أحجامها تختلف بين الكبيرة والصغيرة والجداريات، وحتى الشاشات العملاقة، يتجاوز عددها 12 ألف لوحة عبر التراب الوطني ، و 1400 لوحة في الدارالبيضاء لوحدها ، سوق واعدة تدر ملايير السنتيم سنويا، و تجتذب ربع مصاريف السوق الإشهارية في المغرب، استفادت من تراخي رؤساء المجالس البلدية و سعيهم وراء مصالحهم الشخصية ، مما جعل الملك العمومي وجمالية المدن و مداخيلها الضريبية تحتاج إلى كثير من التقويم، لكن الأخطر هو تمادي بعض شركات الإشهار في تثبيت لوحاتها في كل الفضاءات وملتقيات الطرق، حتى باتت تشكل عوائق أمام رؤية الإشارات المرورية . « تيراسات » المقاهي وواجهات المحلات التجارية، وانعدام التجهيز الحضري بأرصفة الشوارع، الأتربة والحفر والأخاديد، وأحيانا بالوعات صرف صحي بدون أغطية، واستنبات مكثف لأعمدة الإنارة العمومية و الأحواض المحيطة بالاشجار، علامات توقف حافلات النقل العمومي والطاكسيات ، ثم الشبابيك الأوتوماتيكية، الخاصة بشركة (الباركينغ) ، زحمة تعيشها الفضاءات العمومية و مضايقات يومية بطعم المعاناة يعيشها البيضاويون ، لكن كل ذلك «كوم» ، و اللوحات الإشهارية « كوم تاني» كما يقول المصريون، فهذه اللوحات المعدنية العملاقة، تنبت في كل الفضاءات التي قد تقع عليها عينيك، واجهات مباني، تقاطعات زوايا أزقة و ساحات كبرى، وأخطر عيوب هذه اللوحات أن بعضها يقع مباشرة أمام الإشارات المرورية ( قف ، سطوب، أنتردي…) و تعيق رؤية الإشارات بالنسبة للسائقين مسببة كثيرا من المشاكل 0 سوء توزيع وفوضى مجلس مدينة الدارالبيضاء شكل في وقت سابق لجنة تقنية، لدراسة إعادة تموقع بعض اللوحات الإشهارية المعيقة للتنقلات و الرؤية ، أو التي تعرف تواجدا مكثفا في بعض الأرصفة ، حيث سيتم لاحقا العمل على إعادة توزيع متوازن للوحات الإشهارية في المدينة ، خصوصا أن هذه الأخيرة تتسم بسوء التوزيع والفوضى، سواء من حيث المواصفات التقنية أو شروط الإستغلال، مما يشكل مساسا بجمالية المدينة 0 كما حدد المجلس استراتيجية جديدة ، تهدف أساسا إلى توحيد شروط منح الرخص ومراجعة الإجراءات المالية للإستغلال، قصد الحفاظ على مصالح المدينة، وذلك عن طريق تفعيلها في دفتر للتحملات يربط الجماعة الحضرية للدار البيضاء ومالكي اللوحات الإشهارية، ومن بين التدابير إقامة سلم جديد للتعريفات، سيمكن من تحقيق مداخيل تقدر بحوالي 100 مليون درهم سنويا، كما أن مصاريف اللوحات لم تعد تقع على عاتق الجماعة، وإنما على عاتق المستفيد الذي يسدد فاتورة شهرية جزافية تقترح من طرف ليديك لكل لوحة إشهارية 0 مصادر مطلعة كشفت للجريدة أن الشركات كانت تقوم باستغلال الفضاءات العمومية ، بموجب عقد حدد تعويضا جزافيا قدر ب 12 ألف درهما عن كل لوحة في السنة، لكن في سنة 2006 عدل مجلس المدينة تسعيرة اللوحات حسب حجمها ومكان تواجدها، وتم تقديره على أساس 100 ألف درهم سنويا عن كل لوحة يبلغ حجمها ( 14 في 4 متر)، أما اللوحات من حجم ( 4 في 3 متر) فحددت تسعيرتها في 60 ألف درهما 0لكن في المقابل شركات اللوحات الإشهارية ، لا تكتفي باحترام المساحات المحددة قانونيا و المسموح لهم باستغلالها، بل يعمدون إلى الإستحواذ على الأرصفة العمومية، وشغلها بشكل كامل باللوحات الإشهارية بشكل يتسبب في إزعاج المارة ، ويفرض عليهم استخدام الطريق المخصص للسيارات والشاحنات بدل الرصيف العمومي وهو ما يعني حرمانهم من استخدام الرصيف العمومي . ومن مظاهر التسيب والخرق الواضح للقانون أن يعمد بعض أصحاب اللوحات الإشهارية لترك مساحات ضيقة لا تتعدى سنتيمترات معدودة كأرصفة مخصصة للراجلين «يتكرمون» بها عليهم ، وفي نفس الوقت الذي تغض فيه سلطات المدينة الطرف عن هذه التجاوزات، ولا تتخذ أية إجراءات زجرية في حق مالكي هذه اللوحات ، آخر هذه التراخيص في سنة 2012، تعطيه الحق بالاستغلال المؤقت للأعمدة الكهربائية، لأجل تعليق لوحات إشهارية على أعمدة الإنارة العمومية، ويبلغ عدد الاعمدة التي سوف تثبت اللوحات المذكورة عليها 320 عمود غياب مراقبة مجلس المدي في القانون توجد عدة معايير تحدد المسافة القانونية الفاصلة بين اللوحات الإشهارية، وتمنع الإزدحام الشديد التي تخلفه هذه الأخيرة على أرصفة المدن ، مثلا عدم حجب الروية والإقتراب من المدن ، والنوافذ وغيرها أو حجب التشوري المروري والرشارات الضوئية وغيرها على الشوارع بالمدن 0 مصدر من مجلس المدينة، أكد أن مذكرة لوزارة الداخلية تنظم المجال الإشهاري داخل المدينة، لكن المصدر أضاف أنها تطبق على الشركات التي لا تتوفر على علاقات أو تدخلات نافذة مع المسؤولين ، في الجماعة الحضرية للدار البيضاء أما باقي الشركات فهي تتحايل على النصوص القانونية، والواقع خير دليل من خلال الكثافة التي تستنبت بها اللوحات الإشهارية ، والطريقة التي تخالف مذكرة وزارة الداخلية 0 سكان أحد المنازل بشارع الزرقطوني سبق وتقدموا بشكاية لدى مصالح مجلس المدينة من أجل التظلم من المضايقات التي يسببها لهم اللوحة الرشهارية إذ بمجرد فتح النافذة كانت اللوحة نقف حاجزا أمام النافذة ، كما أن الإنارة بها تشكل مصدر إزعاج ليلي ذات المصدر أشار أن القانون ينص على آن العمدة يفتح طلب عروض ويضع دفتر تحملات ويمنح الصفقة للشركة الت يتوفر أكثر مبلغ لمالية المدينة ، والمسطرة المتبعة هي أن الشركات تضع طلباتها في مجلس المدينة ، وحين اختيار الشركة تقوم لجنة مختلطة تضم موظفين بالمجلس والمقاطعة والعمالة تخرج للتحديد أماكن الصالحة لوضع اللوحات والمسافات الفاصلة بينها وكذا هل تدخل ضمن دائرة الممنوعات التي حددتها مذكرة وزارة الداخلية قبل أن يتم توقيع محضر معاينة يوقع عليه الرئيس ويعطي موافقته المبدئية 0 لكن هل تحترم مذكرة وزارة الداخلية والمسطرة السابقة ، في الغالب لا تنجز المحاضر السابقة وإنما الشركات تحصل على الصفقات بطريقة عشوائية ويتم توقيع الرخص بطريقة سريعة ، والدليل هو الحالة التي عليهامركز المدينة والحي المعاريف من اكتضاض كبير للوحات الإشهارية ، ونفس الأمر في اللوحات الإشهارية الضخمة على الطريق السيار التي تحجب رؤية الرشارات التي توجه السائقين قرب مناطق بورنازيل و الحي المحمدي 0 تواطئ المنتخبين اللوحات الإشهارية تجاوز عددها في المغرب 12 ألف نقطة ، تختلف أحجامها بين الكبيرة والصغيرة والجداريات ، وحتى الشاشات العملاقة استفادت منذ منتصف التسعينيات الشركات من تواطئ رؤساء بعض الجماعات وتراخيهم في تطبيق القانون، وتفضيلهم التعاقد المباشر الذي يكتنفه الغموض والسرية ، عوض طلبات العروض العلنية والشفافة، الأمر الذي أفضى لتكوين ثروات بالملايير دون المساهمة في تنمية المدن، المجلس الأْعلى للحسابات انتقد في كل تقاريره تدبير اللوحات الإشهارية في المدن، و الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقق في العديد من الملفات بالمدن . منذ العام 2001 بذلت محاولات لتنظيم القطاع ، لكن أيا منها لم تنجح، أحمد الميداوي وزير الداخلية الأسبق، كان أول من عمم على رؤساء الجماعات والمجالس البلدية مذكرات لتشجيعهم على إجراء مناقصات مفتوحة لجميع الشركات ، وبعد ذلك قام مصطفى الساهل بنشر تعميم ثاني على رؤساء المجالس المنتخبة، يتناول طرق منح التراخيص لاحتلال الملك العام، حيث طلب الوزير من رؤساء المجالس المنتخبة، التخلي عن طريقة التعاقد المباشر، ففي العام 2005 كانت المنافسة مشتعلة في ذروتها، وزير الداخلية شكيب بنموسى، أصدر تعميما جديدا موجها لرؤساء الجماعات أو المدن للتصدي للظاهرة، والرسالة كانت أوضح هذه المرة « لا يجب أن يصدر أي ترخيص لاحتلال الممتلكات العامة، قبل إصدار قانون لتنظيم هذه السوق » لكن هذا القانون تأخر كثيرا وما هو ترك القطاع في حالة من الفوضى ، الأمر الذي جعل الطيب الشرقاوي يواجه مجموعة من الأسئلة في مجلس النواب ، وأكيد أن امحند العنصر وزير الداخلية الحالي سيواجه تحديات كبرى في ضبط استغلال الملك العمومي داخل المدن وفق دفاتر تحملات مضبوطة 0 فالصلاحيات الواسعة الممنوحة لشركات الإشهار جعلت الألواح غير المرخصة تجتاح شوارع المدن كالفطر . من يؤدي فاتورة الكهرباء ؟ العائدات المادية الكبيرة لهذه السوق الجديدة ، أغرت الشركات بنصب مزيد من اللوحات، سواء الأصغر حجما المسماة (سوسيط ) أو اللوحات الكبرى الأكثر رواجا واستقطابا للإشهار، لكن الشركات التي حصلت على امتياز نصب اللوحات الاشهارية، كان مطلوبا منها بناء محطات واقية بمحطات وقوف الحافلات منذ 1998، إلا أتها غضت الطرف عن هذا الالتزام، حتى السنوات الأخيرة حيث بدأت في تنفيذ التزامها ، و السلطات بدورها غضت الطرف عن مطالبتها بتوفير هذه المرافق، وتشير بعض المصادر أن مجموع ما استهلكته اللوحات الإشهارية لشركة واحدة، كمستحقات عن الإنارة العمومية بلغ 800 مليون سنتيم خلال ثماني سنوات، وهو مبلغ بدل أن تسدده الشركة كانت مدينة الدارالبيضاء هي التي تنوب عنها في الأداء ، وأمام كثرة الانتقادات الموجهة لهذه الصفقات من طرف الرأي العام، بادرت سلطات المدينة عام 2005 إلى اعتماد مشروع تأهيل القطاع الإشهاري ككل، وتشكلت لجنة تضم في عضويتها ممثلين عن السلطة المحلية والمنتخبين لترقيم اللوحات الإشهارية وإحصائها وقطع تزويدها بالكهرباء، خاصة أن وزارة الداخلية دخلت بدورها على الخط وأصدرت مذكرة عام 2002 تحث فيها المسؤولين على ضبط المجال و احترام ضوابط تقنية في العلو والمسافة والرؤية لكن الفوضى لاتزال تهيمن على القطاع . خروقات بالجملة كثيرة هي الجماعات الحضرية ، التي سجل عليها تقريري المجلس الأعلى للحسابات الأخيران لسنتي 2007 و2008 ، تهاونها في حماية الملك العمومي من الاحتلال غير المرخص، أو تحصيل الجبايات المحلية المفروضة على شغل الأملاك العمومية بشكل مؤقت، وهو ما جعل المجلس يضع من بين الملاحظات العامة لحصيلة المهام الرقابية التي أجراها في سنة 2008 ، وجود احتلال الأملاك العمومية الجماعية دون ترخيص مسبق، في غياب أي رد فعل لبعض الجماعات، والتي لا تبادر إلى إنجاز إحصاءات دورية وشاملة لشغل الملك العمومي الجماعي، مما ينتج عنه استغلال بعض الأملاك الجماعية من طرف محتليها رغم انصرام آجال التراخيص الممنوحة لهم 0 التقرير السنوي لقضاة االمجلس الأعلى توقف أيضا، عند عدم احترام بعض الجماعات لمبدأ المنافسة عند اللجوء إلى كراء العقارات، التي تدخل ضمن الملك العمومي الجماعي، سواء تعلق الأمر بالمحلات المعدة للسكن أو للأنشطة التجارية أو استغلال الملك الجماعي العام عن طريق اللوحات الإشهارية، حيث يبرم بعض مسؤولي الجماعات عقودا من أجل الاستغلال عن طريق الاتفاق المباشر، دون اللجوء إلى المنافسة، مع ما قد ينطوي عليه ذلك من مصالح شخصية، تقف وراء هذا التفويت المباشر 0