بعيدا عن أجواء الاحترازات الأمنية، وبشكل عادي وبسيط هلت مساء أول أمس أنوار الأسرة الملكية ،على ساحة جامع الفنا بمراكش، وظهرت الأميرة للا سلمى مرفوقة بنجليها الأمير مولاي الحسن وشقيته للا خديجة. الأسرة الملكية كانت تلتمس الخطو وسط رواد الساحة، كأسرة عادية لا يكاد يميزها شيء عن باقي الأسر التي تغص بهم ساحة الفرجة والفنون. كانت الأميرة للا سلمى تساير مطالب أنجالها ، وتستجيب لكل رغباتهم اللحظية، فتنساق تارة صوب حلقة رواد الأفاعي بناء على طلب الأمير الصغير، وتوجه البوصلة تارة أخرى صوب حلقة كناوة ،استجابة لطلب للاخديجة. غياب مظاهر الحراسة الأمنية، وبساطة الظهور التي اختارتها الأسرة الملكية، جعلت الكثير من رواد وزوار ساحة جامع الفنا، لا ينتبهون لهذا الحضور الاستثنائي. استمرارا في منهجية البساطة والتواضع التي اختارت الأسرة، أن تغلف بها تحركها بهذا الفضاء المترع بعبق الشرق وسحر إفريقيا،ستتوجه صوب جلسة الماكولات رقم1، التي تسهر على نصبها اللا فاطمة بهذا المطعم الكوني، وتحفل ببعض ما لذ وطاب من أصناف الطبخ المغربي. توسطت الأسرة الملكية زبناء الجلسة، ووضعت أمامها أطباقا من الشواء المغربي، الزعلوك، الصوصيص( النقانق)،الخبيزة ،وبعض “الشهيوات” المستمدة من أصالة المطبخ المراكشي. باسم الله على بركة الله، شرعت الأميرة للا سلمى ونجليها في تذوق الوجبات المقدمة ،من جلسة اللافاطمة، مع إبداء علامات الاستحسان والرضا،فيما بعض الزبناء حولها منكبين بدورهم في تناول وجباتهم. مشهد جميل يكشف في بعض تفاصيله عن الاستثناء المغربي الرائع، جمع الأسرة الملكية وبعض عامة الشعب المغربي على غير موعد، على طاولة أكل واحدة ، و”شاركو الطعام”، من يد طباخة مغربية أصيلة. كانت الأسرة الأميرية تجلس وسط أفراد الشعب المغربي،بعيدا عن تعقيدات البروتوكول الرسمية، وفي غياب مظاهر الحراسة والأمن، التي تصاحب عادة تحركات أفراد الأسر الحاكمة بمختلف دول وبلدان المعمور، ما كرس الانطباع بان هذه الأسرة جزء لا يتجزأ من هذا الجمهور الذي غصت به الساحة لحظتها، حيث الحواجز والمسافات وانصهر الجميع في بوثقة”للا وسيدي،بالطعام البلدي”. بعد أن أخذت الأسرة الملكية كفايتها من وجبات اللا فاطمة، مدت الاميرة للا سلمى يديها إلى حقيبتها اليدوية، وناولت النادلة مبلغا ماليا كثمن للوجبة،كان واضحا من خلال ردة فعل النادلة، التي وشحت الابتسامة العريضة تقاسيم وجهها، مع إبداء مظاهر الشكر والامتنان، إنه يتضمن إكرامية كبيرة، كعربون كرم وجود متأصلين. ما إن خطت الأسرة الملكية بضع خطوات بعيدا عن الجلسة رقم1، حتى أشار الأمير مولاي الحسن للوالدة إشارة موحية، صوب الجلسة رقم3، التي أوقفها المعلم حسن على وجبة البربوش (الحلزن) الشعبية. الوالدة/الأميرة لم تكذب في عيطة، واستجابت بسرعة لرغبة نجلها، لتيمم وجهها شطر المعلم حسن، وتطلب بعض ما تضمنه مطبخه من “بربوش ومرقه”، نهلت منه رفقة نجليها مع إظهار الكثير من علامات البسط والانشراح، قبل أن تسبغ على صاحب المحل بعضا من كرمها الأميري،وتغادر اتجاه سيارة كانت بالجانب الآخر من الساحة،وسط تصفيقات الرواد والزوار ،الذين انتبهوا لوجود الأسرة الملكية بين ظهرانيهم دون حواجز أو تعقيدات. اسماعيل احريملة