بعد العمل السينمائي الذي قدمه المخرج اللبناني زياد دويري تحت عنوان “الصدمة” والذي نال إعجاب العديد من المتتبعين، كان الموعد بعد زوال اليوم ذاته مع فيلم هندي ضمن المسابقة الرسمية يحمل عنوان “هوية” للمخرج كما ك.م المتخرج سنة 2004 من معهد السينما والتلفزيون في مدينة بيون الهندية. الفيلم الهندي مغاير يندرج ضمن موجة أفلام جيل جديد من سينمائيي الهند الذين لا علاقة لهم ببهرجة أفلام بوليود والذين يسلكون المنحى المؤدي إلى السينما الهادئة التي تقوم على بساطة الحكاية وعمق الفكرة. وهو يحكي قصة فتاة شابة اسمها “شارو” تعيش في شقة بمدينة بومباي توجد في بناية شاهقة رفقة إحدى صديقاتها، يطرق بابها شخص يقدم نفسه على أنه العامل الذي سيقوم بطلاء جدران الغرفة بناء على طلب من صديقاتها. تنزعج “شارو” من هذا الزائر الغريب وتطلب منه تأجيل مهمته، لكنه يفهمها بإن الموعد غير قابل للتأجيل فتسمح له بدخول الشقة على مضض. لحظات بعد شروع العامل في العمل، وفي الوقت الذي كانت فيه الشابة منشغلة في مكالماتها الهاتفية اللامنتهية، يسقط العامل مغشيا عليه ويفقد وعيه. تطلب الفتاة من جارتها المُسنة مساعدتها على إيجاد حل لهذا المشكل الذي وجدت نفسها فيه على حين غرة، وتنادي على حارس العمارة لمساعدتها على نقل العامل إلى المستشفى التي سيفارق الحياة حال وصوله إليها. تجد “شارو” نفسها في حيرة من أمرها بسبب هذا الحادث الذي ترى أنها أصبحت طرفا فيه رغما عنها، وتحاول أن تعرف شيئا عن هوية العامل الذي قضى نحبه والذي لا تتوفر على أي معلومات عنه. وهكذا تبدأ “شارو” رحلة البحث عن هوية العامل بعدما تأخذ صورة له بواسطة هاتفها المحمول وهو مسجى داخل كفنه ، فتقودها الرحلة إلى كل الأماكن التي تتوصل بمعلومات عن ارتياده لها، مطلعة كل من تلتقي به على الصورة المُخزنة في هاتفها المحمول، لكن دون جدوى، لتنتهي رحلة البحث بفقدان “شارو” لهاتفها بعد سقوطه منها في مياه نهر، فاقدة بذلك الأداة الوحيدة التي كانت تتوفر عليها لبلوغ هدفها. الفيلم ربما يحيل إلى فكرة البحث عن هوية الإنسان الهندي المفقودة داخل عالم يعج بالفوارق الاجتماعية وفي فضاءات سوداوية قاتمة تطفح بالأحلام والرغبات المُجهضة. لكنه فارغ من حيث العواطف، وتم التركيز فيه كثيرا على دور الهاتف المحمول في عملية البحث عن الهوية.