خالد أشيبان: فاعل سياسي وجمعوي من بين الأمور التي جاء بها التصريح الحكومي الأخير نجد نسبة نمو سنوية قدرت ب 5,5 % رغم أن حزب العدالة والتنمية كان قد وعد الناخبين بنسبة نمو تصل إلى 7% في حالة فوزه. ورغم أن الظرفية الاقتصادية العالمية جد معقدة وصعبة استعصى معها على الاقتصادات القوية كالاقتصاد الاسباني والفرنسي فك ألغازها، إلا أن وزراء الحزب الحاكم اليوم مازالوا يصرون على الخروج والتحدث إلى المغاربة عبر القنوات العمومية ليبيعوهم الأوهام. يجب على وزراء العدالة والتنمية اليوم أن يعترفوا بأن الظرفية الاقتصادية جد متوترة و معقدة و هذا ما دفع حزبهم إلى التخلي عن الحقائب الاجتماعية المهمة (الشغل والتعليم والصحة والمالية) لعلمهم المسبق باستحالة تحقيق أي تقدم يذكر دون مصادر تمويل للإصلاحات المنتظرة. فتوفير مناصب شغل جديدة رهين بنسبة نمو الاقتصاد وإصلاح المنظومة التعليمية وقطاع الصحة رهين بتحديث وتوفير بنية تحتية في المستوى وتحسين وضعية الموارد البشرية إن توفرت. جل هذه العوامل لا يمكن الحصول عليها في غياب مصادر التمويل التي تكاد تكون منعدمة في هذه الظرفية. لماذا؟ الاقتصاد المغربي مبني أساساً على ثلاث قطاعات وهي الفلاحة والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة. الفلاحة مرتبطة بحالة الطقس ونحن على مشارف شهر فبراير نطلب الله أن يرحمنا ولا يجعلنا من القانطين. و في حالة استمرار الحال على ما هو عليه ستكون العواقب وخيمة على قطاع يساهم بأكثر من 40% من الناتج الداخلي الخام و يشغل نصف اليد العاملة المغربية. السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة مرتبطين مباشرة بالأزمة التي تعرفها البلدان الأوروبية دون نسيان تبعات الربيع العربي واللااستقرار الذي تعرفه المنطقة. فالسياحة متأثرة بتأثر دخل الأوروبيين والاستثمار وإن توفرت الأموال فإن زرع الثقة في ظل هذه الظروف لاستقطابها تبقى مسألة جد معقدة. عوامل أخرى ستؤثر سلباً على الاقتصاد في مقدمتها التكلفة المرتفعة لصندوق المقاصة الذي مكن الحكومة السابقة من الحفاظ على القدرة الشرائية للمغاربة ثابتة في الوقت الذي ضرب زلزال الأزمة العالمية الاقتصاد العالمي. أي حديث اليوم عن صندوق المقاصة سيؤثر سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين وسيستعصي معه تثبيت معدل التضخم عند نسبة 2% في الوقت الذي يجب فيه تفادي أي خطوة يمكنها أن تؤثر على استقرار البلاد ومناخ الثقة. الفاتورة الطاقية هي الأخرى مرتبطة بعوامل خارجة عن سيطرة الحكومة لأن أي قرار بخصوص الأزمة بين سوريا و إيران والولايات المتحدة سيؤدي إلى ارتفاع ثمن برميل النفط وبالتالي تأثر المواطن المغربي الذي يستفيد اليوم من دعم الدولة لأثمنة البنزين و سيعاني الفاعلين الاقتصاديين من ارتفاع تكلفة الإنتاج. كل هذه العوامل مجتمعة تجعل مهمة حكومة بنكيران مهمة جد معقدة وأي كلام عن نسبة نمو تتعدى 4% يبقى مجرد أوهام لتخدير الرأي العام الوطني الذي هو في حاجة اليوم إلى إعادة الثقة المفقودة.