هل حددت قرابة المصاهرة، التي لم تؤكد ولم تنف رسميا إلى حد الساعة من قبل المعنيين بالأمر، الكثير في حصول شركة بول المغرب على صفقة الخدمة المعلوماتية لوزارة الشباب والرياضة ؟ ما علاقة منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة بالمهدي كتاني الرئيس المدير العام لشركة بول المغرب ؟ هل صحيح أن التفويت لم يحترم المساطر القانونية الجاري بها العمل في مسطرة الصفقات العمومية ؟ ما دور تعليقات وأخبار الفايسبوك وتواريخها تحديدا في كشف بعض من معالم هذه القضية ؟ وهل تدخل قطاعات وزارية وحقوقية على الخط في حال إثبات وجود استفادة شخصية من التفويت ؟ ثم ما رأي المعنيين المباشرين بالموضوع في القضية ؟ مساء الثلاثاء 5 أبريل الماضي، وتحديدا في الساعة الثامنة مساء و47 دقيقة، ظهرت على صفحة التويتر الخاص بوزير الشباب والرياضة منصف بلخياط التغريدة التالية : « M Kettani de Bull Maroc et moi n'avons AUCUN lien de parenté ni de prêt [sic !] ni de loin, ni par alliance » ‘‘لا تربطني بالسيد الكتاني المنتمي لشركة بول المغرب أية علاقة قرابة، لا من قريب ولا من بعيد ولا حتى عن طريق المصاهرة‘‘ التغريدة، أو الرسالة كما تسمى على صفحات الموقع الاجتماعي تويتر، كانت الرد ‘‘الحاسم‘‘ لمنصف بلخياط على التساؤلات الكثيرة، والاستفسارات المتداولة في أوساط مختلفة، حول احتمال تفويت الخدمة المعلوماتية لجميع مرافق الوزارة والجامعات الرياضية والمراكز السوسيو رياضية للقرب، لقريبه من المصاهرة المهدي الكتاني الذي يشغل منصب المدير العام لشركة بول المغرب، فرع شركة بول العالمية المتعددة الجنسيات، والتي تملك فروعا في أكثر من 50 دولة، وتدرج في بورصة باريس منذ عقود. ‘‘ كلام كبير ‘‘ قد يعني طرح الموضوع على المسائلة القانونية في حالة تبوثه، وهو ما لم يتم لحد الآن بالرغم من أن عددا من الجهات، وأغلبها من الحركات الشبابية التي تخوض حوار الإصلاح القائم في مغرب اليوم وتساهم في الحراك السياسي الدائر حوله، قد راسلت الجهات المعنية من قريب أو بعيد بالموضوع : الوزير الأول عباس الفاسي، وزير المالية صلاح الدين مزوار، نورالدين بنسودة مدير الخزينة العامة للملكة، وعبد السلام أبودرار رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة. خيط الأحداث في 27 دجنبر 2010، نشر على الموقع الحكومي للصفقات العمومية طلب العرض رقم 03/2011 المتعلق بخدمة التغطية المعلوماتية لجميع مرافق وزارة الشباب و الرياضة و الجامعات الرياضية والمراكز الاجتماعية الرياضية للقرب. كما تم تحديد يوم 9 فبراير 2011 كآخر أجل لإيداع ملفات الترشيح أمام كل الشركات الراغبة في الحصول على الصفقة، كما هو معمول به في كل طلبات العروض. من خلال طلب العرض هذا، تم اتباع مسطرة الاختيار الأولي المنصوص عليها في الفصل 16 من المرسوم الخاص بالصفقات العمومية. هذه المسطرة تقسم المسلسل الكامل إلى مرحلتين : مرحلة أولى يتم فيها الاستماع إلى جميع الأطراف المهتمة بالصفقة أو الراغبة في الحصول عليها. و بعد غربلة أولية بناء على معايير موضوعية مبنية على الكفاءة و المهنية و النجاعة التقنية و المالية، يسمح للمرشحين الباقين بتقديم العروض. في نفس السياق، ينص الفصل 76 من المرسوم الخاص بالصفقات العمومية على ضرورة نشر كل من بلاغ ونتائج طلب العروض، وكذا مقتطفات من تقارير عمل اللجان التي تعمل على دراسة ملفات الترشيح في الموقع الرسمي للصفقات العمومية. و في يوم 6 أبريل 2011 نشر موقع وزارة الشباب والرياضة خبر انطلاق المشروع، بدون أن يتم نشر خبر منح الصفقة لشركة بول المغرب. قبل ذلك وفي يوم 18 مارس 2011 طلع علينا موضع الوزارة بخبر ندوة قدم فيها الوزير مشروع التدبير المعلوماتي للوزارة و الجامعات الرياضية، كما أخبر فيها عن منح الصفقة شركة بول المغرب يوم 2 فبراير 2011 . و لم يصدر لحد الآن أي قرار بمنح الصفقة في موقع الصفقات العمومية. كما تجهل تماما قيمة الصفقة، في غياب قرار الإسناد الذي يتضمن المبلغ الذي تقدم به المرشح الفائز كما ينص الفصل 17 بالفقرة 3 من المرسوم الخاص بالصفقات العمومية. أرشيف تعليقات وتحديثات الفايسبوك الخاص بالوزير منصف بلخياط و الصفحات الأولى لوزارة الشباب والرياضة، حافلة بالمواقف والمعطيات المثيرة للكثير من التساؤلات، والتي تذهب في نفس اتجاه الطروحات السابقة. فبتاريخ 20 مارس 2011 مثلا، أي 19 يوما بالتمام والكمال عن الموعد المحدد سلفا لفتح الأظرفة، اعتلت صورة المهدي كتاني، الرئيس المدير العام لشركة بول المغرب، صدر الصفحة الأولى لموقع الوزارة عند الإعلان عن نتائج الندوة التي احتضنتها مراكش قبل يومين أي في 18 مارس 2011 و التي تعلقت بالخدمة المعلوماتية للوزارة، مع إشارة متكررة لمساهمته ‘‘القيمة في الندوة‘‘. في السادس من أبريل الموالي، اعتلت صورة جديدة الصفحة الأولى لموقع الوزارة علة الانترنيت. هذه المرة تجمع الوزير منصف بلخياط والمهدي كتاني على منصة الندوة التي نظمتها الوزارة بمعهد مولاي رشيد ببوزنيقة للإعلان عن إطلاق مشروع الخدمة المعلوماتية. على امتداد الصفحة لا يمكن العثور على أية إشارة إلى تفويت الصفقة لشركة بول المغرب. قبل ذلك بالكثير من الزمن، وتحديدا في فاتح مارس 2011، زف الوزير منصف بلخياط إلى أصدقائه على صفحته الشخصية على الفايس بوك بعضا من الأخيار التي اعتبرها ‘‘ مهمة‘‘و على راسها خبر توقيع وزارة الشباب والرياضة اتفاقية مهمة مع الرئيس المدير العام لشركة بول المغرب، تتعلق بالخدمة المعلوماتية لمرافق الوزارة. بعد ذلك بيومين، أي في 3 مارس 2011 الوزير منصف بلخياط يقدم الإطلاق الرسمي للمشروع، مع الإشارة إلى أن الاتفاقية الموقعة مع الشركة الفرنسية بول التي كانت ممثلة بمديرها العام فيليب فان ... صالحة لمدة أربع سنوات. في أثر ... ‘‘علاقة‘‘ لماذا فازت بتلك الصفقة شركة Bull التي يرأسها المهدي الكتاني الذي ليس سوى قريب عائلة بلخياط بالمصاهرة ؟ وهل فعلا توجد هذه علاقة القرابة هذه، أو المصاهرة على وجه التحديد بين منصف بلخياط والمهدي كتاني الرئيس المدير العام لشركة بول المغرب ؟ أسئلة تظل مطروحة، و تبقى الإجابة عليها من طرف المعنيين بشكل علني و نشر جميع الوثائق المتعلقة بطلب العروض، السبيل الوحيد لكي يضع الوزير منصف بلخياط حدا للجدل القائم حول هاته الصفقة. ففي حال تأكد وجود هذه العلاقة، فما السبب وراء نفي منصف بلخياط لها علنا كما تمت الإشارة في بداية هذا التحقيق؟ مؤطر الصورة : العلاقة بين منصف بلخياط والمهدي كتاني زوج أخت زوج أخت الوزير - في انتظار الأجوبة، تدخل ملاحظات أخرى على الخط تحتاج بدورها للكثير من التوضيح. فالمعلومات المتعلقة بالصفقة و المنشورة بالصفحة الخاصة لطلب العروض بموقع الصفقات العمومية تتعارض مع ما جاء في طلب العروض الأصلي. إذ أن الصفحة الخاصة تشير إلى أن آخر أجل لإيداع العروض هو يوم 9 فبراير على الساعة العاشرة و النصف صباحا (موعد فتح الأظرفة)، في حين أن وزارة الشباب و الرياضة أخبرت في موقعها أنه تم توقيع العقد مع شركة بول Bull يوم 2 فبراير. وهو ما يتعارض، في حال إثباته، مع القانون المنظم للصفقات العمومية ويضرب المساطر الضامنة لتكافؤ الفرص بين المتنافسين. كما يلاحظ عدم نشر بعض الوثائق المتعلقة بالصفقة في الموقع الحكومي للصفقات العمومية www.marchespublics.gov.ma مثل الإشعار بالاختيار المسبق Avis de préselection و إشعار إسناد طلب العروض Avis d'attribution حتى مر أكثر من شهرين على تاريخ نيل شركة بول Bull للصفقة، في حين أن القانون المنظم للصفقات العمومية يفرض نشرها في حينها. أسئلة عالقة ينص القانون المنظم للصفقات العمومية بعدم السماح بإسناد أية صفقة قبل موعد فتح الأظرفة، وأن عملية فتح الأظرفة بدورها لا يمكن أن تتم قبل انتهاء أجل إيداع العروض. ومبدئيا تحدد تاريخ 9 فبراير 2011 كآخر أجل لإيداع العروض بالعودة إلى الصفحة الخاصة بطلب العروض في هذا المشروع كما هو وارد في الموقع الحكومي للصفقات العمومية. بالمقابل، تم الإعلان من خلال الخبر المنشور على صفحة الوزارة في 2 أبريل 2011 والذي يشير إلى تعاقد الوزارة مع شركة بول المغرب. إلى ذلك أفادت صفحة الوزير على الفايسبوك المنشورة بتاريخ 13 أبريل 2011 على الساعة التاسعة إلا عشر دقائق مساء، بأن فتح الأظرفة الخاصة بطلب العروض قد تم يوم 29 دجنبر 2010، في حين أن التاريخ المشار في الصفحة الإلكترونية الخاصة بطلب العروض هو يوم 9 فبراير 2011. هنا نصبح أمام إشكال آخر متعلق بتمثيلية التواريخ. فإذا كان تاريخ 29 دجنبر 2010 موعدا لفتح أظرفة القبول، فإن الأمر يتعلق إذا بمحطة أخرى في سير عمليات الصفقات العمومية، تختلف تماما عن موعد فتح الأظرفة المنصوص عليه في القانون. وحسب الموقع الرسمي للصفقات العمومية فإن تاريخ نشر طلب العروض على الموقع هو يوم 27 دجنبر 2010 على الساعة العاشرة و تسع دقائق صباحا. فما التفسير القانوني الذي يمكن أن تقدمه الوزارة بخصوص الإعلان عن فتح الأظرفة يوم 29 دجنبر 2010 أي يومين فقط بعد نشر طلب العروض على الموقع الحكومي ؟ مع العلم أن الفصل 20.1.2 من القانون المنظم للصفقات العمومية يعطي أجلا أدناه 40 يوما بالنسبة لطلبات العروض الخاصة بالخدمات التي تتجاوز قيمتها 1,8 مليون درهم. مع الأخذ بعين الاعتبار، بأنه في حال كان تاريخ 29 دجنبر 2010 موعدا فتح الأظرفة المرتبطة بالقبول، فإن اليوم الموالي، 30 دجنبر 2010 كان يجب أن تنشر فيه تقارير أعمال لجنة القبول بمقر الوزارة كما ينص على ذلك الفصل 56 من قانون الصفقات العمومية. يعتبر المشككون في مصداقية الصفقة، بأن الوزير منصف بلخياط، وبحكم إدراكه المسبق بالعلاقة التي تجمعه بالمهدي الكتاني، كان بإمكانه الإشعار بحالة «تضارب المصالح»، مباشرة بعد اختيار شركة بول المغرب ضمن مجموعة الشركات المنتقاة مبدئيا إثر قرار لجنة الاختيار، كما كان بإمكانه إيداع هاته الصفقة لدى إدارة عمومية أخرى. وتقتضي حالة «تضارب المصالح» أن يستفيد شخص أو جهة ما من مشروع أو صفقة بحكم علاقته بقريب في منصب القرار أو منصب حكومي، دون المرور بالمساطر القانونية. من خلال المعطيات الافتراضية على المواقع الاجتماعية الخاصة بمنصف بلخياط، والموقع الرسمي لوزارة الشباب يبدو جليا أن صفقة تفويت الخدمة المعلوماتية للوزارة قد وقعت فعلا بين الطرفين، لكن الملاحظ أنه وبعد مرور أزيد من شهر على انتهاء الصفقة، لم يتم نشر أية وثيقة تفيد بإسناد الصفقة في الموقع الحكومي للصفقات العمومية، أو بمقر الوزارة كما ينص القانون المنظم لهذا النوع من التعاقدات. صمت لفائدة الشك باستثناء تغريدة تويتر الشهيرة التي تنفي نفيا باتا وجود أية علاقة بينه وبين المهدي الكتاني الرئيس المدير العام لفرع شركة بول العالمية في المغرب، ولو من باب المصاهرة أو القرابة العائلية، ثم خرجته الأشهر على الفايسبوك التي أكد فيها أن الصفقة تمت بين الطرفين في ظروف قانونية وضمن المساطر المعمول بها في هذا الإطار، المتعلق بمنح الصفقات العمومية وإعلان طلب العروض، لم يصدر عن وزارة الشباب والرياضة أي رد فعل رسمي في الموضوع، أو تفسيرات أو استظهار للسيرورة القانونية التي تمت فيها عملية حصول شركة بول المغرب على المشروع، وهو ما لا يقطع الشك باليقين في القضية، ولا يحسم موقفها أمام الرأي العام الوطني. في نفس السياق، وأثناء اتصال الأحداث المغربية بالمهدي كتاني، الطرف الثاني في القضية باعتباره ممثلا لشركة بول المغرب، لمعرفة رأيه في الاتهامات التي وجهت إلى الصفقة من عدة محاور، أهمها محور من اعتبروا أنفسهم مقصيين من الصفقة وهم ثلة من رجال الأعمال وبعض المواطنين، ثم محور شباب حركة 20 فبراير و«مامفاكينش»، ولتقديم وجهة نظره بكل شفافية، لم يتسن الحصول على الرأي المباشر للمهدي الكتاني بحكم تواجده خارج التراب المغربي. بالمقابل، أدلى مدير مكتبه للجريدة بشهادة مفادها أن المهدي كتاني ومنصف بلخيط لم يكتشفا علاقة المصاهرة التي تجمعهما إلا بعد ما فازت شركة بول المغرب بالصفقة في إطارها القانوني، وحسب المساطر المتعارف عليها وطنيا بالعودة إلى القانون المنظم للصفقات العمومية !!