باستثناء السلطات الأمنية المختصة التي ظلت، بعد عشر سنوات من تفجيرات الدارالبيضاء الإرهابية، يقظة، ومتحفزة لمواجهة مخاطر الإرهاب، يبدو أن نوعا من اللامبالاة والاستخفاف من تلك المخاطر قد بدأ يعم، أكثر فأكثر، أوساطا من المجتمع المغربي، وخاصة تلك الأوساط التي تجد راحتها الفكرية في نظرية المؤامرة. ويظهر هذا الشعور في ضعف الاهتمام بأخبار تفكيك الخلايا الإرهابية، وفي التعاطف الذي يحظى به محترفو التكفير والتفسير المتطرف والمنغلق للدين الإسلامي، ومحترفو الخلط بين الدين والسياسة. هل بالإمكان تصور حالة بلادنا لو نجح 266 مخططا إرهابيا استهدفنا خلال العشرية الماضية؟ ما هو حجم الخسائر البشرية والمادية التي كانت بلادنا ستتكبدها لو نجح نصف من هذه المخططات فقط؟ من هذا المنطلق، ينبغي على الجميع الوعي بأن اليقظة والفعالية اللتين أبانت عنهما الأجهزة الأمنية غير كافيتين لتحصين بلادنا من مخاطر الإرهاب، فلابد من دعمهما بيقظة المواطن ومساندته. هذه اليقظة تبدأ من الوعي بأن حاملي خطاب التطرف والغلو هم الذين يشحنون الإرهابيين بالطاقة التي تعمي أبصارهم وتقودهم إلى ارتكاب المذابح ضد الأبرياء من المسلمين وغير المسلمين، وجب الوعي كذلك بأن الخطر سوف يظل قائما ما دامت منابع الفكر الإرهابي تجد من يغذيها، وما دام المتطرفون يلقون العطف والتأييد والمناصرة. لنتذكر جميعا، إذا استطعنا ذلك، الجو المشحون بفتاوى وخطب التطرف الذي كان سائدا قبيل أحداث الدارالبيضاء الإرهابية، ولنتذكر الاعتداءات ضد عدد من المواطنين، والكثير منا كان يعتقد أن تلك أحداث معزولة لا ترابط بينها، وأنها مجرد حوادث إجرام عادية. لنتذكر ذلك، ولنقارنه بما ينتشر اليوم من أصوات متطرفة، لا تتورع في إصدار أحكام التكفير، والتحريض على القتل. والخطير في الأمر أن هذه الأصوات تجد الصدى الإيجابي وسط أتباع الإسلام السياسي. إن هؤلاء يتهربون من إدانة الفكر الإرهابي، ولا يترددون في التعاطف مع ناشري فتاوى التكفير، ومع المحرضين على العنف باسم الدين. بالإضافة إلى هذا، يساهمون في نشر نظرية المؤامرة، وجعلها تتحكم في الأذهان، ويخلقون الجو المساعد على تراخي حاسة اليقظة داخل المجتمع. أكيد أن هذا الكلام يثير غضب أتباع الإسلام السياسي، لكن يخشى أن لا ينتبهوا إلا بعد فوات الأوان، وبعد أن تلتهمهم النيران التي ساهموا في تغذيتها.