يعيش المغرب منذ مدة على وقع تنامي الأصوات والبرامج والإعلانات الداعية إلى الطب البديل وتعالت الأصوات والمقالات الداعية إلى تناول العشبة الفلانية أو الخليط الفلاني من أجل علاج مجموعة من الأمراض دفعة واحدة . الناس بدأت تتهافت على الأعشاب فهي أقل تكلفة والاستشفاء بها لا يحتاج لا فحوصات بالأشعة ولا تحاليل ولا مواعيد ولا تغطية صحية ولا طوابير و لا غيرها. ذكرني الموقف بسنوات خلت عندما كان أصحاب القمصان الداكنة الذين يبيعون شراب الخودنجال في سيدي مومن وغيره من ضواحي الهامش، الشراب الذي اقترن بالإسلام الجهادي وإلغاء الآخر ورفض ثقافة التسامح، اليوم بفضل ثورة الكامون أصبح الخودنجال ديمقراطي فهو لن يرمز أبدا إلى الأشلاء والدم والمتفجرات والسيارات المفخخة، فبفضل ثورة الكامون الآتية سوف يصبح ديمقراطيا يتمتع بحزب ويقدم مرشحين للإنتخابات، وتحدو حدوه كل الجماعات الحركية ويصبح لنا في المغرب الإسلاميون الديمقراطيون، أما حزب العدالة والتنمية الذي انتصر في الانتخابات السابقة ويقود الحكومة الحالية فثورة الكامون لا تتحدث عنه وربما سيكون في عداد الأسرى أو المفقودين. فبشرى لنا بالكامون فهو لم يعد يستوطن ذاكرة العجائز كمعالج لمغص الأمعاء أو كمعطر لشرائح اللحم المشوي، بل أصبح يداوي كل الأمراض ومصلح كل الأعطاب كيفما كانت، فأزمة اليونان سوف يحلها الكامون وأزمة إيطاليا سوف يحلها الكامون، الكامون أصبح مفتاح كل شيء غير أن ثورة الكامون الواعدة تستكثر علينا خيراته ونعمه في هذه السنة الماطرة التي حرم المغاربة فيها من 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار ويطلب منا الأمير مولاي هشام راعي “ثورة الكامون” أن نصبر 5 سنوات حتى سنة 2018 ليصلنا خير الكامون فتتبدل صورتنا ويتغير كل شيء، سوف يصبح لدينا مجلس تأسيسي يضع دستورا جديدا للبلاد والحمد لله فلن ننتظر حتى 2018 لمعرفة أعضاء المجلس التأسيسي الذي سوف ينتخبه الشعب، فالكامون و ثوار الكامون ونظرا للإضطرابات التي ستعم البلاد طولا وعرضا فقد تم إعفاء الشعب من الذهاب إلى صناديق الإقتراع رأفة به وحتى يحمي نفسه من التقلبات الجوية، فقد تفضل أبو الكامون علينا بمجموعة من الأسماء التي سوف تنوب عن الشعب في وضع تفاصيل القانون الأسمى للبلاد و نتمنى للشيوخ منهم طول العمر حتى ينعموا بمزايا ثورة الكامون و نعيش في ظلهم الأيام البيض. الكامون يبشرنا أن الجزائر و البوليساريو سوف تصلهم بشائر الكامون وسوف يتنازلون عن كل أطماعهم و طموحاتهم و يقبلوا بالحل الدائم في المنطقة من أجل عيون الكامون لأنهم اليوم يرفضون الحل احتجاجا على المشاريع المؤجلة إلى 2018 في منطقة أم عزة في ضواحي الرباط بحكم إيمانهم العميق وتعاطفهم القوي مع المشاريع الإيكولوجية. ثورة الكامون لن تمس تسمية الشوارع والمدن، والتي سوف تبقى على حالها، وحده مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء سوف يتنازل طواعية عن اسمه لفائدة مطار الرباطسلا الذي سوف يحمل اسم فقيد العروبة والإسلام المغفور له محمد الخامس، هذا المطار سوف يتم تسييره من طرف مستخدمين لا تغادر البشاشة محياهم، بفعل حسنات الكامون. حسنات الكامون سوف تصل كل القطاعات، سوف يتم حل كل الإشكالات فمعدلات البطالة سوف تنزل إلى الصفر و سوف يحصل كل مغربي على شقتين، شقة إيكولوجية و شقة من إختياره على شاطئ البحر أو في قمم الجبال و بدون مقابل، هناك شرط واحد و وحيد هو الولاء للكامون، فبه سوف تحيى الناس و إليه سوف تنتصر لأنه أجاب عن كل الإشكالات وحل جميع المشاكل وفي مقدمتها الوحدة الترابية التي ضمنها لنا الكامون في رمشة عين. الأمين العام للأمم المتحدة سوف يعفي مبعوثه الخاص، ولن يجتمع مجلس الأمن ليقرر في التمديد لبعثة المينورسو من جديد، ولهذا فالمغرب لم يعد في حاجة إلى القوات المسلحة الملكية وسوف يكون مطالبا بوضعها تحت إمرة رجل مدني وربما حلها لأن الدولة المغربية لن تكون في حاجة إليها وعندما يحتاج المغاربة الدفاع عن حدودهم فيكفيهم توجيه نداء إلى الشعب المسلح بالكامون المرابط في الشقق الإيكولوجية من أم عزة إلى تونفيت ومن تونفيت إلى الرأس الأسود ومن الرأس الأسود إلى خليج الداخلة… لتكون الهبة و سوف تتأكد شعوب الأرض من التأثير السحري للكامون على قدرات البشر. الكامون يعدنا أنه سوف يحول مقرات الدولة إلى متاحف تعرض فيها جميع أنواع الأعشاب والتوابل وسوف تأتينا القوافل التجارية من تومبوكتو وتورابورا وسبأ ووزيرستان وقندهار ويسعدون معنا بشراب الخودنجال، فبعد ثورة الكامون سيعم الخير زراعتنا لأننا لن نستهلك القمح والشعير والذرة وغيرها من الحبوب ولن ننتج الخضراوات والفواكه، سنكتفي فقط بالنخيل والرمان والزيتون والعنب والثوم والبصل ونخصص باقي الأراضي في إطار الإصلاح الزراعي للكامون والأشجار المنتجة للأكسجين، وسنبيع الترامواي و التيجيفي وكل القطارات السريعة والبطيئة في سوق الخردة ونعود إلى عصر الفينيقيين. إنها ثورة القبائل من أجل “عيون الكامون” الذي قرر في أحد أيام أبريل 2013 أن يصادر حقنا في التطور الطبيعي و تنبأ لنا منذ اليوم بمصيرنا بعد خمس سنوات، تحمل نيابة عنا كل عناء التغيير فغير الأشياء من أجلنا وأعفانا من ضنك البحث عن نخبة نستودعها سرنا واختار لنا من يحكم بإسمنا من أجل عيون أم عزة، فمن أجلها يموت المغاربة ومن أجلها نغير الدستور ومن أجلها نفتح متاحف جديدة ومن أجلها تثور القبائل ومن أجلها يتعطل الدستور ومن أجلها لن نشرب بعد اليوم إلا الخودنجال ولا نستهلك إلا الكامون. فبشرى لنا بالكامون الديمقراطي الذي يختزن سر 2018. إلى ذلك الحين لماذا لا يدخل الجميع اليوم في حالة كمون و ينتظرون الآتي مع ثورة الكامون، بقي فقط أن نعرف أي نوع من الكامون الذي سوف يثور فهناك في المغرب أكثر من نوع هناك الكامون البلدي والكامون الرومي والكامون الصوفي. أم أن ثورة الكامون المرتقبة تجد جذورها في ما تختزنه بعض الذاكرات الدكتاتورية من أن المغاربة كامونيين “ماكاي يعطيو الريحة حتى كيتحاكو” وأن سنة 2018 هي سنة الحك الجماعي للمغاربة حتى تفوح رائحتهم.