تصاميم التهيئة تتحول إلى مادة للتنكيت والسخرية في مقاهي الدارالبيضاء ونواديها. ليس في الأمر مبالغة لأ ن ما يصدر عن مستشارين من تعليقات خلال دوارت مناقشة تصاميم التهيئة التي أعدتها الوكالة الحضرية، ينضح بكثير من مقبلات السخرية، فهذا مستشار يستشيط غضبا وهو يحتج على رئيس مقاطعة سمح مشروع تصميم التهيئة بإضافة طابقين في الحي الذي يسكنه، بأنه حصل على نفس التصميم لمنزله من المقاطعة، وبالرغم من ذلك هناك زبونية في التصميم، وهذا مواطن يحصل على ترخيص ببناء منزله من أربعة طوابق بعين السبع، بعد أن قيل له إن المشروع الجديد يسمح له بتحويل فيلا صغيرة يملكها إلى منزل من أربعة طوابق، يهدم الرجل المنزل ليفاجأ بأن ما يحاول تطبيقه ما زال في طور الدراسة. هذه الحكايات تعكس جزءا من الصراع الطاحن الذي يدور حول تصاميم التهيئة، والماسكون برأس الصراع يعرفون جيدا سبب المعركة، فالصراخ الذي عاشته قاعة الجلسات بمجلس المدينة خلال مناقشة مشروع تصميم التهيئة الخاص بهذه المقاطعة كشف عن وجود مقاومة عنيفة للمشروع، وفيها ظهرت كلمات غليظة من قبيل لوبي العقار يريد الهيمنة على الدارالبيضاء ، وحديث عن وجود توظيف انتخابوي لهذه التصاميم. ومع التأخر الذي حصل في مناقشة هذه التصاميم، ارتفعت سخونة التجييش الذي تعرفه كل جلسة، حيث تتصادم الجمعيات المدافعة والمشككة في مشاريع التصاميم، وتبدو رائحة الصراع الانتخابي واضحة بين المسيرين والمعارضين. وباستثناء الجماعات البعيدة التي تعرف خروج التصميم لأول مرة، والجماعات التي استنفد وعاؤها العقاري، وبقي الصراع في الجو حول عدد الطوابق، يبدو أن معركة التصاميم ستزداد سخونة في المقاطعات الباذخة بكنوز العقار حيث يتم استغلال وثائق التعمير في الحروب الانتخابية بين المتنافسين. الرجة التي عرفها تصميم التهيئة لمنطقة عين الشق كشفت عن وجود تيارين، أحدهما يستعجل المصادقة على تصميم التهيئة متهما لوبي العقار بتوظيف كل الوسائل لتعطيله، معتبرا أن ما ورد في التصميم يخرج المنطقة من حالة الفوضى، معتبرا أن مجرد التركيز على الحزام الأخضر، وانتقاده يكشف الوجه الحقيقي لمن يريدون تسييد جزر الإسمنت بالمنطقة، ويحاول هذا الطرف مخاطبة وعاء من الناخبين لإشراكه في المعركة، وإظهار ولائه للسكان الراغبين في التخلص من ضغط البناء العشوائي فوق المنازل في غياب التراخيص بإضافة طوابق إضافية لمنازل لم تعد قادرة على استيعاب تمدد الأسر. الطرف الثاني يتهم كذلك مجموعة من المنعشين العقاريين النافذين و المسؤولين الذين ثبت ضلوعهم و اطلاعهم على التصاميم، وتيقنوا أن هناك أراضي فلاحية في تصميم التهيئة ستلد الذهب بعد دخولها إلى نطاق التصميم الحضري، مدركين القيمة الكبيرة التي ستصبح عليها تلك الأراضي، ويقولون إن لهذا اللوبي نفوذا و قوة تدخل تساهم في تأخير عرض تصميم التهيئة . الصراع الدائر اليوم سيتصاعد كلما تأخرت المصادقة على تصاميم التهيئة، ومع اقتراب آجال الانتخابات الجماعية ستستعر هذه الحروب، ولا أحد ينسى في الدارالبيضاء الصراع الانتخابي الذي عرفته المدينة في تجربتين جماعيتين تحت نظام وحدة المدينة، فالاتهامات التي خرجت إلى العلن تحدثت عن تمويل لوبي العقار لحملات العديد من المنتخبين، إلى درجة القول بوجود أغلبية مؤثرة يتحكم فيها هذا اللوبي، ومثل هذه الاتهامات ستتقوى في الاستقطابات التي سيفرزها الجدل حول تصاميم التهيئة.