تقول فاطمة البحيري، بكلام متقطع يشي بحزنها الدفين. ولم تتوقف القصة التراجيدية عند هذا الحد، فقد أعلنت السلطات الصحية، في نفس السنة، عن وفاة العشرات ممن تناولوا الزيوت المسمومة، لتبدأ بذلك معركة قانونية جديدة، اعتقد الضحايا أنها ستقود إلى القبض على المجرمين وإلى محاكمتهم وإنزال أقصى العقوبات في حقهم وبإنصاف الضحايا. «أش نكول ليك أولدي؟ متلو عْلينا مسرحية وحنا ما كان فيدنا ما نْديرو».. يسترجع الحسن اليماني، بغير قليل من الحسرة ما جرى في سنة 1959، حيث أطلقت السلطات سراح المجرمين في نفس السنة، وكأن «السلطة لم يكن يعنيها أمر 20 ألف مغربي، الذين صاروا بعد الحادثة يترقبون موعد الموت لتخطفهم، كما خطفت آخرين قبلهم»، يردف اليمني، وقسمات وجهه تمنح الانطباع أن قلبه يعتصر ألما... يقول الحسن اليماني، رئيس العصبة المغربية لضحايا الزيوت المسمومة، الذي يتأبط ملفا يحوي أوراقا بالية ومقالات صحافية تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، إن عدد الضحايا استقر في 2000 حالة في سنة 1971، مما يعني أن 18 ألف شخص آخرين قد لقوا حتفهم من جراء تناولهم الزيوت المسمومة. ومع ذلك « لم تلتفت إلينا الدولة، رغم وجود ظهير ملكي يقر بتعويضنا».. ضحايا بدون تعويض حملت الأحلام فاطمة البحيري، التي «حُكِم» عليها بملازمة كرسي متحرك منذ أن تناولت في طعامها الزيوت المسمومة، إلى عوالم أخرى بعيدة عما عاشته ذات صيف قائظ سنة 1959، وصارت تمني نفسها أن يكون جميع ما عاشته ساعتئذ من مصائب مجرد كابوس عابر، لكنْ سرعان ما يعاندها الحلم، ثم تلتقط أنفاسها وتنبس بكلام غير مفهوم بالكاد تفك مضامينه: «واش أنا 50 سنة كنْمشي على هاد الكرسي وما زالْ ما بْغاوش يْعطيونا حقنا؟.. واش هادو يهود ولا شنو؟ أولدي كتب هادشي فالجريدة ديالكومْ، بغينا حقنا»... أصيبت فاطمة بشلل نصفي أجبرها أن تقتعد الكرسي المتحرك لنصف قرن من الزمن. لم تجد فاطمة ما تعيل بها ابنها الوحيد بعد موت زوجها. أخذت فاطمة نفَسا طويلا وأطلقت زفرة حارة قيل أن تواصل حديثها ل»المساء»، قائلة: «الظاهر أن الأقدار تفرغت لي، فابني أصيب، بدوره، بشلل نصفي، طبعا لا علاقة له بالزيوت المسمومة، لا قدرة لي على إعالة ابني، الذي يحتاج إلى عناية خاصة، وهل ستكفي 1000 درهم، التي تمنحها لنا الدولة شهريا، لسد الرمق؟»... قرب فاطمة، تتكئ عائشة الشاوي على كرسي متحرك قديم. تغالب عائشة دموعها، وهي تتذكر قصص بعض صديقاتها اللائي توفين بسبب هذه الزيوت المسمومة. تستحث ذاكرتها على استرجاع ما حدث. كان شبح الموت يطارد عائشة الشاوي في صحوها وفي نومها، فقد أيقنت أن الموت أصبح قدَرا لا مناص منه، بعد أن تواترت قصص الموتى في بعض المدن المغربية: «ماتو بزاف ديال الناس ومنهوم شي وحدين من العائلة ديالي فالخميسات».. غير أن ما يحُزّ في نفس عائشة كثيرا هو عدم رغبة الدولة في تعويضهم وإخلافها كل وعودها بشأن تفعيل الظهير الملكي الصادر سنة 1960. تشابكت الأسئلة في ذهن هشام، أحد أبناء الضحايا، وهو يجيب عن أسئلة «المساء»، فهو، كما يقول، لا يستطيع أن يتحمل رؤية أمه ملازمة كرسيَّها المتحرك: «لا أستطيع أن أتقبل فكرة التفرس في وجه أمي وهي تتنقل بين الخميساتوالرباط بشكل دوري للاحتجاج، بغاية استرداد حقوقها المهضومة». رغم أن سن هشام لم يتجاوز 10 سنين، فإن طريقة كلامه توحي بأنه مُلمِّ بكل تفاصيل الملف، فمرافقته أمه في كل تنقلاها نحو الرباط جعلته يدرك حجم المعاناة التي يكابدها كل الضحايا. غير بعيد من عائشة، يمكث «محمد»، الذي اشتعل رأسه شيبا، وقد نالت من وجهه، السبعيني، صروف الدهر. بمشقة بالغة قال: «رجلي مشات، باغي نْعرف شنو دْرتْ وعلاش هاد الدولة ما بْغاتش تعطينا حقنا.. ياك سيدنا كال ليهوم عطيوهوم لفلوس»... لم يكن بمقدوره أن يصرف على عائلته بفعل الشلل الذي أصابه وظل طيلة 50 سنة يعيش حياة «البريكولاج»، على حد تعبيره. وقبل أن ينهي كلامه، انبرت إحدى النساء، التي تتحرك بالكاد في مكانها: «راه حشم يكولها أولدي، نهدرو صراحة: كان كيسعى»... قصة محمد مع فقدان رجله هي القصة ذاتها التي ترويها حسناء الحرار، مع اختلاف بعض التفاصيل الصغيرة. «يوم وقعت كارثة الزيوت المسمومة، كنت صغيرة، ومات بعدي أناس ما زلتُ أتذكر ملامحهم، وفي ما بعدُ، أُصِبْت بشلل في رجلي، لكننا استبشرنا خيرا بالظهير الملكي، الذي بمقتضاه يتم تعويض كل الضحايا، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، عدا بعض «الفتات»، الذي لا يكفي حتى لعيش يومين في حياة تزداد تكاليفها يوما بعد يوم». قصص هؤلاء مجرد نماذج من قصص مماثلة على امتداد المغرب، في الشمال والجنوب، في الشرق والغرب. ضحايا اكتشفوا أن الزيت قد تتحول إلى سم قاتل يقضي على آمالهم في الحياة، ضحايا «ظلمهم التاريخ وقهرهم الحاضر» تعويض واحتجاج لا يتوانى ضحايا الزيوت المسمومة عن تأكيد أن محاكمة مجرمي هذه القضية شابتْها جملة من الخروقات، ففي الوقت الذي كانوا ينتظرون أن يحاكَم هؤلاء بعقوبات قاسية قد تصل إلى حد الإعدام أو المؤبد، أُفرِج عن المعتقلين في هذه القضية في نفس السنة التي اعتُقِلوا فيها، أي في سنة 1959. وعلى هذا الأساس، لا تددو المحاكمة، في نظر الضحايا، كونَها «مسرحية لم تنْطلِ على أحد وتثبت أن شيئا ما كان يحاك في جنح الظلام». في نفس الوقت، يصُبّ الضحايا جامَ غضبهم على القوات الأمريكية التي كانت مرابطة بالمغرب بفعل «التقصير والإهمال وعدم الاهتمام بهذه المواد السامة، للحيلولة دون وصولها إلى أياد مجرمة». وعليه، فقد وجهت العصبة المغربية لمرضى ضحايا الزيوت المسمومة، الإطار الشرعي الممثل للضحايا، رسالة إلى السفارة الأمريكية في الرباط مؤرخة ب9 يونيو 2005، تبرز فيها المسؤولية التي تتحملها أمريكا تجاه الضحايا، داعية السفير الأمريكي إلى التدخل لدى رئيس الجمهورية الأمريكية بغاية تعويض الضحايا بشكل يسمح لهم باسترجاع حقوقهم الضائعة. وقد ذكّرت هذه المراسلة بالظروف التاريخية التي أحاطت بكارثة الزيوت المسمومة. ولم يتأخر رد السفير الأمريكي كثيرا، حيث بعث برسالة إلى العصبة يؤكد فيها أنه بات لزاما على الضحايا أن يضغطوا على الحكومة المغربية بغية مراسلة الحكومة الأمريكية بهذا الشأن. يعود ملف تعويض ضحايا الزيوت السامة إلى 7 دجنبر 1960، حين أصدر الملك الراحل محمد الخامس ظهيرا ملكيا نُشِر في الجريدة الرسمية عدد 2517 بتاريخ 20 يناير 1961، وألحق، في ما بعدُ، بقرار وزاري مشترَك بين وزارتي الاقتصاد الوطني والمالية والأشغال العمومية رقم 17 -1 -60 بتاريخ 30 دجنبر 1960، المبين لكيفية تفعيل مقتضيات الظهير الملكي، والذي ينُصّ، بشكل صريح، على استفادة ضحايا الزيوت السامة من إعانات مادية تُستخلَص من مبيعات التمبر من فئة 4 دراهم، المفروض على جميع العربات المستعملة والجديدة، والذي يباع لدى مكاتب التسجيل عبر التراب الوطني منذ فاتح فبراير 1961 إلى الآن. لكن واقع الحال، استنادا إلى أقوال الضحايا، يثبت أن الدولة لم تُمكّنهم من هذه المساعدات، التي «ظلت تضخ بانتظام في خزينة الدولة لمدة نصف قرن، دون حسيب أو رقيب، وهي مليارات استحوذت عليها الدولة من دون مسوغ قانوني ودون موجب حق». ولا يتردد الضحايا في توجيه سهام النقد إلى المسؤولين، متهمين إياهم ب«توقيع اتفاقيات عرفت أساليب المكر والخداع للتحايل على الظهير الشريف للاستيلاء على أموال الإعانات خارج القانون». ولعل من آخر فصول هذا التحايل، يضيف الضحايا، «هو عدم تمكين العصبة المغربية لمرضى الزيوت المسمومة من الاطّلاع على الاتفاقية المزعومة مع منعها للتوقيع عليها لتمريرها بالشكل المرغوب فيه سرا، رغم أنف أصحاب الحق، الذين لم يطّلعوا على فحوى الاتفاقية إلا بعد أن حصلوا على الخبر من موقع وكالة المغرب العربي للأنباء». بحثت «المساء» عن مضامين ما سمته العصبة «الاتفاقية المزعومة» ووجدت أنه تم توقيع اتفاقية لتدبير التعويضات الممنوحة لضحايا الزيوت الغذائية المسمومة يوم الخميس 15 أبريل 2010. وتنص هذه الاتفاقية الموقعة من طرف كل من وزيرة الصحة، ياسمينة بادو، ووزير الاقتصاد والمالية، صلاح الدين مزوار، والوزير المكلف بإدارة التراب الوطني، عبد الرحمان السباعي، على «تعزيز تدابير المساعدة والدعم لفائدة ضحايا الزيوت الغذائية المسمومة من خلال الرفع من قيمة الإعانات الشهرية الممنوحة لهؤلاء الضحايا إلى 1000 درهم للضحية و200 درهم لكل طفل يقل عمره عن 21 سنة»، ناهيك عن «تمويل مشاريع ذات طابع اجتماعي وإنجاز مشاريع أخرى تهدف إلى الإدماج السوسيو اقتصادي للضحايا، تمول بالأساس من خلال العائدات المتوفرة من رسوم التمبر إلى حدود 31 دجنبر 2009». وبمقتضى هذه الاتفاقية «ستتكفل المصالح الصحية التابعة لوزارة الصحة بالضحايا في ما يخص كافة العلاجات المرتبطة بأمراض التسمم الناجمة عن الزيوت الغذائية المسمومة، بينما ستتكفل المستشفيات العسكرية بعلاج الأمراض الأخرى». وقد عُهِد إلى مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين بعملية منْح تعويضات مالية شهرية لضحايا الزيوت الغذائية المسمومة وإقامة مشاريع لفائدتهم. يبدو مثل هذا الكلام، في نظر الضحايا، أقربَ ما يكون إلى «الخيال» أو «الأحلام الموغلة في المثالية»، فقد «تم استثناء المبالغ المستخلَصة من العربات المستعملة، المنصوص عليها في الظهير الملكي المشار إليه سلفا، كما أن المستشفيات ترفض البطاقة الاجتماعية التي منحتها إيانا مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية»، والأدهى من ذلك، يستطرد الضحايا الذين التقتهم «المساء» أن «الحكومة تريد أن تفرض الأمر الواقع من دون الاحتكام إلى القانون ومن دون حتى مشاورة المعنيين بالأمر، وهذا منطق غريب تتعامل به الدولة تجاه هذا الملف». واعتبر الضحايا هذه الاتفاقية التفافا على مطالبهم واستشعارا من الحكومة «بالخطوة التي كنا نعتزم تنفيذها والمتمثلة في رفع توصية إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نعلن فيها تظلمنا من الممارسات المشينة التي أدّت إلى حرمان الضحايا من التعويض إثر الاجتماع الموسع، الذي انعقد يوم 03 دجنبر2009 بمقر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بحضور ممثلين من العصبة والمجلس». ولم يكن الهدف الرئيسي، حسب وثائق العصبة، من هذه «الاتفاقية المشؤومة والظالمة الرفع من المستوى المعيشي للضحايا وإنما قطع الطريق عن فريق العمل في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الذي كان على وشك رفع توصية لفائدة المنكوبين لاسترجاع الأموال المنهوبة لأصحابها، وهي عبارة عن تضامن الشعب المغربي مع ضحايا الكارثة». ويطالب الضحايا بالرفع من المنحة الشهرية المقدَّمة من الحكومة لتصل إلى 5000 درهم «لنتمكن من ضمان العيش الكريم في أبسط شروطه»، علاوة على استرجاع الأموال المودعة في الخزينة نتيجة مبيعات العربات المستعملة والجديدة عبر «اللجوء إلى إحصاء شامل وكامل للبطاقات الرمادية المسلَّمة للمواطنين بعد اقتنائهم عربات من مديرية النقل على امتداد 50 سنة»... دخلت قضية ضحايا الزيوت المسمومة قبة البرلمان يوم 29 أكتوبر 2003، بسؤال شفوي طرحه فريق التحالف الاشتراكي على وزير الصحة بخصوص مدى التزام الحكومة بإيجاد حلول مستعجلة لهذا الملف، وكان رد الوزير، حينئذ، أن «الدولة بصدد صياغة خطة تقضي بأن يتحمل كل قطاع مسؤوليته لتدبير الملف». قُدِّر لفصول هذه الملف أن تستمر وقُدِّر لمعاناة الضحايا أن تتواصل، وكانت الساحة المحاذية لوزارة المالية، مؤخرا، محجا لضحايا الزيوت المسمومة، حيث رفعوا لافتات منددة بسياسات الدولة في حقهم واحتجاجا على عدم تنفيذ مقررات الظهير الملكي الصادر سنة 1960.