مقاتلون من القاعدة بمالي يعودون إلى المغرب لتنفيذ اعتداءات إرهابية رغم أن طبول الحرب تدق في شمالي مالي. فإرهابيو القاعدة وحركة التوحيد والجهاد لا يزالون يخططون من فيافي الصحراء الشاسعة لإنشاء قاعدة خلفية لهم على تراب المملكة. ذلك ما أكدته المعلومات الأولية حول التحقيقات التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بعد تفكيك الخلية الجديدة. «جعل المغرب قاعدة خلفية لرحى الحرب المرتقبة بغاو وتمبكتو وكيدال» حلم لإرهابيي الجماعتين، كشفت عنه تقارير استخبارتية غربية ذكرت أن «الحرب المرتقبة بشمال مالي ستدفع التنظيمات المسلحة إلى احتضان خلايا استقطاب وتجنيد مقاتلين». وهو ما أكده بلاغ وزارة الداخلية الذي ذكر أن الخلية الأخيرة تنشط في مجال استقطاب وتجنيد شباب مغاربة متشبعين بفكر “القاعدة" قصد إرسالهم لما يسمى بالجهاد بمنطقة الساحل. المعطيات الأولية التي أوردها بلاغ وزارة الداخلية تشير إلى أن عناصر الخلية ينشطون بكل من مدن الناظور والدار البيضاء وجرسيف والعيون وقلعة السراغنة، وكانوا بصدد الإعداد لإرسال مقاتلين جدد إلى شمال مالي عبر الحدود المغربية الموريتانية بعد أن تمكنوا من إرساء علاقات وطيدة مع عناصر متطرفة تنشط جنوب المملكة. بلاغ الداخلية كما أثبتت التحريات أشار إلى أن الشبكة الإرهابية قامت في بداية أنشطتها، بإرسال بعض عناصرها إلى ليبيا كمحطة أولى قبل التحاقهم بالتنظيمين الإرهابيين بشمال مالي، ومن تم شرعوا في تجنيد المتطوعين من داخل المغرب وإرسالهم سريا إلى منطقة الساحل عبر الحدود المغربية الجزائرية. أنشطة الشبكة الإرهابية تمت بتنسيق مع قياديي القاعدة الذين كانوا يتولون تسهيل مرورهم إلى شمال مالي وتزويدهم بمبالغ مالية. الشبكة الأخيرة التي تم تفكيكها في نهاية الأسبوع الماضي، كشفت أيضا عن الدور الخطير الذي قام به مواطن مالي حل مؤخرا بالمغرب كان على اتصال بعناصر الشبكة. انفراط عقد الشبكة الأخيرة. جاء بعد إلقاء القبض داخل المغرب على أحد المتطوعين المنتمين إلى التنظيم الإرهابي، وتقديمه إلى العدالة. التحقيق مع المتهم كشف عن إلتحاقه بشمال مالي حيث أقام مدة من الزمن قبل أن يتم اختياره للعودة إلى المغرب في إطار مهمة تخريبية أوكلت إليه من طرف قياديي “حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا". كما بينت التحريات تمكن قياديو التنظيم منذ أشهر في إطار أنشطتهم المتطرفة من إرسال أكثر من عشرين متطوعا مغربيا للجهاد بشمال مالي ضمن صفوف كل من “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وحليفه “حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا". توالي تفكيك الخلايا يكشف أيضا أن التنظيمات الإرهابية لا تزال تواصل البحث عن موطىء قدم لها في الصحراء المغربية. خاصة بعدما ذكر بلاغ الداخلية أن عناصر الشبكة الإرهابية تمكنوا من إرساء علاقات وطيدة مع عناصر متطرفة تنشط جنوب المملكة. هي خطوات يُراد بها توسيع أنشطة التهريب والإرهاب إلى في عمق التراب المغربي وزعزعة أمنه واستقراره، فرغم اجراءات اليقظة والحرب الإستباقية للمصالح الأمنية وتبني سياسات وقائية لوقف زحف أفكار التطرفة والإرهاب، لا يزال شبح الإرهاب قائما، وهو ما كشفته مخططات الخلايا والشبكات الإرهابية التي فككتها المصالح الأمنية. مخططات قواسمها المشتركة زعزعة الأمن الداخلي والاستقرار السياسي. جل الإجراءات الأمنية التي جاءت في إطار المقاربة الاستباقية، والتي اتخذت عقب الأحداث الإرهابية 16 ماي سنة 2003، آتت أكلها وكانت النتيجة تفكيك ما يقارب المائة خلية إرهابية. ليس ذلك فقط، بل كشفت عن ولاء الخلايا المحلية إلى أمير التنظيم في نسخته المغاربية، سواءا على مستوى عقيدة التطرف الجهادي، أو على مستوى ربط صلات مع جماعة أبومصعب عبدالودود للإستفادة من الدعم المالي واللوجيستيكي وأيضا من التكوين العسكري في معسكرات القاعدة بالساحل والصحراء فخلية أنصار الشريعة المفككة مؤخرا سعت لتنفيذ عمليات إرهابية بسيارات مفخخة ضد مؤسسة البرلمان ومنشئات حيوية ومقرات أمنية ومناطق سياحية بالرشيدية وورززات بل أيضا اختطاف الرهائن الغربيين لطلب الفديات، ب «ربط قنوات اتصال بالجماعات الإرهابية الموالية لتنظيم القاعدة التي تنشط بمنطقة الساحل شمال مالي، من أجل الحصول على الدعم المادي والعسكري اللازمين لتنفيذ مخططاتهم الإرهابية»، كما ذكر بلاغ سابق لوزارة الداخلية. منذ تفكيك الخلية النائمة لتنظيم القاعدة إلى لحظة تفكيك الخلية الأخيرة التي أعلنت عنها المصالح الأمنية مؤخرا، تبين أن تناسل تلك خلايا العنف والتكفير سيستمر إلى ما لا نهاية، وأن الإرهابيون لا يزالون يبحثون عن موطن قدم لهم فوق تراب المملكة، ويحلمون بتحويل منطقة الساحل إلى أفغانستان جديدة. رغم أن الإرهاب لا يزال يتهدد المغرب، وخطر عصابات قاعدة الجهاد يتعاظم غير بعيد عن الحدود الشرقيةوالجنوبية للمملكة، تبقى يقظة المصالح الأمنية ونجاح حربها الإستباقية كفيلة بإجهاض حلم إرهابيي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ورهانهم على زعزعة أمن واستقرار المغرب. عائلات تعتنق فكر التطرف والجهاد تكشف هويات المتهمين في الخلية الأخيرة عن وجود عناصر يحملون نفس الأسماء العائلية كعلي قدوري، وابراهيم القدوري، وموسى القدوري، ما يشير إلى وجود صلة قرابة فيما بينهم، كعلي مايشو وادريس مايشو. وهو ما يؤكد أن عملية الاستقطاب تبدأ بالمحيط العائلي قبل الانتقال إلى أوساط اجتماعية مختلفة. وتتضمن لائحة المتطوعين للقتال في مالي بالاضافة إلى السابق ذكرهم: عبد الاله العزوزي، وعبد الفتاح بوحفاص (الملقب أبو حفص)، وعبد الرزاق الجابري، وعلوات بابا، وفؤاد عمران، وحميد مريضي (الملقب عبد الحميد)، والمهدي الركراكي، وامحمد المرابط، ومحمد بيا، ومحمد لمخنطر (الملقب محند)، ومحمد ززري، ومراد الرطاع، وسعيد دكداك (الملقب أبو عبد الرحمان)، وسعيد محمد زكرياء (مغربي ذو جنسية اسبانية)، ويونس زازا، ويوسف نوردين. أغلب المدانين في ملفات الإرهاب جمعت بينهم علاقات اجتماعية عديدة، ووحدت بينهم عقائد العنف والتكفير. لكن بعض تلك الملفات جعلت المتتبعين يقفون على وجود صلات قرابة بين المتهمين بعدها من الدرجة الأولى، كقضية التوأمين إيمان وسناء التي جعلت الأضواء تُسلط على الملف كسابقة من نوعه في ملفات المتهمين في قضايا الإرهاب. ثان واقعة استأثرت باهتمام وسائل الإعلام والمصالح الأمنية، قضية الأخوان الشطبي المعتقلان بالسجن المحلي بتيفلت، واللذان دبرا عملية الفرار من سجن القنيطرة في 2008. الأنتربول على خط جهاديي القاعدة بشمال مالي تقارير الشرطة الجنائية الدولية ترفع درجة الاستنفار الأمني لدى مخابرات دول الساحل والصحراء. آخر نشرة توصلت بها مصالح الأمن المغربي من الجهاز، تضمنت قائمة بأسماء مشتبه فيهم بالضلوع في نشاطات تخريبية، يحملون جوازات سفر مزورة، ووجتهم البلدان المجاورة. أحد تلك الأسماء كانت تخص مواطنا ماليا أشارت المعطيات الأولية التي أوردها بلاغ وزارة الداخلية إلى أنه تم إيفاده من قبل التنظيمات المسلحة بشمال مالي بغية إنشاء قاعدة خلفية داخل المملكة وإعداد مخطط تخريبي والتحضير لإرسال مقاتلين جدد إلى شمال مالي عبر الحدود المغربية الموريتانية عبر استقطابهم عدد من الشباب لإرسالهم الى معسكرات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بالجزائر ومالي قصد الاستفادة من تداريب شبه عسكرية قبل الالتحاق بجبهات القتال. محمد كريم كفال