في قراءة للبرنامج الحكومي الذي عرضه رئيس الحكومة، عبد الاله بن كيران، اعتبر ادريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش في تصريح ل”أكورا” أن البرنامج عبارة عن تصورات مستقبلية ونية عمل باتجاه تحقيقها، مؤكدا أنه ولكي نكون أمام مقاربة العناصر بكفاءة وبنوع من الفعالية ينبغي أن يتم استحضار مجموعة من النقط: أهمها مدى بلورة انسجام وتكامل مشترك لدى الجسم الحكومي ليثبت على أنه متناغم في مواجهة هذه التحديات المطروحة، كما استحضر عنصر ربط المسؤولية والمحاسبة بالفعل من خلال الممارسة اليومية التي يمكن للمواطن أن يشعر بها خصوصا من خلال تفعيل دور القضاء وتجاوز الإشكالات المرتبطة بالإفلات من العقاب وباستمرار بعض مظاهر الفساد في قطاعات مختلفة، وكذلك اعتبر أن استحضار الحراك المجتمعي الذي انطلق منذ بروز حركة 20 فبراير ضروري للغاية لأن الاحتجاجات جاءت بمطالب مشروعة يتقاسمها المغاربة لذلك وجب أن تكون هناك مبادرات تعطي قدرا من الثقة والأمل حتى نكون أمام حكومة بمستوى التحديات، هناك عنصر هام كذلك وهو تنزيل المقتضيات الدستورية التي حملها الدستور المعدل بشكل سليم وبناء يسمح بإعطاء مدلول لهذه المقتضيات وإعطاء مدلول في علاقة هذه المقتضيات بتوازن السلط، خاصة وأن الدستور المعدل أعطى مجموعة من الصلاحيات لرئيس الحكومة وللبرلمان وللمعارضة وبالتالي ينبغي لبلورة هذه الصلاحيات أن تجد نخبا سياسية وبرلمانية وإدارية وحكومية قادرة على أن تعطيها روحا تشعر المواطن المغربي بأن هناك شيئا ما يتغير في المغرب. وأكد لكريني أن على الحكومة ومختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين البحث عن علاقات أخرى خارج أوربا خاصة وأن جزءا من الاقتصاد المغربي يرتكز على عائدات المهاجرين وعائدات السياحة وعلى الاستثمارات الأجنبية وبالتأكيد هذه الوضعية قد تؤثر بالسلب على الرهانات المطروحة بالنظر إلى تفاقم الأزمة المالية في كثير من الدول الأوربية وأمريكا دون إغفال كذلك التحولات الكبرى التي تعرفها أوربا على مستوى الانتخابات ووصول اليمين إلى مراكز القرار وما لذلك من تداعيات كبرى على الاستثمارات البينية والأكثر من ذلك تداعياته على قضية الوحدة الترابية، واعتبر لكريني أن الحكومة ملزمة بالبحث عن متنفس من خلال علاقات اقتصادية مع دول عربية غنية أو دول آسيوية حتى لا تجد نفسها أمام إكراهات أو إشكالات قد تفشل برنامجها التنموي، مشيرا إلى أن النقاشات التي أفرزها التصريح الحكومي أو ما سيحصل من نقاشات داخل قبة البرلمان بغرفتيه أو من خلال مواقف النقابات والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والمثقفين والأكاديميين ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار من طرف الحكومة لأنها بكل تأكيد ستغني وستبرز المداخل الحقيقية وبعض النواقص في هذا البرنامج ليتم إغناؤه وتدعيمه بهذه الملاحظات مما قد ينعكس بشكل إيجابي على أداء العمل الحكومي الجديد. وحول زيارة وزير الخارجية “سعد الدين العثماني” للجزائر في 23 و24 من شهر يناير الجاري، اعتبر “لكريني” أن هذه الزيارة إشارة إيجابية لبلد تربطه والمغرب علاقات تاريخية وثقافية واجتماعية معتبرا أن هذه الزيارة تأتي في سياق جاء حافلا بمجموعة من التطورات خلال الفترة الأخيرة على مستوى تمتين العلاقات بين البلدين سواء على مستوى القطاع الفلاحي أو على مستوى وجود إشارات من وزير الخارجية الجزائري قبل أيام فيما يتعلق بتجاوز الخلافات مع المغرب واعتبار مسألة إغلاق الحدود ليس خيارا نهائيا، دون إغفال الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة الخضراء الذي أعطى بدوره إشارة إيجابية في دعوة واضحة إلى إعادة بناء علاقة مغربية جزائرية منفتحة ومتطورة. لكن لكريني اعتبر أن تدعيم هذه العلاقة لا يكفي من خلال زيارات رسمية لفاعلين سياسيين بقدر ما تتطلب العملية مواكبة لهذه الزيارات من خلال وسائل الإعلام، المجتمع المدني، الأحزاب السياسية والمثقفين… الخ في اتجاه التركيز على العناصر المشرقة وكذلك بالتركيز على الفرص التي تفتحها بناء علاقة مغربية جزائرية متينة، وفي دعم تشبيك هذه العلاقة من خلال كافة المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والتجارية والأكاديمية لأن دعم هذه العلاقات هو الذي يسمح لها بمواجهة العواصف المستقبلية وعلى رأسها قضية الصحراء، مشيرا إلى أنه إذا ما بنيت العلاقات المغربية الجزائرية على مصالح اقتصادية مشتركة وعلى أرضية متينة سيطوى ملف الصحراء سريعا، ومن تم سينعكس ذلك حتما على بناء الاتحاد المغاربي لأن ما عاشته تونس وليبيا وما يعرفه المغرب والجزائر من إصلاحات لامتصاص غضب الشعوب يمكنه أن ينعكس بالإيجاب على مسار الاتحاد المغاربي، خاصة وأن هذه الدول تمتلك مقومات كبيرة وهامة لا تتوفر في أي تجمع إقليمي آخر وهي مقومات يجب أن تدفع صانع القرار إلى تجاوز الخلافات وطي الصفحات القاتمة والاتجاه نحو تجمع مغاربي كبير يحل مشاكل شعوب المنطقة الاقتصادية منها والاجتماعية.