اجتمعت كل المكوّنات لتجعل محاكمة توفيق بوعشرين مثيرة للجدل وتحظى بمتابعة كبيرة. وبالعودة إلى التفاصيل، قام حوالي عشرون من عناصر الأمن في أحد أيام الجمعة خلال شهر فبراير الماضي باعتقال توفيق بوعشرين، 49 سنة، مدير يومية “أخبار اليوم” من مكتبه. وفي الغد، أعلن الوكيل العام للملك بأن الأمر يتعلق بتهم” بشكايات بسبب اعتداءات جنسية” على شاكلة ملف “وينشتين” بالولايات المتحدةالأمريكية (في إشارة إلى فضيحة قطب هوليود، المنتج الأمريكى هارفى وينشتين، المتورط في الاعتداء الجنسي)، وعلى شاكلة فضيحة طارق رمضان بفرنسا. تأسست يومية “أخبار اليوم” سنة 2009 كيومية مستقلة، فيما أصبحت افتتاحيات مديرها توفيق بوعشرين معروفة بانتقادها للسلطة، حيث لم تثنه المتابعات في حقه عن تغيير خطه التحريري، كما أن قربه من بعض كبار الشخصيات في حزب العدالة والتنمية الذي قاد التحالف الحكومة وانتقاده اللاذع لرموز السلطة كان واضحا، حيث كان من بينهم من حضر أولى جلسات المحاكمة، التي دارت في تاريخ رمزي، 8 مارس، اليوم العالمي للمرأة. وهنا بدأت المقالات تتحدث عن حجز حوالي 50 فيديو بمقر يومية “أخبار اليوم” توثق للممارسات الجنسية لتوفيق بوعشرين، والتي يعود بعضها إلى سنة 2015، حيث توبع بوعشرين بتهم” الاستغلال الجنسي” و”الاغتصاب” و”الاتجار بالبشر”، غير أن المناضلة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، خديجة الروكاني، التي تترافع عن الضحايا تقول “من حق بوعشرين ادعاء البراءة، لكن يجب أن تكون المحاكمة عادلة، وهذا حق يتمتع به بوعشرين والضحايا”. من جهته، تحث دفاع توفيق بوعشرين عن بطلان المسطرة، حيث قال المحامي محمد زيان إن الأمر يتعلق ب”تلفيق تهم” مشيرا إلى أن “بوعشرين لا يوجد وراء القضبان بسبب ميولاته الجنسية، بل بسبب أفكاره” معبّرا عن استغرابه من كون المحققين “اطلعوا على فيديوهات تبلغ مدتها 15 ساعة وحرروا محاضرهم خلال 12 ساعة. مضيفا أن”هناك وثيقة تتحدث عن حالة التلبس، ثم يقولون لنا بأن ذلك خطأ لم يتم إصلاحه”، ليتساءل النقيب السابق بعد ذلك قائلا” هل تم تسجيل الفيديوهات بواسطة كاميرات كانت مثبتة بمكتب بوعشرين منذ سنوات؟ فالمحضر لا يشير إلى الرقم التسلسلي للكاميرات.” من جهتها،اتصلت عائلة توفيق بوعشرين بمحامين أجانب من بينهم راشل ليندون، الذي يترافع عن السجناء الكاتالونيين بمدريد، والتي دون العودة إلى الوقائع تقول بأن “المسطرة السريعة والهشّة تفتح الباب أمام القول بأن هناك خطأ ما. فأين هي المصداقية التي سيأخذها الحكم في هذا الملف؟” وداد ملحاف، مستخدمة سابقة يومية “أخبار اليوم”(واحدة من بين 8 مشتكيات) أكدت على أنها لم تبادر بتقديم شكاية ضد بوعشرين، بالرغم من أنه تحرش بها منذ سنة 2015، وأنها قررت مواجهته قضائيا بعد استدعائها من طرف الفرقة الوطنية، مشيرة إلى أنها اضطرت إلى الحصول على متابعة طبيب نفساني وتناول الأدوية، حيث تقول في بخصوص هذا الملف” فضلت عدم الحديث عمّا حدث لي لأننا في مجتمع غالبا ما يتهم المرأة ويعطي الحق للمغتصب أو المتحرش. لا أعرف لماذا يتم تسييس هذه القضية؟ فما حدث لا علاقة له بالصحافة أو بأفكار بوعشرين السياسية، كما أنه لا يمكن لهذا الشخص أن يكون فوق القوانين”.