جمعهم شغف البحث، والاختراع الذي يصل أحيانا إلى حد الهوس. اختاروا طريق المغامرة في مجالات مختلفة، لم يدخروا جهدا في تمويل ابتكاراتهم، رغم إمكانياتهم المادية المتواضعة. أما الاعتراف، والبحث عن مؤسسات لتبني المشروع فقد كان قاسمهم المشترك الذي لايتوانون في البحث عنه لدى المصالح المختصة. حصولهم على جوائز في عدد من المسابقات والتظاهرات الوطنية والدولية أجج سعيهم في البحث عن ترجمتها في يوم ما على أرض الواقع. قضى بديار الغربة 16 سنة. حزم بعدها حقائبه بإيطاليا وقرر العودة أخيرا إلى أرض الوطن وتحديدا إلى مدينة المحمدية. قرار عودته كان لسببين « هروبا من الأزمة، ورغبة مني في استثمار تجربة راكمتها في مجال الطاقات الصديقة للبيئة بحكم سنوات عملي » هكذا يلخص صلاح معطاوي دواعي قرار العودة. تخصصه في مجال الميكروميكانيك، كان دافعا لترجمة رغبته في اختراع منتوج مغربي مائة بالمائة في مجال الطاقة الشمسية. أما دافعه الحقيقي الآخر فهو سعيه إلى التقليص وبواسطة السخانات المعدلة من عدد الوفيات المسجلة بسخانات الاستحمام التي تستخدم الغاز. سخان شمسي بتكلفة أقل.. بدأ كل شيء داخل « صالون» المنزل، بدرب الشباب بالمحمدية. بعد أن نضجت الفكرة قام صلاح بتحويله إلى «ورشة» . أفرغه من الأثاث، ثم استغل مساحته في العمل. صرح بلهجة واثقة «السخانات المستوردة من الخارج تظل باهظة الثمن، وموادها الأولية كذلك، لذلك تفتقت فكرة التوصل إلى منتوج اقتصادي ومحلي الصنع». المنتوج يسمح للأغنياء والفئات المتوسطة من اقتنائها واستعمالها بأثمنة مغرية، باعتبارها مغربية بكل مكوناتها، وبالتالي يسمح بإصلاحها أثناء العطب والعمل به لفترة طويلة. ولتأكيد فرادة الفكرة، كان لابد من اللجوء إلى المكتب الوطني للملكية الصناعية، لتسجيل براءة اختراعه، حيث استغرق الأمر سنتين، قبل تحقيق ذلك في أبريل من سنة 2011. قبل إقباله على التجربة الأخيرة، التي نال بواسطتها إحدى جوائز المسابقة المنظمة كل سنتين من طرف الجمعية المغربية للبحث التنموي بالبيضاء، ( الجائزة الثالثة)، كانت له العديد من الابتكارات الأخرى «تصب كلها في مجال البيئة، غير أن غياب معاهد مختصة للاحتضان، كان حاجزا في استمرار البحث» يعلق بحسرة شديدة. « المشروع كلفني سنتين من العمل وكلفة مالية مهمة بدء من مصاريف الدراسة والتتبع بتعاون مع وزارة الطاقة والمعادن وصولا إلى مرحلة التنفيذ». لكنه يصرح وبنوع من الغبن حول «ضياع» مدخراته « راني بعت حوايجي باش ندير المشروع». قبل أن يضيف « لو كتب للمشروع أن يقدم بالديار الإيطالية، لنلت الاعتراف اللائق، والمساعدة الكاملة في إنجازه ». في الوقت الحالي، بات انتظار فرصة لاستثمار هذا المنتوج معلقا، بل لقد تحول إلى هاجس دائم لإخراجه من دائرة الجمود، واستثمار اختراع كلفه تضحيات بالغربة، في انتظارات أن يتحقق على أرض الواقع، وبالتالي أن يجني ثمار عمله، خاصة أن صلاح عاطل وأب لطفلين. محمل لإنقاذ المصابين نفس الترقب، والبحث عن الجديد ظلا يلازمان ابراهيم الزبير من مدينة بالرباط. ففي سنة 2007. وبحكم عمله كعنصر بالوقاية المدنية وبينما كان يقوم بمعية زملائه بإحدى التدخلات، لإنقاذ سيدة مصابة، والعمل على إنزالها من أحد السطوح، وأمام الصعوبات التي واجهها الفريق في إنزالها، خامرته وبشكل مفاجئ، فكرة إحداث تغييرات واختراع محمل للإنقاذ. الفكرة يلخصها بالقول «إنها تقنية جديدة تسهل عملية إخلاء المصابين الموجودين في مستوى عالي كالطوابق العاليا مثلا أو في مستوى الحفر»، ويضيف في تقديمه تفاصيل المشروع أنه «جهاز يسهل عملية المرور من نقطة إلى أخرى سواء باستعمال الحبال حسب الموقع الذي يوجد به المصاب». لكن من أهداف الاختراع هو ضمان سلامة المصاب، ثم ربح الوقت، واقتصاد جهد المتدخلين. بل أبلغ من ذلك فالاختراع، يسمح بالتدخل في أي فضاء كان. المحمل يتكون من غطاء توجد بداخله أحزمة واقية تمكن من تثبيت المصاب بشكل جيد دون إحداث إصابات على مستوى الجسد على غرار المحمل العادي، حيث يتم تغطية المصاب وتثبيته بأحزمة موجودة بالغطاء، بعد ذلك يتم شده بأحزمة السلامة. كما يتوفر الجهاز على عارضة مثبتة على المستوى الأدنى للمحمل والتي تحول دون انزلاقه، وهو مزود بأربع عجلات تسهل عملية مروره على السلم في حالة استعماله. الابتكار الذي أبهر المتتبعين في الخارج، نال عنه اليزيد العديد من الجوائز، كالميدالية الذهبية من النادي العلمي الكويتي، في أكتوبر من سنة 2011. وذلك ضمن فعاليات المسابقة الدولية للاختراع في الشرق الأوسط. أبعد من ذلك، فقد حصل على شهادة من المعرض الدولي للاختراع في جنيف بسويسرا، وكان موضوع متابعة إعلامية، من طرف قنوات وصحف هناك، حول فرادة الابتكار، الذي يدخل في مجال الإسعافات والتدخلات لإنقاذ أشخاص في موقع الخط، الابتكار فاز كذلك بالجائزة الثالثة في الدورة السابعة للابتكار على المستوى الوطني. بساط من بقايا الأركان .. كيف يمكن استغلال بقايا منتوج يتم إتلافه إما حرقا أو إلقاؤه في مطارح النفايات؟ سؤال لم يغب عن ذهن لامين محمد. فهوس وشغف ابن تارودانت وبالتحديد بقرية أصادص في الابتكار، بدأ مبكرا. انقطاعه عن الدراسة لم يكن عائقا، كان عمله في مجال العقاقير، لمدة 11 سنة في إحدى المحلات المتخصصة بالبيضاء، وهي الشرارة التي أيقظت لديه هذه الميولات. لكن التوصل إلى ابتكار منتوج بيئي من قشور الأركان، كان البداية. « لاحظت بحكم مسقط رأسي بنواحي تارودانت ، أن بقايا الأركان، تعد بالأطنان، ويتم استخدامها كحطب فقط ، لذلك تساءلت لماذا لايمكن استغلالها كمنتوج، وأن تستخرج منه مادة، تساهم في المحافظة على البيئة، واستعمالها في المنزل» يؤكد محمد، في معرض تقديمه، لابتكاره. مشروع كلفه ست سنوات من التجارب، قبل أن يرى النور. منتوج يتطلب إخضاع المادة الأساسية إلى ثمان مراحل، قبل أن يصل إلى المنتوج النهائي، وهو عبارة (باركي)، لاستعماله كبساط أرضي غير ملوث، ولاتصدر عنه أية رائحة مقارنة، مع الأنواع المستوردة من الخارج، والتي تباع بأثمنة جد باهظة. ف«المغرب – حسب محمد – ينتج ما يناهز 2120 طنا في السنة، من بقايا الأركان، ويتوفر على 200 تعاونية، عوامل مساعدة، لخلق صناعة محلية مكملة للإنتاجات المعروفة للأركان». لكن ولحماية اختراعه، فقد بادر إلى تسجيل براءته لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية. المشروع الذي كلفه ما يناهز 20 مليون سنتيم. عرضه ضمن الفعاليات المسابقة الأخيرة للجمعية المغربية للبحث التنموي بالبيضاء، ونال عنه الجائزة الكبرى في الإبداع، من بين عشرين متنافسا. اعتراف، لم يكن حافزا لدى المؤسسات المعنية، بالإنتاجات التي تدخل في الصناعات المنزلية، للاستثمار فيه، واستغلاله، كمنتوج مغربي، مائة بالمائة، لا من حيث المادة الأولية الأركان التي ينفرد بها المغرب على الصعيد العالمي. حبه للابتكار كذلك دفعه إلى اختراع نوع من الزيوت من نفس المادة الأركان، تستعمل في أعمال النجارة، وهي غير مضرة بالبيئة. بالنسبة لمحمد فرغم فرادة ابتكاراته فإنه ما زال يبحث عن جهة لاستثمارها. وما زال مصرا على طرق الأبواب عسى أن يتحقق حلمه في صنع «باركي» من الأركان. ياغورت من الخضر.. أفكار أخرى لاتقل فرادة عن بقية الاختراعات الأخرى . ففي زمن العولمة، وأمام المنافسة الشرسة بين اقتصاديات الدول، ووعيا منه، بأهمية، الابتكار في مجال الصناعات الغذائية وبحكم تخصصه كمهندس في الصناعات الغذائية، وتدرجه في العديد من الشركات التي تشتغل في المجال، سواء في المغرب أو في الخارج. ظل حلم ابتكار منتوج مساعد في التغذية خاصة لدى الأطفال الصغار الذين لايتناولون الكمية الكافية من الخضر يراوده منذ سنوات, أحمد أمين حصار يلخص مشروعه بالقول « وعيا مني بمطالب المستهلك، قررت أن أطور ياغورت من مكونات الخضر، ومزيج الحليب، حيث يمكن الحصول على قيمة غذائية من أصل حيواني غني بالكالسيوم، ثم مادة من أصل نباتي من الخضر قليلة من الكوليستيرول، وغنية بالألياف والبوطاسيوم، الحديد، والمنغانيزيوم ثم فيتامينات تمزج مكونات النحاس، والمنغنيز والزنك. « الابتكار لاعمر له..» هي خلاصة ستظهر بشكل جلي في حالة نعيمة البكار وهي في عقدها السادس، فالإبداع في المواد التقليدية أمر لم يغب عن اهتماماتها فهذه الأخيرة نفضت عنها غبار سنوات العمل الطويلة بأحد مكاتب الدراسات. لتتفرغ بشكل مباشر إلى ترجمة، فكرة، ظلت تراودها منذ سنوات. الإبداع في مجال القفطان المغربي. واستغلاله كذلك في الأثاث المنزلي. تساءلت نعيمة، وهي تتوجه قبل عرض إبداعاتها إلى مكتب الحماية الفكرية لتسجل ابتكارها « أجد نفسي في حالة من اليأس، وأنا أتابع عن كثب كيف يستغل الصينيون، والأتراك، كل منتوجاتهم التراثية، واستغلالها في كل مناحي الحياة، حتى العصرية منها، وبالتالي جاءت الفكرة التي استنبطت منها هذا المنتوج المغربي الأصلي. نعيمة، لم تكتف، فقط وهي المتوجة بدورها في مسابقة لجمعية في خانة الفن والتصميم، في اشتغالها على فكرة القفطان، وتصميمها على كل قطعة،على حدة، مع المحافظة على خصوصية المنطقة الجغرافية التى ينتمي إليها القفطان. هاجس نعيمة الكبير أن ينتقل المنتوج من مجرد نماذج إلى إنتاجه من طرف شركات النسيج، وتصديره للخارج. نظام لحماية المعطيات الشخصية بالدار البيضاء وفي فاتح مارس الجاري تمكن طالبان (علي دحماني وصلاح الشرقاوي) من ابتكار نظام معلوماتي جديد ل”التعريف الذاتي” أطلقا عليه اسم “زيرو آنترودرز” (صفر مخترق) يمكن من تعزيز الأمن المعلوماتي دون أية تكاليف إضافية. الابتكار يشكل ثورة في مجال الأمن المعلوماتي٬ سيتيح لمستخدميه٬ بمختلف فئاتهم العمرية٬ حماية معلوماتهم ومعطياتهم الشخصية٬ والتقليص من محاولات الاختراق بحوالي 70 في المائة. وأوضح الطالبان٬ اللذان يتابعان دراستهما بإحدى مدارس المعلوميات المعروفة بالدار البيضاء «أن هذا النظام الجديد يرتكز على إدخال “معامل جديد غير فيزيائي” يتعلق ب”قوة رقن كلمة السر”٬ مضيفين أن الهدف من هذا الابتكار يتمثل في إدخال هذا النظام في كل واجهات التعريف الذاتي الممكنة (الشبابيك الأوتوماتيكية٬ الهواتف٬ الحواسيب٬ الخزائن٬ المواقع الإلكترونية). النظام الجديد سهل الاستعمال مع تمتعه بفعالية كبيرة دون أية كلفة مادية إضافية، علاوة على أنه سيمكن من تطوير الخدمات والتطبيقات التي ستقدمها الهواتف والحواسيب النقالة وشبكة الأنترنت مستقبلا. مشروع صنع طائرة .. الحديث عن الاختراعات المتوجة التي كتب لها أن ترى النور، وأن يتم تسجيلها بفضل تحرك أصحابها ومشاركاتهم في المسابقات المنظمة في هذا الإطار، لايلغي وجود بعض الأفكار « المهووسة» بفعل الاختراع، لكنها للأسف لم يكتب لأصحابها الخروج من دائرة «العتمة» وأن تترجم كاملة، كحالة الشاب رشيد بدوار سابك التابع للجماعة القروية فم العنصر ببني ملال. لم يكن يظن هذا الأخير أن حلمه في اختراع طائرة سيتحول إلى حقيقة بعد أن انتهى من صناعة الهيكل بورشة هي عبارة عن صالون غير مكتمل البناء في الطابق الأول من مقر سكنه . رشيد ايجو من مواليد 1992 خامرته فكرة صناعة طائرة منذ أربع سنوات، بعد اطلاعه على كيفية صناعة الطائرات ليدخل مع شقيقيه في هذا المشروع . أربع سنوات يقول شقيقه الأكبر سعيد هي مدة نضج الفكرة تم خلالها صناعة هيكل الطائرة و بوسائل مادية ذاتية. كان الأخوة يقتطعون من مصروف قوتهم اليومي لاقتناء المواد المستعملة في صناعة الطائرات معتمدين في ذلك على خبرة الحسين الذي يشتغل لحاما بعد رسم هيكل الطائرة و إعداد ما يلزم لذلك ، فالشكل الهندسي لطائرتهم كان دقيقا جدا حيث امتد طول الطائرة على خمسة أمتار عرضا. فبعد الانتهاء من تركيب الهيكل ، وقف سعيد يتأمل قبل دخول المرحلة الثانية في صناعة الطائرة وهي المرحلة الحاسمة ، وبعد استنفاد ما قيمته 12500 درهم في هذه العملية يبقى على الأشقاء الثلاثة توفير أزيد من 6000 آلاف درهم لإنهاء هذا المشروع الذي راود الأخ الأصغر و حمله معه كحلم لسنوات عدة ، لكن المرحلة الثانية سيتم خلالها – حسب سعيد – تغليف هيكل الطائرة و تثبيت المحرك الذي يشتغل بالبنزين بقوة 12 حصانا و تركيب المعدات الإلكترونية و بعض التجهيزات الأخرى .