توقف الأمطار صبيحة الأحد المنصرم، دفع مجموعة من الأطفال القاطنين بالقرب من واد المحنش، في ضاحية حي «طابولة»، إلى جمع الحلزون المعروف ب «غولال» بالمنطقة، وذلك بقصد بيعه، خاصة وأنه يخرج بكميات كبيرة بعد بزوغ الشمس التي تعقب الأمطار. لكن هاته المرة صيدهم سيكون مختلفا، ففضول الطفولة قادهم إلى الاطلاع على محتويات حقيبة كبيرة، ملقاة على جانب الواد. لكن المفاجأة ستكون أكبر مما يمكن تصوره، إذ عثروا على جزء من جثة إنسان، لكن بدون معالم أو ملامح، فقط الجذع دون أرجل ولا يدين ولا رأس، حتى أنها لا تبدو في الوهلة الأولى بقية جثة. ترك الأطفال الحقيبة كما وجدوها وانطلقوا يصيحون، ليخبروا من يجدوه على الطريق من الراشدين بما عثروا عليه، فتم استدعاء الشرطة، التي نزلت بثقلها كاملا هناك، من أعلى إلى أدنى رتب في هاته المدينة، التي لم يجف بعد دم الشرطي عبد العزيز من ترابها، لتفتح قضية أخرى أمام شرطتها، وتزيد الطين بلة بعد سلسلة جرائم ووقائع، بعضها لازال عالقا. عناصر مسرح الجريمة كانوا أول من بدأ العمل هناك، بعض فحصهم لما تبقى من الجثة، بدؤوا يتجولون غير بعيد عنها، في محاولة لجمع بعض «أسرار» ما حدث قبل بزوغ الشمس، وهو الوقت المفترض لرمي تلك الأعضاء هناك. عناصر الشرطة القضائية باشروا بدورهم العمل، وتم تجنيد بعض العناصر الأمنية الأخرى من الهيئة الحضرية والاستعلامات العامة، المهم الكل انخرط في البحث عن بقايا الجسم، هناك بين الأشجار والشجيرات الكثيفة، كانوا يبحثون على أي خيط يقود لحل هذا اللغز، فيما التوتر باد على وجوه المسؤولين، الذي يعرفون أن كل شيء سيسقط فوق رؤوسهم في الأخير، كلما تأخروا في الوصول للحقيقة، لكن الصدفة كانت هاته المرة لصالحهم، أو لعلها المقولة المشهورة «ليست هناك جريمة مكتملة»، حيث عاد بعض الارتياح للوجوه المصفرة، بعد العثور على هاتف نقال غير بعيد عن مسرح الجريمة، سرعان ما تبين أنه هاتف الهالك، وبالتالي الوصول لتحديد هويته على الأقل، حيث كان من الصعوبة الوصول لهويته في ظل تشتيت جسده بتلك الطريقة. مهاتفة بعض الأرقام المسجلة به، والاطلاع كذلك على محتوياته، أوصل عناصر الأمن لبريق من الضوء، وتم التعرف على محل سكناه، حتى قبل استكمال العثور على باقي أعضائه. ومن تم انتقلت فرقة خاصة إلى حيث يعتقد مسكنه، وبدأت في جمع المعلومات والمعطيات بخصوص الهالك المفترض. إذ تبين أنه كان في نزاع مع زوجته السابقة، حول قضية المنزل الذي يقطنانه، حيث تقيم هي في طبقة وهو في طابق آخر. بعد أن كبر أبناؤهم وكل أخذ منزله مستقلا، حيث كان لهما ستة أبناء، اثنين ذكور يشتغلان بإسبانيا وأربع بنات متزوجات، وكانت الأم تشتغل في جلب البضائع من سبتةالمحتلة، بسبب عدم عمل الأب الذي كان يعتمد على مدخولها، قبل أن يطلقها ويستعد لزواج جديد وهو يقارب السبعين من عمره. دخل المفتشون المنزلين ليبحثا عما تبقى من الخيوط، بمنزل الهالك لم يكن هناك شيء يفيد البحث كثيرا، لكن منزل الزوجة في الطابق الآخر، تمكن رجال الشرطة خلال ذلك من جمع أدلة كثيرة بهذا الخصوص، ليستنطقوا الزوجة حينها ويواجهوها بما جمعوه من أدلة، قبل أن تعترف بكونها هي من فعلت كل ذلك، وهي في 64 من عمرها، حيث لم تتحمل قساوة زوجها السابق، والذي أخذ منها منزلها عنوة، حيث تدعي أنها هي من بنته من عملها، وإن كانت قد كتبته باسمه، فاستطاع أن يحصل على حكم ابتدائي بأخذه، كل ذلك لأجل الزواج مجددا، وإخراجها من منزلها بلا معيل وهي في هذا العمر. المصالح الأمنية التي وضعت السيدة رهن الاعتقال الاحتياطي، مازالت تبحث وتحقق في هاته القضية، التي تحمل بعض الغموض في تفاصيلها، حيث لم تتمكن المتهمة لحد الساعة من تحديد موقع باقي الأطراف الأخرى، كما أن هناك شك في كيفية قيامها لوحدها بكل ما قامت به، وعمرها يتجاوز الستين سنة، حيث لازالت العديد من الأسئلة العالقة، ولازالت التحقيق جاريا بهذا الخصوص، لفك مزيد من الألغاز حول القضية.