فتحوا ثلاجاتهم المتوقفة عن التبريد. أخرجوا من مجمداتها أكياسا من لحوم العيد. تفحصوها بعيونهم وأكفهم للتأكد من ذوبان تجمدها. فتحوا خياشيم أنفوهم لشم رائحتها النتنة. لم يعد لديهم أي مجال للشك في تعرضها للتلف. حملوها خارج مطابخهم والحسرة تعتصر قلوبهم. غادروا بيوتهم البئسية بحثا عن مكان للتخلص منها. تجمهروا بأقرب فضاء عام من حيهم وفي ذهنهم فكرة واحدة. قرروا بشكل جماعي رمي «اللحم الخانز» فوق إسفلت الطريق. هم العشرات من قاطني «كاريان سنطرال» بالحي المحمدي. فسدت لحوم أضاحيهم بفعل انقطاع الكهرباء عن براريكهم. انتظروا طيلة خمسة أيام أن يعود التيار إلى مصابيحهم وثلاجاتهم. طالت العتمة وحولت ما ادخروا داخل مجمداتهم إلى قطع لحم متعفنة وكريهة. تجاوز الضرر حدود الصبر على بلاء غير متوقع. المكتوون بخسارة فادحة في قوت لا يتاح لهم إلا مرة في السنة، اتفقوا صباح الثلاثاء الماضي أن يعلنوا عن مصيبتهم بالصوت والصورة. خرجوا في جمع كبير وهم يحملون كميات كثيرة من اللحوم الفاسدة. راكموها على شكل متاريس بشارع «سين»، وهم يهتفون ملء حناجرهم بعبارات الأسى والمرارة والقهر. وصل الخبر احتجاج أصحاب «لحوم العيد الخانزة» إلى السلطات المحلية. سارع رجالها وأعوانها وقواتها العمومية إلى مسرح «الفضيحة». استقصوا أسباب الحدث الغريب. استمعوا إلى شكاوي المتضررين وأخذوا ب«خاطرهم». وعدوهم بعودة التيار الكهربائي فورا إلى البراريك المظلمة. وعد نفذته بالفعل مصالح شركة ليديك في اليوم الموالي. أحضرت تقنييها وآلياتها وأصلحت العطب بسرعة وإتقان غير معهودين. فعلتها رغم أن التزويد ب«الضو» عشوائي. مصادر جمعوية من «كاريان سنطرال»، فسرت ذلك ب«خوف» السلطات من خروج قاطني الكاريان في مسيرة احتجاجية، ستتزامن مع الزيارة الملكية للدار البيضاء. مسيرة من هذا النوع، سبق وقوعها السنة الماضية بالطريق السيار. عواقبها طالت مسؤولين أمنيين من الرتب الكبيرة.