أحالت النيابة العامة باستئنافية تطوان، قاتل رجل أمن القصر الملكي بتطوان، على قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها، لمزيد من التحقيق والتحري، بخصوص الجريمة التي اقترفها عندما اقتحم باحة القصر الملكي «المشور» بتطوان، واعتدى على عناصر من الأمن هناك، متسببا في مقتل أحدهم وإصابة آخرين بجراح متفاوتة. المتهم في هاته القضية، إبراهيم بن عمر عدي، كان قد أقدم على اعتداء بداية السنة الجارية، على شرطي بشارع محمد الخامس، كان يحرس مقر القنصلية الإسبانية، حيث لم يتبين حينها، فيما إذا كان ينوي الدخول إلى القنصلية أو لا. وأكدت مصادر حسنة الاطلاع، أن إبراهيم كان يقيم بشكل قانوني بالديار الإسبانية، خلال بداية الألفية الجديدة، وأنه خضع للتحقيق كمئات من المشتبه فيهم، في أعقاب تفجيرات 2004 بأطوطشا، بل إنه أمضى مدة غير قصيرة لدى المصالح الأمنية هناك إلى حين التأكد من عدم وجود أدلة ضده، حيث كانت تقارير إسبانية، قد أفادت أن ما لا يقل عن 1400 شخص، خضعوا للتحقيق في أعقاب أحداث أتوتشا، غالبيتهم من المغاربيين. الجهة التي قالت الخبر، ربطت التحقيق مع المعني، بالحالة التي كان عليها خلال إقامته هناك، حيث كان ملتحيا وتبدو عليه معالم التطرف، إلا أن التحريات التي تمت معه حينذاك، لم تؤد إلى أي دليل اواشتباه ضده، مما دفع إلى إطلاق سراحه وعدم متابعته. لكنه مع ذلك بقي تحت المراقبة، حيث تربط مصادر مقربة منه، عدم تجديد وثائق إقامته لاحقا بهاته التحقيقات. ليتم ترحيله بعد ذلك بدعوى إقامته غير الشرعية هناك، بعد نفاذ مدة صلاحية بطاقة الإقامة، ودخول قانون الأجانب الجديد حينذاك حيز التنفيذ، والذي يقضي بضرورة توفر طالب التجديد، على عقد عمل لا تقل مدته عن خمس سنوات، وهو ما لم يتوفر لإبراهيم، الذي أعيد كمئات من المهاجرين المغاربة، الذين تصفهم السلطات هناك بكونهم غير شرعيين. لم يعد المعني إلى مدينته الأصلية زاكورة بعد ترحيله، بل بقي مقيما بمدينة تطوان التي انطلق منها، في رحلة غير شرعية، بعد بيعه محل تجاري فور استفادته منه، مكنته لاحقا من كسب وثائق إقامة هناك. ليعود إليها ويمتهن البيع بالتجوال، بنفس الطريقة التي كان عليها بالخارج، متعمدا تكبير لحيته وترديد بعض الأقاويل والشعارات الدينية، التي لا يفهم حتى معناها، كما يقول بعض معارفه. وكان غالبا ما يدعي أنه «سينقذ البشرية من الضلال»، وأنه مرسول من طرف «المهدي المنتظر»، فيما لم يكن أحد يعتقد أنه يحمل معه سلاحا أبيض، أو أن بإمكانه القيام بما قام به يوم الخميس المنصرم، خاصة بعض الذين كانوا يعرفونه عن قرب، ورغم أنه سبق واعتدى على حارس أمن القنصلية الإسبانية سابقا. مصدر مقرب من مستشفى الأمراض العقلية بتطوان، أكد أن المصالح الأمنية بتطوان، مرفوقة بمصالح من أمن القصور الملكية، اقتادته منتصف نهار الخميس المنصرم، إلى المستشفى ذاته لأخذ تفاصيل عن حياته، حيث عرض على الدكتور شعيب أكردوح الذي كان يتابع علاجه، في حين لم يكن لمدير المستشفى أي علم بالمريض المذكور، كما لم يكن هو من أذن بمغادرته المستشفى في 22 يناير المنصرم، عكس ما تحاول بعض الجهات الترويج له، وهو ما يبين أن هناك محاولات للعب «كرة التنس» بين بعض المصالح الرسمية، لإبعاد المسؤولية عليها بخصوص ما حدث، فكل جهة تلقي باللائمة على الأخرى، في حين أن هناك عشرات من أمثال إبراهيم يتجولون بالشارع، يحملون الهراوات والسكاكين، ويروجون للفكر الديني المتطرف، أمام أعين الجميع، وقد يكونون مسخرين من جهات غير معروفة، لتلصق بهم يافطة «مختلين عقليا» في حال حدوث أي شيء، تماما كما حدث في الحالة الأخيرة هاته. وارتباطا بذلك، علمت الجريدة، أن تحقيقات موازية تجري حاليا من جهات عليا، لمعرفة سبب «الخرق الأمني» الذي حدث، وأين كان الخطأ بخصوص حدوث ما حدث، والذي كلف حياة عنصر أمني وإصابات أشخاص آخرين، داخل ساحة المشور السعيد «الفدان» بتطوان. حيث تمت مراجعة ما التقطته صور الكاميرات هناك، لما حدث يوم الخميس المنصرم لتحديد المسؤوليات، ومعرفة فيما إذا كان هناك تقصير أو لا، وكذلك معرفة سبب التأخر في إرسال إشعار الإغاثة، واستعمال السلاح الناري في الوقت المناسب، إذ سيتم إخضاع جميع العناصر الأمنية والعسكرية والدرك، ممن وجدوا يومها، للتحقيق والاستماع إليهم، كل حسب مسؤوليته.