أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي السيد ناصر بوريطة، اليوم الثلاثاء بموسكو، أن المغرب يدعو إلى وضع إطار شراكة عربي روسي مبتكر، وإطلاق مبادرات يمكن أن تؤثر على مجريات الأحداث. وقال السيد بوريطة، في كلمة خلال الدورة الخامسة لمنتدى التعاون العربي الروسي، الذي تستضيفه العاصمة موسكو، إن "طموحنا بعد عشر سنوات من اطلاق المنتدى هو الانتقال من منتدى للتشاور والحوار الى إطار لعلاقات شراكة قادرة على ابتكار واطلاق مبادرات من شأنها التأثير على مجريات الاحداث بما ينسجم مع طموحاتنا في تحقيق السلم والأمن والتنمية لشعوبنا ولمنطقتنا". ودعا السيد بوريطة إلى أن يواكب "المكتسبات التي تحققت على المستوى السياسي والدبلوماسي في إطار هذا المنتدى، عمل على تطوير الشراكة الاقتصادية والتعاون الثقافي والعلمي". وفي هذا الصدد، أعرب وزير الخارجية والتعاون الدولي عن دعم المغرب لخطة العمل الثنائية للفترة الممتدة من 2019 الى 2021، التي تتضمن شقين أساسيين، أولهما اقتصادي وثانيهما ثقافي، بما في ذلك قضايا مثل الأمن الغذائي، والتعاون بين الجامعات، ونقل التكنولوجيا، والتوصل بين الشباب وتشجيع السياحة. وعلى الصعيد السياسي، أكد الوزير على تطابق المواقف العربية والروسية حول العديد من القضايا العربية الملحة، منوها باتزان مواقف روسيا وتشبثها بمبادئ القانون الدولي الذي من شأنه أن يعزز مسلسلات الحوار والتسوية السلمية ويفضي الى إرساء السلم والأمن والاستقرار في المنطقة العربية. وأكد السيد بوريطة أن منتدى التعاون العربي الروسي يكتسي أهمية خاصة، بالنظر إلى أن روسيا هي فاعل أساسي في القضايا العربية الملحة كالأزمة السورية، وعامل توازن مطلوب في القضية العربية المركزية التي هي القضية الفلسطينية، إلى جانب دورها كشريك رئيسي وموثوق به في العلاقات الثنائية مع العديد من الدول العربية، بما في ذلك المغرب. وفي هذا السياق، دعا السيد بوريطة روسيا إلى دعم الموقف العربي في ما يخص القضية الفلسطينية، وخاصة في ضوء التطورات المحبطة، والحفاظ على ثوابت تسويتها، المتمثلة في إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق المرجعيات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ودعم كل الجهود الرامية الى الحفاظ على مقومات الحل العادل والشامل والدائم. كما أن الدور الروسي ضروري، حسب السيد بوريطة، لتهيئة الظروف المناسبة لإيجاد حل سياسي مناسب للأزمة السورية، أخذا بعين الاعتبار التطورات على أرض الواقع، والحاجة الى دور عربي أكثر فعالية وضرورة جعل النقاش حول عودة سوريا الى جامعة الدول العربية عنصرا محفزا للمضي قدما في حل الأزمة السورية، بما يضمن استقرارها ووحدتها والتجاوب مع تطلعات مختلف مكونات الشعب السوري. وأضاف أن الدور الروسي سيكون عاملا مساعدا للعودة إلى مسلسل الحوار بين الأطراف الليبية تحت إشراف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، بما يضمن مخرجا حقيقيا للأزمة الليبية وفق اتفاق الصخيرات وبعيدا عن الحلول العسكرية والتدخلات الخارجية غير البناءة. وقال السيد بوريطة إن المملكة المغربية تظل منخرطة بقوة في قيم منتدى التعاون الروسي العربي من منطلق علاقات الشراكة القوية التي تربطها بروسيا، مبرزا أن المغرب مقتنع بدور روسيا في إرساء أسس نظام عالمي متوازن، وأهمية العلاقات العربية الروسية المبنية على أسس عمرها قرون وعلاقات حضارية ومصالح مشتركة. وفي هذا السياق، سجل الوزير أن التعاون المغربي الروسي عرف طفرة نوعية إثر الزيارة التاريخية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لموسكو في مارس 2016، والتوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية المعمقة والعديد من الاتفاقيات ذات البعد التنموي التي ترجمت إلى نتائج ملموسة، أدت سنة 2018 الى الرفع من حجم المبادلات التجارية بنسبة 100 في المائة مقارنة بعام 2017. وافتتح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الثلاثاء بالعاصمة الروسية، الدورة الخامسة لمنتدى التعاون الروسي العربي بمشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، و14 وزير خارجية عربيا، من ضمنهم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي السيد ناصر بوريطة. وينعقد المنتدى في إطار السعي لدعم الحوار وعلاقات التعاون بين الجامعة العربية والشركاء الدوليين، أخذا بعين الاعتبار الاهتمامات والأولويات المشتركة التي تجمع الجانبين العربي والروسي في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية.