شرعت هولندة وابتداء من فاتح يوليوز 2012 في تطبيق بلد الإقامة على تعويضات الضمان الاجتماعي بالربط بين مستوى العيش في بلد الإقامة، وقيمة التعويض، حيث أقرت تخفيضا بنسبة 40 بالمائة من قيمة التعويض دخلت حيز التنفيذ منذ فاتح يناير من السنة الجارية. هذا الإجراء اعتبرته العائلات والجمعيات المغربية المهاجرة بغير العادل ويخرق مبادئ المعاملة بالمثل وعدم التمييز، كما أنه يخرق الفصل 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان والفصل 26 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان.. هي رزنامة نصوص وقوانين كانت كافية لتدعيم موقف جمعيات المهاجرين المغاربة، والعائلات المتضررة باللجوء إلى القضاء الهولندي وتقديم دعوى الطعن في القرار ، وهي الدعوى التي سنتظر في حثياتها محكمة امستردام بتاريخ 30 و31 ماي الجاري. دعوى قضائية للأرامل للطعن في قرار بنك التأمين الإجتماعي من المنتظر أن يشكل تاريخ 30 و31 ماي الجاري موعدا للحسم في مصير استمرار من عدمه في صرف تعويضات أزيد من 700 من الأرامل وذوي الحقوق كاملة أو بأقل من 40 بالمائة، حيث من ستنظر محكمة امستردام في طلب الدعوى التي رفعتها كل من مؤسسة هولندا لمساعدة العائدين ببركان والجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين باسم المتضررين في إطار مايعرف بقضية التأمينات الاجتماعية للمهاجرين المغاربة .. المحكمة ستدرس طلب الأرامل المقيمات بالمغرب اللواتي يعتبرن ومن خلال الطعون أن تطبيق مبدأ بلد الإقامة على المعاشات هو إجراء تمييزي، هذا في الوقت الذي ينتظر أن تصدر محكمة الاستيئناف بأمستردام منتصف شهر يوليوز القادم حكمها في الاستئناف الي قدمته الحكومة الهولندية في قضية تعويضات القدرة الشرائية للمسنين المقيمين بالخارج حيث سبق للمحكمة الابتدائية بهارلم يوم ثالث أبريل من السنة الماضية أن أصدرت حكمها في قضية قانون تعويضات القدرة الشرائية الذي يحرم المتقاعدين المقيمين خارج هولندة من الحق في التعويض والذي كان من أهم مطالب جمعيات من المجتمع المدني ومنها مؤسسة هولندة لمساعدة العائدين ببركان. بالنسبة لتعويضات الأيتام والأرامل فإن تطبيق هذا الإجراء سيتم مباشرة للذين ستشمهلم هذه التعويضات للمرة الأولى وذلك ابتداء من يوليوز 2012 و ابتداء من فاتح يناير من 2013 لعموم المستفيدين. القرار الجديد سيشمل ما مجموعه 4500 شخص بالنسبة للتعويضات العائلية، و 900 أرملة اللواتي سيفقدن 40 بالمائة من مجموع التعوبضات . السلطات الهولندية ظلت تهدف منذ 2000 إلى الحد من تصدير التعويضات الاجتماعية خارج هولندة ، حيث قامت باستثناء البلدان التي تربطها اتفاقيات التأمين الإجتماعي. ويدخل هذا القرار ضمن إجراءات البرنامج الحكومي الموقع في دجنبر 2010 بين الحزب الليبرالي، والمسيحي بدعم من حزب اليمين المتطرف. وبالنسبة للمتتبعين فإن هذا القرار يهدف إلى تعبيد الطريق أمام إلغاء تصدير هذه التعويضات خارج هولندة بشكل نهائى. الوصول إلى القضاء لم يكن ليمر دون البحث من لدن الطرف المغربي ( وزارة التشغيل، الخارجية، الجالية المقيمة بالخارج) عن مرجعية وخصوصية الاتفاقات الموقعة بين المغرب في إطار التأمين الاجتماعي، والتي يسعى الطرف الهولندي إلى مراجعتها بين الطرفين. فالاجتماع الأخير الذي ضم لجنة موفدة من وزارة التشغيل المغربية في السادس والسابع من ماي الجاري والطرف الهولندي لم يسفر عن نتائج من شأنها حث هذا الأخير على التراجع عن قرار تخفيض تعويضات، حيث تم الاتفاق فقط على لقاء جديد بداية شهر يونيو بمدينة الرباط، حسب مضمون بلاغ لوزارة التشغيل عقب اللقاء. خلال نفس الاجتماع تم التأكيد من الطرف المغربي على أحادية اتخاذ القرار دون الرجوع إلى الطرف الآخر، هذا بالرغم من أن الموقف المغربي كان واضحا في معارضته للقرار في نوفمبر 2011 ، مرتكزا في ذلك على الاتفاقيات الثنائية . المغرب لوح بامكانيات لجوئه إلى القضاء للدفاع عن حقوق المهاجرين، لكن دون أن يبين ذلك صراحة، حيث سبق لعبد اللطيف معزوز (الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج) أن أكد بالقول «المغرب يحرص على العلاقات الجيدة بين الطرفين، واستشاراتنا القانونية التي باشرناها تظهر أن القرار الهولندي لن يصمد أمام المحاكم، وبالتالي يتوجب معالجة الأمر خارج المحاكم ». الأزمة الداخلية ومؤشرات البنك الدولي كمبررات للتخفيض تعتبر الحكومة الهولندية أن مستوى المعيشة بالمغرب أقل عن مستواه بهولندة، واستندت في ذلك على تقارير البنك الدولي في تقدير كلفة العيش مقارنة مع الدول المصدرة للمهاجرين، لذلك قررت تخفيض تعويضات الأرامل بأربعين في المائة كمرحلة أولى والتخطيط لحرمان أبناء المهاجرين المقيمين في المغرب من الحق في التعويضات. في نفس السياق تسعى الحكومة إلى توقيف أداء تعويضات اليتامى ابتداء من فاتح أكتوبر القادم. وفي هذا السياق وفي بداية شهر ماي بعث بنك الضمان الاجتماعي الهولندي برسالة للمؤمنين يخبرهم فيها بحذف تعويضات الأطفال النصف يتامى(الذين فقدوا أحد الأبوين)، وبالتغييرات التي أدخلتها الإدارة الهولندية على القانون العام لليتامى و الأرامل ابتداء من فاتح أبريل 2013 . كما يخبرهم بأنهم سيتوصلون في شهر يوليو القادم برسالة ثانية تخول لهم آنذاك حق الاعتراض. إضافة إلى حذف الحق في تعويضات النصف يتامى، قررت الإدارة الهولندية تحديد سقف الأعلى لتعويضات الأرامل الذين لهم أطفال تقل أعمارهم عن 18 سنة في 90 في المائة من الدخل الاجتماعي الأدنى، و ذلك ابتداء من فاتح أكتوبر 2013. وإذا كانت للأرملة مصادر دخل أخرى فسيتم احتسابها لتحديد مبلغ التعويض. أما إذا كانت مصادر الدخل تفوق 90 في المائة من الدخل الاجتماعي الأدنى، فلن تتوصل الأرملة بأية تعويض. أما إذا كانت أقل، فمقدار التعويض هو الفارق. حذف تعويضات الأطفال النصف يتامى وتحديد سقف تعويضات الأرامل يدخل في إطار سياسة التقشف التي تسلكها الحكومات الهولندية أي سعيها إلى ضمان عشرة ملايين أورو سنويا.الأخطر من ذلك أن مشروع قانون عام يتم التهيؤ له يحدد مدة تقاضي تعويضات الأرامل في سنة. بعد انتهاء هذه الفترة تفقد الأرملة هذا الحق. محمد صايم رئيس مؤسسة هولندا لمساعدة لعائدين تقدمنا بدعوى ضد القرار في إطار مسطرة عادية وننتظر إنصافا من المحكمة الهولندية * ماهو طبيعة التحرك الذي باشرته المؤسسة للطعن في قرار تخفيض ؟ منذ البداية قمنا بتقديم طعون وبمعية جمعيات المجتمع المدني، كالجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين ضد قرار تخفيض التعويضات التي أقرها صندوق الضمان الاجتماعي الهولندي والبالغ عددها أزيد من 600 طعن من مختلف المناطق المغربية، خاصة من شمال شرق المغرب. لكن قبل ذلك تقدمنا بطعن أولي وشكايات إلى الصندوق، غير أن هذا الأخير ورغم كل المساعي رفض مبدأ التراجع عن القرار بتاريخ 23 مارس الماضي. رفض دفعنا إلى البحث عن آليات أخرى لمواجهة القرار، خاصة على المستوى القانوني، وطرق أبواب القضاء. * اللجوء إلى القضاء هل كان يستند على مسوغات قانونية كفيلة بانصاف الأرامل وذوي الحقوق؟ في الحقيقة وأمام إصرار الطرف الهولندي على تطبيق قرار التخفيض، لم نجد أي خيار سوى القضاء ورفع دعوى قضائية أمام المحاكم الهولندية عبر محامية هي روي فان زودفاين، مدعمة ب200 شكاية إضافة الى 703 شكاية مقدمة من طرف الأرامل عبر الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين ، وقد اعتبرنا أن تطبيق مبدأ بلد الإقامة على تعويضات الأرامل يعد خرقا للاتفاقية الثنائية للتأمين الاجتماعي الموقعة ما بين المغرب وهولندا سنة 1972 وهو كذلك يعد خرقا للفصل 65 لاتفاقية الشراكة ما بين المغرب و الاتحاد الأوروبي ولفصول المعاهدة الأروربية لحقوق الإنسان، المحددة لمبادئ عدم التمييز. كما تعتبر مؤسسة مساعدة العائدين بركان تحديد مستوى المعيشة في المغرب بنسبة 60 في المائة مقارنة مع هولندا هو أمر اعتباطي ولا يرتكز على حقيقة واقع مصاريف الحياة اليومية للعائدين. عكس ذلك جواب بنك التأمين الاجتماعي الهولندي يعتبر أن قانون مبدأ بلد الإقامة و تخفيض التعويضات لا يتناقضان مع الفصلين الثالث و الخامس من الاتفاقية الثنائية المغربية الهولندية، و مع اتفاقية الشراكة ، كما لا يشكل خرقا لمبدأ عدم التمييز و للمعاهدات الأروبية و الدولية. الأمر الذي نرفضه كمؤسسة مساعدة العائدين بركان ، إذ قررنا الإلتجاء إلى القضاء وقدمنا دعوى باسم الأرامل المتضررات أمام محكمة مدينة أمستردام التي أسندت لها صلاحية النظر في الشكاية. * ماهي الخيارات المتبقية في حالة صدور حكم مضاد لصالح الأرامل وذوي الحقوق؟ لدينا ثقة كبيرة في القضاء الهولندي، ونعتقد أنه سينصف المتضررات، خاصة أننا سلكنا في وضع الدعوى المسطرة العادية، بدل الدعوى الاستعجالية التي تبين أن الجالية التركية قد سلكتها في نفس الاتجاه لكنها لم تنجح في كسبها. تفاؤلنا نابع من سابقة في هذا الإطار للمحكمة الابتدائية بهارلم من السنة الماضية والتي أصدرت حكمها يوم ثالث أبريل الماضي، وحكمت بإلغاء قانون تعويضات القدرة الشرائية الذي يحرم المتقاعدين المقيمين خارج هولندا، من تعويض يقدر مبلغه ب 33 أورو ( حوالي 340 درهما). المحكمة رفضت اعتبار قانون تعويض القدرة الشرائية إجراءا ضريبيا إذ ليس هناك أي رابط بين إجبارية أداء الضرائب والاستفادة من الحق في التعويض. ونحن لانتمنى أن نلجأ في حالة عدم إنصافنا إلى المحكمة الأوروبية، ونأمل أن يستجيب صندوق الضمان الاجتماعي لمطالب الأرامل، وجميعات المجتمع المدني، وكذا منصوص الاتفاقات الموقعة بين الطرف المغربي والهولندي بخصوص حماية الحقوق الاجتماعية للمهاجرين. عبد الكريم بلكندوز أستاذ جامعي وخبير في قضايا الهجرة كان على الحكومة أن تضغط منذ البداية وألا تكتفي بالانتظار من موقعكم كمهتم بقضايا الهجرة كيف تقرؤون القرار الهولندي القاضي بتخفيض تعويضات مستحقة لأرامل المهاجرين هنا بالمغرب؟ هو قرار مجحف. ليس له أساس. وهو أحادي الجانب. حيث كان على الطرف الآخر أي الحكومة الهولندية أن تتفاوض مع دول المنشأ بخصوصه، خاصة مع وجود اتفاقيات في هذا الإطار. وفي اعتقادي فإن تثبيت القرار بشكل نهائي، سيدفع دولا أخرى إلى مراجعة سياستها اتجاه المهاجرين وعائلاتهم بدول المنشأ، وستتخذها دول أخرى كذريعة للعصف بالاتفاقيات الثنائية في إطار التأمين الاجتماعي، والمعاشات المستحقة للمهاجرين الموقعة بين الدول المصدرة والمستقبلة للمهاجرين. مع العلم أن هناك ترسانة قانونية قادمة في الطريق تسير في اتجاه تقويض هذه التعويضات المسلمة خارج دولة الإقامة. الحكومة الهولندية في اعتقادي، قامت وتحت ذريعة الأزمة بالبحث عن أسبابها خارج الديار الهولندية، والسعي إلى التقليص الجزئي من هذه التعويضات في أفق إلغائها بشكل كامل مطلع السنة المقبلة. بل الأدهى من ذلك أن هذا الموقف عرف نوع من الاجماع، حيث كان تأثير اليمين المتطرف واضحا على قرارات حزب العمل الذي يدير حقيبة التشغيل. حتى وإن كان اليمين غير مشارك في الحكومة والرامي إلغاء مبدأ الاستفادة من التعويضات الاجتماعية سواء كان المعنيين بها يعيشون في هولندة أو خارجها. هل كان رد فعل الحكومة المغربية على القرار في مستوى الأزمة الحالية ؟ سجلنا موقفا متذبذبا للحكومة منذ بداية الأزمة. لم يكن هناك تحرك سياسي للتصدي للقرار، فمجرد صدوره أمهلت الحكومة الهولندية البلد المعني بها ستة أشهر قبل دخوله حيز التطبيق بداية السنة الجارية. التحرك بدأ أولا من لدن العائلات التي توصلت بمراسلات من لدن صندوق الضمان حيث كثفت الجمعيات اتصالاتها التي قامت باطلاق حملة للتحسيس بمخاطر سريان القرار على مجموع عائلات المهاجرين خاصة الأطفال والأرامل، وجمع ملفات وتقديم طعون الوارد من المتضررين، وكان لقاء الحسيمة مع العائلات بداية وقوف الطرف الحكومي على حقيقة الأزمة. فللأسف الشديد كان على الحكومة المغربية وعبر سفاراتها أن تتحرك وتقديم المعطيات، ومتابعة القرار الذي سيؤثر حتما على شريحة واسعة من المغاربة. وكان من الممكن تفعيل مجموعة الصداقة المغربية الهولندية، وتحريك الدبلوماسية البرلمانية في حينها للاعتراض عليه، بدل سياسة الانتظار. فرد الوزير الوصي على قطاع الجالية خلال لقاء بإفران على هذه النقطة كان غامضا، وأشار إلى أن القرار المذكور يهم كذلك الهولنديين. وهو في نظري نوع من التبرير. بدليل أن هناك دعاوي قضائية للهولنديين ضد الحكومة ضد التمييز في الحقوق. كما ا وزير اكتفى وزير الخارجية في جوابه على سؤال شفوي بالبرلمان بتقديم تطمينات، من بينها، التنسيق مع بعض الدول المعنية بنفس القرار، والتحرك لدى منظمة الشغل الدولية بجنيف للوقوف على مسوغات القرار من الناحية القانونية. وفي نظري على الحكومة المغربية أن تتشبت بمجموع الاتفاقيات الموقعة في هذا الإطار، وأن تعتمد على مبدأ سمو القانون الدولي. خاصة أن الدول الأوروبية لا تتردد في إعطاء دروس في مجال حقوق الانسان لبلدان من خارج القارة العجوز.