يذرع المكان جيئة وذهابا. بين الفينة والأخرى، ينهمك في تعديل أزرار معطفه الأسود في بهو محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء. مضطرب الحركات، كأنه يعيش في دوامة أحاسيس متضاربة، وينتظر بشغف بشارة مؤجلة تعفيه من تهمة شراء عقار بوثائق مزورة. حدث ذلك نهاية الأسبوع الماضي. قبل أن يدلف مكتب قاضي التحقيق. كأن طارئا شل تفكيره، وجعل عقله عاطلا عن العمل. يرافق الشرطي. عند عتبة المكتب، امتقع وجهه. أغلق الشرطي الباب خلفه، وهو شبه مستسلم لقدره المحتوم. أما الضحية، فجلس في ركن منزو على مقعد ببهو المحكمة بقسمات وجهه المنقضبة. شرع بيدين متوترتين في تقليب ملف أخضر رفقة محاميه. مرت عليه الدقائق بطيئة متثاقلة كأنها ساعات طوال. بداية القصة دفعته إلى رفع شكاية للوكيل العام للملك لدى استئنافية البيضاء. شكاية اتهم فيها الضحية موثقا معروفا بالبيضاء بالتلاعب في مستندات قانونية تخص عقاره الفاخر. أخذ الملف منحاه الطبيعي. أمرت النيابة العامة، بتعميق البحث فيه. باشرت الشرطة القضائية الولائية أبحاثها وتحرياتها في الملف. بعد انتهاء مسطرة تعميق البحث. أُحيل الملف على النيابة العامة، ثم على قاضي التحقيق المكلف بغرفة الجنايات باستئنافية البيضاء. الخطوة الأخيرة كشفت تلاعبات في عقد بيع الفيلا الفاخرة الواقعة بحي الوازيس التي تبلغ مساحتها 560 متر مربع. انطلقت جلسات الاستنطاق التفصيلي. تم الإستماع إلى مشتري العقار، ثم وُجه استدعاء للموثق المشرف على عملية البيع. هذا الأخير وجه الإتهام إلى ثلاثة أشخاص. أحدهما محافظ عقاري بالبيضاء، بينما الآخران وسيطين معروفان في مجال العقار. الموثق وحسب مصدر خاص، اتهم المحافظ والوسيطان بالتلاعب في وثائق ومحررات رسمية للحصول على العقار المذكور. إذن القصة تستحق المتابعة. محمد كريم كفال