لم ينس أبناء «كاريان سنطرال» على مدار عقود من العيش تحت سقف الدور الصفيحية تلك الوعود المضغضغة لأحلامهم، التي تعزف على وتر إعادة إساكنهم في مساكن لائقة، حيث ظل المرشحون في الانتخابية الجماعية أو التشريعية يبيعونهم الوهم والبهتان. وبعد خيبات أمل وإحباطات متتالية وسنين طويلة من انتظار التخلص من بؤس وعار البراريك، تحقق الحلم القديم بقوة مبادرة ملكية وبرنامج حكومي في إطار «مدن بدون صفيح». اليوم يتكرر نفس السيناريو رغم تغير قصة وضعهم السكني، الذي أصبحت فيه مئات الأسر تقطن بين جدران منازل إسمنتية بمشروع المدينةالجديدة بالهراويين. هذا الانتقال إلى «قبر الحياة» المنشود لم يخلو هو الآخر من منغصات ومشاكل. فكثير من هذه المساكن المبنية بشراكة مع «مول الشكارة»، ظلت تعاني من نقائص في التجهيز وعيوب هندسية، ويفتقد العديد منها إلى خدمات الماء والكهرباء، مما حول حياة هؤلاء المرحلين إلى نسخة طبق الأصل لما عاشوه في الماضي من «تكرفيس» داخل «كاريان سنطرال». فقد عادت مظاهر الإضاءة بالشموع ومصابيح قنينات الغاز كأسلوب قديم/جديد لتبديد العتمة المخيمة على أرجاء العشرات من المنازل الحديثة البناء بمشروع الهراويين، بل اختارت العديد من الأسر المتضررة من «لعنة الظلمة» أن تلجأ إلى سرقة «الضو» من شبكة الإنارة العمومية. نفس المعاناة مع استمرار عدم ربط مجموعة من المنازل بالمياه الصالحة للشرب، دفعت السكان «العطشى» إلى التزود بحاجتهم من الماء بنفس الطريقة عبر مد خراطيم وأنابيب ما بين القنوات الخارجية ودورهم السكنية أمام أنظار العام والخاص. هذا الحرمان لأسباب تقنية وإدارية من الإستقادة من الماء والكهرباء، أصبح في الآونة الأخيرة ورقة انتخابية يزايد بها بعض المرشحين، حيث أطلق المتطلعون إلى مقعد تحت قبة البرلمان وعودا بحل المشاكل القائمة وتدليل كل العقبات المتعلقة بالحصول على رخص البناء «بيرمي دابيتي» والإستفادة من الربط بشبكتي الماء والكهرباء. فلا صوت يعلو هذه الأيام بأحياء المدينةالجديدة بالهراويين على كلمات «غادي نجيبو ليكم الضو والما..»، التي لا يتردد في قولها جهرا وعلنا سماسرة المتنافسين على أصوات أبناء «كاريان سنطرال» المرحلون من عمالة الحي المحمدي عين السبع إلى إقليم مديونة. فرغم تغير المكان والزمان لم تتبدل طريقة اللعب بورقة الوعود التي لم تصدق مرارا وتكرارا في تاريخ هؤلاء المنسيون ما بين الحقب الانتخابية.