تشهد الساحة السياسية المغربية مجموعة من التحولات والتقاطبات في أفق انتخابات 2012، ومن أبرزها محاولة جمع شمل الكتلة الديمقراطية وإحيائها، هذا التحالف الذي يبقى جامدا إلا عند قرب الانتخابات، لكن هذا الحراك من جانب الكتلة جاء كرد فعل لما تعرفه الأحزاب ذات التوجه الليبرالي من دينامية في الآونة الأخيرة، هذه الأحزاب هي «الأصالة والمعاصرة» وحليفه الأكبر «التجمع الوطني للأحرار» و«الحركة الشعبية» و»الاتحاد الدستوري»، هذه الأحزاب التي تسعى إلى تكوين قطب ليبرالي قادر على قيادة حكومة 2012، من هنا نستخلص أن انتخابات 2012 ستسبقها تحالفات في إطار تحالفين أو قطبين اثنين هما «الكتلة الديمقراطية» ومعها الأحزاب اليسارية الصغيرة، و«القطب اليبيرالي». لكن السؤال الذي يطرح هنا هو: ما موقع حزب العدالة والتنمية من هذين القطبين؟ تشير كافة الدلائل أنه إذا تمكن أحد الأحزاب الليبرالية المشكلة للقطب الليبرالي من الفوز بالمرتبة الأولى، فان حلم حزب العدالة والتنمية في المشاركة في أول حكومة في 2012 سيبقى بعيد المنال، بحكم ما صدر عن قيادة هذه الأحزاب من عدم الرغبة في التعاون مع هذا الحزب بسبب إديولوجيته، وكان هذا واضحا من خلال تصريحات حسن بنعدي «رئيس المجلس الوطني للبام»، وصلاح الدين مزوار «رئيس التجمع الوطني للأحرار»، من هنا يبقى السيناريو الثاني ممكنا وهو فوز حزب الاستقلال أو الاتحاد الاشتراكي بالمرتبة الأولى، وان كان فوز الثاني أقل احتمالا بسبب عدة مشاكل يعيشها الحزب على مستوى التنظيم الداخلي، وإذا ما تمكن «الاستقلال» من الفوز مرة أخرى بالمرتبة الأولى فإنه سيكون مطالبا بإيجاد أحزاب أخرى تشكل معه الحكومة. وبالنظر إلى أن أحزاب القطب الليبرالي سيربطها «ميثاق شرف»، أي أنها لن تشارك في الحكومة إن لم تكن معها باقي الأحزاب الليبرالية، لهذا فلن تجد الكتلة إلا حزب العدالة والتنمية، وهنا ستتقاطع رغبة العدالة في المشاركة مع رفض بعض القادة اليساريين، ولن أقول الكل، وخاصة من جانب «التقدم والاشتراكية»، حيث عبر مؤخرا سعيد السعدي، المرشح لخلافة اسماعيل العلوي على رأس الأمانة العامة عن اختلاف واضح مع العدالة وأنه لن يتعاون مع الإسلاميين، وهنا من الممكن أن تشترط مشاركة الحزب بتقديم ضمانات أبرزها الاتفاق على شروط أو خطوط حمراء في سياسة الحكومة، وهنا سيتكلف الحزب بعدد محدود من الحقائب الوزارية مع عدم التمكن من الحقائب المهمة أو «شبه السيادية»، وهذا السيناريو ممكن، لكن واقعيته ستفرض إن تمكنت الكتلة والعدالة من جمع أغلبية مقاعد مجلس النواب. أما السيناريو الثالث فهو فوز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى ، وهنا يطرح سؤال آخر، هل سيتمكن الحزب من تشكيل تحالف متين قادر على قيادة الحكومة؟ ومن هي الأطراف التي ستتحالف معه؟ إذا افترضنا أن حزب «الحركة الشعبية» لم يدخل في «ميثاق شرف» مع الأحزاب الليبرالية، سيكون امحند العنصر أول من يقبل المشاركة في هاته الحكومة بحكم ما يعرف عن رغبة الحزب في الحصول على حقائب وزارية كما حصل مع حكومة عباس في التعديل الحكومي الأخير، حتى أن أحدهم قال بأن الحزب أسس لغاية واحدة هي المشاركة في الحكومة، وأن لا موقع للحزب في المعارضة، كما أن إمكانية دخول «الكتلة» تبقى واردة، بحكم التقارب مع الاستقلاليين مؤخرا، كما حصل بفاس، ومن خلال تصريحات القادة الاستقلاليين بأن حزبهم أسس على أسس ومرجعية إسلامية، أما التقارب مع الاتحاد الاشتراكي فهو واقع زكته تحالفات الانتخابات المحلية الماضية، والتضامن الحاصل بخصوص ملف السياسيين الستة في ملف «بليرج».