إلى حدود صباح يوم أمس ظلت الجهود المبذولة من قبل مصالح الوقاية المدنية دون مستوى الكارثة شهدت مدينة تطوان، يوم أمس، تساقط كميات هائلة من الأمطار وهبوب رياح قوية جعلت المدينة والمناطق المجاورة تبدو كما لو أنها مشهد سينمائي من أفلام الكوارث الطبيعية، حسب شهود عيان. فقد تسببت مياه الأمطار في فياضانات كبيرة على مستوى المناطق التي يمر بها واد المحنش على طول 12 كلم تقريبا وعرض كلم أو أكثر. واد المحنش هذا يقسم المدينة إلى شطرين وهو ما يجعل المياه المنحرفة عن مجراه تكبد المناطق المجاورة خسائر مهمة. مصادر من المدينة قالت إن المياه غمرت أحياء كبيرة خاصة على مستوى ثلاث نقط رئيسية، أولها المنطقة السكانية القريبة من قنطرة تمودة، التي جرفت فيها المياه كل ما صادفته في طريقها بما في ذلك القنينات الغازية لمعمل الغاز الموجود هناك. المنطقة الثانية الأكثر تضررا هي منطقة كُرة السبع التي قال عنها شهود عيان إنها باتت تعيش وضعية كارثية جراء تساقط الأمطار والفياضانات. المحطة الطرقية، التي تتواجد بهذه المنطقة، أحاطت بها المياه من كل جانب، وهو ما دفع بالمسؤولين إلى إغلاقها في وجه المسافرين والحافلات فيما تقول المصادر إن العديد من الحافلات القادمة إلى تطوان من مختلف المناطق حوصرت بالمياه، فتوقفت حركة السير. حي الكويلمة بدوره لم يسلم من الفياضانات، حسب إفادات من عين المكان. إذ غمرت المياه المنطقة المجاورة به وأدت إلى توقف الحركة حوالي المكان، فيما توقفت الدراسة جزئيا، صباح أمس، بالمؤسسات التعليمية الموجودة بالحي، وينتظر أن تكون توقفت كليا في المساء. وما يزيد من سوء الوضع كون المنطقة شعبية ويوجد بها عدد كبير من الإسطبلات، الأمر الذي ينذر بنفوق الحيوانات وارتفاع حصيلة الأضرار في ظل تدهور البنية التحتية وغياب التهيئة الحضرية المناسبة. المياه غمرت كذلك كل شوارع المدينة وجرفت أتربتها. فلم تسلم منها طريق مرتيل ولا شارع الجيش الملكي ولا شارع المسيرة، في الوقت الذي عرفت فيه هذه الأخيرة ما يشبه إعادة الهيكلة، التي عرت الأمطار واقعها الحقيقي. وإلى حدود صباح يوم أمس ظلت الجهود المبذولة من قبل مصالح الوقاية المدنية دون مستوى الكارثة. فقد أفادت مصادر من المدينة بأن المصالح المذكورة بدت عاجزة عن التدخل للتخفيف من تدهور الوضع. إذ عرت الأمطار والرياح القوية حقيقة وسائل الإنقاذ التي ما تزال غير قادرة على التعامل مع مثل هذه الحالات. إذ شوهدت مصالح الوقاية المدنية تستعمل وسائل وصفتها مصادرنا ب«البدائية» مثل الإطارات المطاطية، فضلا عن بطء عمليات إخلاء الأشخاص المحاصرين بالأمطار. طبيعي أن تتسبب التساقطات الكثيرة والانجرافات في انحباس المجاري الصحية، إلا أن الكارثة التي عاشتها تطوان خلال اليومين الماضيين والتي يبدو أنها ستستمر في القادم من الأيام تفضح بالملموس واقع البنية التحتية الهشة التي تجعل كارثة هذه الأيام تتكرر كل سنة مع حلول موسم الأمطار. فالبالوعات عجزت، منذ الساعات الأولى لتهاطل الأمطار عن تحمل كميات الأمطار ففاضت بما حملت من أتربة ونفايات تزيد من سوء الوضع. وعلى صعيد آخر، توقفت حركة السير، صباح يوم أمس، على مستوى الطرق المؤدية إلى تطوان. إذ توقفت الحركة على الطريق بين شفشاون وتطوان، واضطر العديد من مستعملي الطريق إلى تغيير الاتجاه نحو وزان والقصر الكبير ثم العرائشفتطوان، أي بزيادة حوالي 120 كلم على المسافة الأصلية. وشهدت مدينة العرائش بدورها تهاطل أمطار قوية وأجواء شبه كارثية حسب إفادات من عين المكان. فقد وصف شاهد عيان المدينة ب»المدينة الشبح» بعدما اكفهرت السماء واسودت الأجواء منذرة بأسوئ الأحوال. وقدرت مصادرنا ارتفاع مستوى التساقطات إلى ما يزيد عن 40 ملم. وفي مدينة الشاون كست الثلوج قمم الجبال، وتساقطت الأمطار بكثافة ففيما تحدثت مصادر من عين المكان عن بيوت غمرتها المياه وسقوط أعمدة كهربائية وانقطاع التيار الكهربائي في مناطق متفرقة بالمنطقة. وفي مدينة طنجة، عانى سكان المدينة العتيقة، أمس وأول أمس، من كثرة الأمطار وهبوب الرياح. إذ اضطر الكثير منهم إلى مغادرة مبانيهم خوفا من سقوطها بفعل قوة الأمطار. كما شهدت المدينة، صباح يوم أمس، انجرافات الأتربة بالمناطق المنحدرة خاصة على مستوى منطقة الشرف والسواني وكاساباراطا، بينما اشتدت قوة الرياح التي أبقت العديد من السكان في منازلهم خوفا من الكارثة. أما مدينة الفنيدق فقد وصفتها مصادرنا ب»البحيرة العائمة» جراء الكميات المطرية التي تساقطت عليها، خاصة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة. فقد ربطت سيول المياه بين مختلف أجزاء المدينة وصارت تشكل ما يشبه المسبح الكبير. وإذا كانت الأمطار التي تشهدها بلادنا في الفترة الحالية فاقت مقاييسها المعتاد منها، فإن المناطق الشمالية من المملكة اعتادت استقبال كميات أكبر مقارنة مع بقية المناطق الداخلية. إلا أن الوضع المأساوي الذي تتسبب فيه الأمطار كل سنة بالمنطقة الشمالية والذي ينعكس بشكل سلبي على العباد والحيوان لم يدفع بعد مدبري الشأن المحلي إلى التفكير في وضع حلول كفيلة بالحد من الكوارث المرتبطة بالأمطار والاستفادة من هذه الأخيرة بالشكل الصحيح.