في فترة وجيزة انقلبت حياته رأسا على عقب، بعدما تعرض لمفاجأة مليئة بالصدمات والحيرة، جعلت أيامه تفيض باليأس بلا انقطاع. اختفت الابتسامة عن ثغره، وفارقه الأمل، ليستسلم لسلطان الزمن والقدر من أجل إيجاد تخريجة لطي الملف الشائك الذي تسبب له في تعكير صفو حياته الهادئة. وهو ينتظر خارج بهو المحكمة، كان «عبدالله»، يعيش في دوامة أحاسيس متطفلة من خفقان القلب، ورقة النفس إلى انبعاث مشاعر الإنعتاق، وجيشان عواطف التحرر من الظلم، كأنه ينتظر بشغف فك طلاسم الأحداث التي “تعجز الأقلام عن كتابتها، كما يعجز اللسان عن روايتها”، حسب تعليقه المقتضب، وهو منهمك في تعديل أزرار قميصه الأبيض الناصع، قبل أن تزف إليه بشارة الحكم القضائى الذي قضى بحبس المقاول المتهم أربعة سنوات حبسا، مع تعويض مدني لفائدته، حددته هيئة المحكمة في 30 مليون سنتيم. قبل انطلاق أطوار الجلسة الأخيرة، روى الضحية «عبدالله»، ما أسماه تفاصيل “السيناريو الصادم والمفضوح”، الذي شل تفكيره، وجعل عقله عاطلا عن العمل، بعد نزيف الأسئلة المحيرة التي كانت تراود مخيلته على مر الثواني والدقائق والساعات .. «مراسلة كتابية من أحد المحامين، كانت هي سبب بداية كل المشاكل، لم أكن أعلم ما العمل ؟ والعقار الوحيد الذي أملكه معرض للضياع باسم القانون»، يحكي المالك الأصلي للعقار الذي تبلغ قيمته ملايير السنتيمات، ويتواجد بأحد أرقى أحياء البيضاء. الخروج من النفق المسدود، دفع به إلى رفع شكاية للوكيل العام للملك لدى استئنافية البيضاء، اتهم من خلالها أحد المقاولين بتهم التزوير في محررات رسمية، ومحاولة السطو على عقاره، عبر تسجيل تقييد احتياطي في شهادة ملكية العقار بحكم قضائي مزور، مطالبته بأزيد من مليار سنتيم من أجل التشطيب عليه. أخذ الملف منحاه الطبيعي، بعد أن أمرت النيابة العامة، بتعميق البحث فيه، لتخلص الشرطة القضائية الولائية، وقاضي التحقيق بالغرفة الأولى، بعد التحريات و الخبرات الخطية المنجزة إلى فضح مخطط الاستيلاء والسطو المنظم على العقار، وذلك بعدما أفضت الأبحاث إلى كشف تلاعبات بالمعطيات المضمنة في عقد البيع المفترض والمؤرخ في 1978، واستعمال آلة للرقن الرقمي في إعادة صياغة وتحرير بنوده، ووجود رقم مرجعي لتصحيح الإمضاءات، غير مقيد بسجل مكتب الضبط بالمصلحة المعنية، إضافة إلى توقيع مزيف لموظف جماعي وهمي. محمد كريم كفال