مرة أخرى انعدام البنيات التحتية يودي بالحياة، وتخلف خسائر بشرية بمنطقة شفشاون. مازالت دموع أسرة الشابة التي لقيت حتفها ضواحي مولاي عبد السلام بن مشيش، بسبب جرف مياه الواد لها نتيجة عدم تواجد قنطرة لم تجف بعد، حتى سالت دموع من القلب في فقدان أعزاء بضواحي شفشاون، إمرأتان تركتا أبنائهما وتوجها للتسوق قبل أن تجعلهم الأمطار الغزيرة التي عرفتها المنطقة بداية الاسبوع، في موقع خطر لا يحسدن عليه. رغبة النسوة في العودة لمنازلهن ولقاء الأبناء جعلهما لا يفكران كثيرا في العواقب، فالواد الجاري أمامهم يهون أما تلك الرغبة الجامحة في الوصول للمنزل وطهو الطعام لفلذات أكبادهم، ولو ارتفع منسوبه وعز على المسؤولين أن يبنون لهم قنطرة تنقذهم من تلك المخاطر. غامرت المرأتان مغامرة كبيرة، أمسكتا بيد بعضهما البعض وهما يعبران واد احميدة بدوار النجارين بقيادة فيفي، معتقدتان أ نذلك سيجعلهما صلبتان أمام قوة المياه الجارفة، مساء الثلاثاء المنصرم كانت المياه في اعلى مستويات ارتفاعها، ولا يمكنهما العودة او الإنتظار أكثر من ذلك، فقد اعتادا تلك المغامرة منذ سنوات، لكن يبدو أن هاته المرة الأمور لم تسر كما أريد لها، فمع أولى خطواتهما نحو الجهة الأخرى، شعرتا بالجذب القوي ومع ذلك استمرتا، قبل أن تخر قواهما ويسهل على المياه جرفهما بسرعة إلى ما لا نهاية. صاحت كل واحدة تستنجد بالأخرى لكن بدون أن يكون هناك أي رد، فقوة المياه فصلتهما كليا وجرت كل واحدة في اتجاه وبقوة مختلفة. أعلمت المصالح المختصة ومعها ساكنة الدوار بالواقعة، فخرج الجميع يبحث عن السيدتين لعل القدر ينجدهما، لكن لا أثر لهما لا على مشارف الواد ولا على المجرى الإفتراضي، حل الليل وأصبح أمر إنقاذهما غير وارد تماما، واضطر الجميع لانتظار اليوم الموالي لتجديد البحث عنهما، فيما استمرت الأمطار في التساقط بنفس الحدة تلك الليلة، لتعود فرق الوقاية المدنية، والدرك وعناصر من القوات المساعدة، مجددا للبحث قبل أن تعثر على الجثة الأولى لسيدة في 46 من العمر، فيما لم يظهر أثر لزميلتها الأخرى التي كانت برفقتها مساء الغرق، واستعصى الأمر أكثر مع ارتفاع نسبة المياه والتساقطات التي دفعت بالجميع لتوقيف عملية للبحث مجددا لليوم الموالي. صبيحة يوم الخميس تحسن الجو بعض الشيء وتوقفت الأمطار، وبدأ الأمل في البحث عن السيدة وإن كانت كل آمال العثور عليها حية قد تلاشت، البحث على طول الواد وعلى جنباته يتطلب الكثير من الناس ومن الوقت، كما ان التقديرات كانت تقول أن المياه وقوتها قد تكون أبعدتها كثيرا عن الدوار، ليتم العثور عليه افي وقت لاحق من الزوال، بعيدا جدا عن مدشرها ومكان غرقها، وبالضبط على مشارف واد الشراطين التابع لإقليم وزان. وتنضاف الضحيتان الجديدتين لباقي الضحايا، الذين بدؤوا يسمون لدى بعض الفاعلين والنشطاء ب “شهداء البنيات التحتية”، وذلك لارتباط موتهم في الغالب بغياب تلك البنيات التحتية، كالقناطر وغيرها التي “يوثر” المسؤولين على أنفسهم بنائهان رغم أهمية تعداد الساكنة التي تقطع الوديان مباشرة، كما يقطعون معابر السكة الحديدية بمناطق اخرى، حيث الموت يتهددهم في كل لحظة,,, مصطفى العباسي