في أطباق المغاربة خليط من لحوم الخيل والبقر على غير العادة، ولم تأخذ الفضيحة كثيرا من الوقت للانتقال من قلب أوروبا بداية يناير الماضي إلى المغرب شهرا كاملا بعد ذلك. منطق القرب أراد أن نشترك مع الشريك الشمالي في كل شيء، حتى تحايل مافيات الصناعة الغذائية، التي روجت لماركة «فاندوس» صاحبة أكبر مقلب غذائي في تاريخ أوروبا الحديث. السلطات المغربية ومعها المكتب الوطني لحفظ السلامة الغذائية، قرر أخيرا المرور من التحفظ إلى الفعل، عبر حجز شامل ونهائي لكل الكمية المتوفرة من المادة في الأسواق، بعد أن كان قد قرر حجزها تحفظا نهاية فبراير الماضي. مليون ونصف طن من اللحوم المخلوطة ستدمر على تكاليف المصنع والوسيط ابتداء من اليوم. الخطوة تأتي عقب نتائج الفحوص المختبرية التحليلية التي كشفت عن وجود خليط من لحوم الأبقار ولحوم الخيول في عينات من دفعات مختلفة من الوجبات المجمدة من هذا النوع التي كانت موضوع حجز تحفظي. فيندوس «بانت حريرتها» أولا في أوروبا قبل أن تنتبه السلطات الصحية في بلادنا إلى أن المنتوج غير مطابق لشروط الصحة الغذائية. وعليه فأن هذه المنتجات غير المطابقة ستعاد إلى البلد المصدر أو سيتم إتلافها على حساب المستورد، كما يقول بلاغ المكتب الوطني لحفظ السلامة الغذائية. ليس هذا فحسب، فقد تبين أن نتائج التحليلات المختبرية التي أجريت على عينات من منتجات لحوم البقر المسوقة تحت علامات تجارية أخرى مطابقة، قد يعطي نفس النتيجة. وبالتالي فإن الحملة ستظل مستمرة إلى غاية التدقيق في كل أنواع اللحوم المرصوصة فوق رفوف وجهاتنا التجارية الكبرى. مصادر من مصالح المبيعات داخل هذه الواجهات، أكدت أن الإقبال على «فيندوس» كان كبيرا خصوصا في الأحياء الراقية للمدن الكبرى كالدارالبيضاء ومراكش والرباط وفاس وطنجة وأكادير. الخطير في الموضوع، أن نسبة كبيرة من هذه المنتوجات كانت مرفوقة بشهادات صحية بيطرية مسلمة من طرف السلطات المختصة الرسمية وكذا شهادات “حلال” مسلمة من طرف السلطات الإسلامية المختصة بالبلدان الأصل. ما يعني أن التحايل كان مزدوجا، ما دفع السلطات الصحية إلى الارتياب في شأن منتوجات ووجبات تحمل علامات تجارية أخرى، تم نقلها إلى المختبر الرسمي من أجل إجراء تحقيقات تحليلية لتحديد ما إذا كانت مغشوشة أم لا. علامة « فيندوس » موضوع الفضيحة التي هزت أوروبا ورطت المسؤولين عن شركة « سبانغيرو » الفرنسية المصنعة، وقد حمّلتها الحكومة الفرنسية مسؤولية الفضيحة التي تتعلق بأكثر من 750 طنا من لحم الخيل مستوردة من رومانيا وطالت 13 بلدا أوروبيا. علامة « حلال » على المنتجات الموجهة للاستهلاك من طرف المسلمين سواء منهم قاطنو البلدان الأوروبية، أو البلدان الإسلامية المستوردة لهذه المنتجات منها المغرب والجزائر وتونس، ضاعف مسؤولية الشركة المصنعة وجعلها تقف اليوم بين مطرقة القوانين الصحية الأوروبية، وسندان الإدانة الدينية. «اللي ما قتلاتش كتسمن» يقول المغاربة استهزاء بصحتهم الغذائية منذ قديم الأزمان، ولحوم الخيل عالبا ما استهلكت قصدا وطواعية وبيعت دون أن دنى مشكل في جزارات مغربية بكل الأحياء … فهل يتعلق الأمر بيقظة «ضمير الأكل» من سباته العميق ؟