يعد فقدان حاستي التذوق والشم من الأعراض الشائعة ل"كوفيد-19″، وهي أعراض يمكن أن يعاني منها أيضا المصابون بنزلات البرد أو الإنفلونزا. لكن دراسة صغيرة نُشرت يوم الثلاثاء 18 غشت، تصف الاختلافات الرئيسية بين فقدان حاسة التذوق والشم التي تنتج عن كل من تلك الفيروسات، وتسليط الضوء على كيف ولماذا قد تظهر هذه الأعراض في حالات "كوفيد-19". ويوضح فريق الباحثين الأوروبيين، الذين درسوا بيانات مرضى "كوفيد-19″، أن فقدان الرائحة الذي يمكن أن يصاحب فيروس كورونا فريد ومختلف عن ذلك الذي يعاني منه شخص مصاب بنزلة برد أو إنفلونزا. وبشكل أكثر تحديدا، يؤكد الباحثون أن فيروس كورونا، على عكس التهابات الجهاز التنفسي الشائعة الأخرى، يؤثر على الدماغ والجهاز العصبي. وقال كارل فيلبوت، الباحث الرئيسي والأستاذ بكلية نورويتش الطبية بجامعة إيست أنجليا، في بيان صحفي.: "هناك أشياء مختلفة تماما تحدث عندما يتعلق الأمر بفقدان حاسة الشم والتذوق لمرضى كوفيد-19، مقارنة بأولئك المصابين بنزلة برد سيئة". وأضاف: "هذا يعني أنه يمكن استخدام اختبارات الشم والتذوق للتمييز بين مرضى كوفيد-19 والأشخاص المصابين بنزلات البرد أو الإنفلونزا العادية". وتقدم الدراسة المزيد من الأدلة على أن فيروس كورونا يؤثر على الجهاز العصبي. وسيعاني ما بين 34% إلى 98% من المرضى في المستشفى المصابين ب"كوفيد-19″ من فقدان حاسة الشم. وسيعاني المرضى من هذه الأعراض لأكثر من 30 يوما، وقد لا يستعيد البعض الحاسة أبدا. وعندما يعاني مرضى "كوفيد-19" من فقدان الرائحة، فإنهم يميلون إلى أن يكون العارض مفاجئا وشديدا. وعادة ما لا يكون لديهم انسداد في الأنف أو سيلان أنفي، وما يزال بإمكان معظم المصابين بفيروس كورونا التنفس بحرية. وجد الباحثون أن فقدان الرائحة كان "أكثر عمقا" بين المصابين بفيروس كورونا، حيث كانوا أقل قدرة على التعرف على الروائح من مرضى الزكام. كما تراجعت حاسة التذوق لدى مرضى "كوفيد-19" بشكل خطير، حيث لم يتمكنوا من التعرف على النكهات الحلوة أو المرة باستخدام "شرائط التذوق" التي تتفاعل مع مناطق اللسان المختلفة. ولم يكن هذا هو الحال بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من نزلات البرد. وعندما تصاب بنزلة برد، يكون الشم والتذوق صعبا في الغالب لأن أنفك محشو والمسالك الهوائية مسدودة. لكن مع "كوفيد-19″، يبدو أن الأعراض تنبع من الطريقة التي يغزو بها المرض الدماغ والجهاز العصبي لأن الفيروس لا يميل إلى التسبب في انسداد الأنف، كما يعتقد الباحثون. وأظهرت أبحاث أخرى أيضا أن الفيروس التاجي يمكن أن يكون له عواقب عصبية وخيمة تتجاوز نظام حاسة الشم. ووجدت إحدى الدراسات أن فقدان حاسة الشم لفترة قصيرة قد ينجم عن "متلازمة الشق"، وهي حالة يمنع فيها الأنسجة الرخوة والمخاط الروائح من الوصول إلى الخلايا العصبية الشمية. ووجد الباحثون أن بعض مرضى الفيروس التاجي أصيبوا بتورم في الدماغ وهذيان، بينما أصيب آخرون باضطرابات في الجهاز العصبي مثل متلازمة غيلان باريه التي يمكن أن تسبب الشلل. كما لوحظت السكتات الدماغية كنتيجة ل"كوفيد-19″. وقد يساعد البحث الجديد الأطباء في التفريق بين فيروس كورونا ونزلات البرد. وجدت الدراسة الجديدة أنه من خلال إعطاء المرضى اختبارات قياسية وبسيطة نسبيا للتذوق والشم، يمكن أن يكون من السهل جدا التمييز بين أولئك الذين يعانون من "كوفيد-19" والذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي الأخرى. وقال فيلبوت: "على الرغم من أن مثل هذه الاختبارات لا يمكن أن تحل محل أدوات التشخيص الرسمية مثل مسحات الحلق، إلا أنها يمكن أن توفر بديلا في حالة عدم توفر الاختبارات التقليدية أو عند الحاجة إلى الفحص السريع، لا سيما على مستوى الرعاية الأولية، في أقسام الطوارئ، أو في المطارات". وأضاف الباحثون أن هناك حاجة في نهاية المطاف إلى مزيد من البحث، بما في ذلك الدراسات التي تعتمد فحوصات الدماغ، للمساعدة في فهم كيفية تأثير فيروس كورونا على الحواس. وأشار فيلبوت إلى أن التحقيقات الإضافية يمكن أن توضح أيضا "ما إذا كان التباين الجيني في مستقبلات الذوق المر والحلو لدى الناس قد يؤهلهم للإصابة بكوفيد-19، أو على العكس، وما إذا كانت عدوى كوفيد-19 تغير كيفية عمل هذه المستقبلات".