سائقون منضبطون خلف مقود سياراتهم. يسيرون بتأن ورزانة حسب ما تمليه الإشارات المرورية. يقفون حيثما تلزمهم العلامات بالوقوف. يتحكمون في دواسة السرعة احتراما لأرقام الكيلومتوات المسموح بها في الساعة. الكل يتحرك في الطرقات وهو يطبق حرفيا قانون السير. لا رعونة واستهتار في السياقة. لا مخالفات تثقل كاهل شرطة المرور. لا حوادث سير مؤلمة وقاتلة. لا أهوال ولا أحزان ولا خسائر. صورة رائعة للسياقة المتحضرة ينعم بها السويديون، بينما تبقى مجرد أماني لوقف نزيف حرب الطرق بالمغرب. أماني مغربية، بدأ التفكير في تحقيقها بنقل خبرة السويد. هذا ما حدث مؤخرا. أعلن المغرب طلب عروض عالمي للتزود بنظم رقمية ذكية ورادارات خاصة لمراقبة السرعة وتصوير مخالفات عدم احترام الضوء الأحمر. في هذا السياق نظم خلال الأسبوع الماضي مسؤولوه في وزارة التجهيز والنقل لقاء بنظرائهم من السويد لاستعراض تجربة هذا البلد في مجال السلامة الطرقية. جاء الخبراء السويديون للتعاون من أجل رصد الأسباب الحقيقية وراء وقوع حوادث السير وتشخيص الحلول الملائمة للتقليص منها. سبقوا تقنياتهم المتطورة المزمع الاستعانة بها في مراقبة حركة السير والجولان بالمدن الكبيرة. لقاء شاركت فيه وزرات الداخلية والعدل وكذا الصحة. كمت حضرت المديرية العامة للجماعات المحلية والمديرية العامة للأمن الوطني، بالإضافة إلى الدرك الملكي واللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير. وقف فيه الجميع على حقيقة ساطعة، هي أن مملكة السويد تتوفر على 5 ملايين سيارة، ولا تتعدى فيها حوادث السير 240 حادثة. هذا البلد الأوروبي تمكن من خفض عدد الوفيات على الطرق بنسبة 40 في المائة في ظرف عشر سنوات. الاستراتيجية السويدية تشتمل على سلسلة من العناصر الأساسية يؤثر كل منها بدرجة محددة في السلامة الطرقية. يتعلق الأمر بالأخلاق والقدرات البشرية وحس المسؤولية والمعطيات العلمية. فهل سيتفيد المغرب فعلا من التجربة السويدية في نقل خدمة السلامة الطرقية?. أم أن عقلية وسلوك السائقين ببلدنا ستبقى خارج سيطرة التيكنولوجيا المتطورة?. ستظل الإجابة معلقة إلى أن حين التنازل عن أربعة ألف قتيل وآلاف الجرحى في السنة. المغاربة في انتظار مفعول «العلاج السويدي» لمداواة «جراح حرب الطرق» بالبلد!.