في مداخلة بجلسة للأسئلة الشفوية اليوم بمجلس النواب أكد وزير الداخلية محمد حصاد على حرص وزارة الداخلية على التدخل في حينه فور علمها بملابسات ملفي رجلي سلطة: “قائد الدروة المعزول وقائد الملحقة الإدارية بإقليم القنيطرة، المحال على مصالح الإدارة المركزية”. و في هذا الصدد، وفيما يخص ملف قائد الدروة المعزول، فقد تم اعتماد مقاربة استباقية من خلال اتخاذ قرار بتوقيفه بتاريخ 27 فبراير 2016،أي قبل تناول الموضوع من طرف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وذلك بالموازاة مع التحقيقات التي قامت بها مصالح الدرك الملكي تحت إشراف النيابة العامة. ليتم، بعد اتضاح الرؤية، عرض المعني بالأمر أمام المجلس التأديبي يوم 12 أبريل 2016، حيث تم بإجماع أعضاء المجلس اتخاذ قرار بعزله من سلك رجال السلطة بشكل نهائي. أما فيما يرتبط بملف قائد الملحقة الإدارية بإقليم القنيطرة المحال على مصالح الإدارة المركزية والمتعلق بإشكالية تحرير الملك العمومي والذي نتج عنه للأسف إقدام المسماة قيد حياتها “فتيحة الهيس” على إحراق نفسها مما ترتب عنه وفاتها، أكد السيد الوزير بأنه تم، بتاريخ 18 أبريل 2016، إيفاد لجنة من المفتشية العامة للإدارة الترابية إلى الإقليم، قصد القيام بالتحريات اللازمة. وبناء على نتائج هذا البحث، تم عزل المعني بالأمر من مهامه كقائد لمحلقة إدارية، وإلحاقه بالإدارة المركزية لوزارة الداخلية بتاريخ 25 أبريل 2016، وذلك كإجراء احترازي في انتظار مآل هذه القضية على المستوى القضائي. فضلا عن عزل عوني سلطة بالملحقة الإدارية التي كان يشرف عليها القائد المعني بالأمر، من منصبهما بعد عرضهما على أنظار المجلس التأديبي المنعقد على التوالي في 22 و 23 أبريل 2016. وذلك للتصرفات اللامسؤولة التي تتنافى والمبادئ المهنية الواجب عليهما التقيد بها، مبرزا أن القضاء لازال بصدد البث في الأفعال المنسوبة للمعنيين بالأمر. واسترسل السيد وزير الداخلية مؤكدا على أن هذه الإجراءات المتخذة بكيفية فورية في الملفين المذكورين هي دليل على حزم وطبيعة التعاطي مع مثل هذه الملفات بشكل استباقي و احترازي. فكلما تم تسجيل أي تجاوز يتم التدخل عبر اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة في حينه، علما أن لوزارة الداخلية الثقة التامة في القضاء بالنسبة للقضايا التي تعرض عليه. وفي هذا الإطار، شدد السيد الوزير على حرص وزارة الداخلية كل الحرص على تتبع أداء رجال الإدارة الترابية، وعلى تعميق الأبحاث بشأن المخالفات المرتبطة بالحالات التي يتم فيها الإخلال بقواعد الانضباط الإداري من خلال إيفاد لجان إدارية أو لجان للمفتشية العامة للإدارة الترابية من أجل تقصي الحقائق وتحديد المسؤوليات. كما يتم، في حال ثبوت أي إخلال، إحالة ملفات المعنيين بالأمر على المجلس التأديبي وترتيب الجزاءات المناسبة. وتفعيلا لهذه المقاربة، أشار السيد الوزير إلى أنه تم خلال السنتين الأخيرتين، عقد 18 مجلسا تأديبيا تم خلاله عرض ملفات ل 70 رجل سلطة. وقد تم خلال نفس الفترة ترتيب 50 عقوبة تأديبية، منها 10 حالات للعزل النهائي من سلك السلطة، و9 حالات للعزل من المهام، وأخرى تتعلق بالحذف من لائحة الترقي والتوبيخ والإنذار . وبنفس المناسبة تطرق السيد الوزير إلى طبيعة وظائف رجال السلطة، مبرزا أن هاته الفئة تتحمل أعباء جسيمة تفرضها خصوصية المهام المسندة إليها، ففضلا عن مهمة الحفاظ على النظام العام، هناك مسؤولية السهر على احترام القوانين والأنظمة وزجر المخالفات، وهي مهام يتم الحرص على ممارستها وفق الأحكام الدستورية والضوابط القانونية، ووفق ما جاء به المفهوم الملكي الجديد للسلطة. كما أشار إلى أن مسؤولية تدبير الشأن العام المحلي تفرض على رجال السلطة التدخل المباشر سواء لإجراء المعاينات اللازمة أو فرض تطبيق القانون، وبالتالي الاحتكاك الدائم بالمخالفين للقانون، وهو ما يجعلهم معرضين للاعتداء اللفظي والجسدي، مبرزا أيضا التنامي الواضح لظاهرة الاعتداء على رجال وأعوان السلطة خلال الأربع سنوات الأخيرة، إذ بلغ العدد الإجمالي للحالات المرصودة حوالي 2600 حالة موضوع مساطر لدى الضابطة القضائية أو دعاوى لدى محاكم المملكة، حيث تزايد معدلها الشهري من 43 حالة سنة 2012 إلى 68 حالة سنة 2015، حيث ترتبط غالبية هذه الاعتداءات بتدخل السلطة المحلية لمحاربة البناء العشوائي أو تحرير الملك العام. وأبرز السيد الوزير كذلك أن مداخلته هاته لا تتعلق بتقديم تبريرات لفائدة رجال السلطة. لكن واقع الحال يثير الاستغراب للتحامل على هيئة رجال السلطة، أمام كل هذه الإكراهات، من خلال استغلال وقائع وحوادث معزولة تقوم حيالها وزارة الداخلية دائما بإجراء الأبحاث اللازمة وإعمال المساطر التأديبية في حال ثبوت أي تقصير أو إخلال بالالتزامات المهنية، مضيفا أن تسجيل أخطاء معزولة لبعض رجال السلطة لا يعني وضع هيئة بكاملها تضم ما لا يقل عن 4000 رجل سلطة في سلة واحدة. فهذه الفئة المدعومة ب 30.000 عون سلطة، تحرص على ممارسة مهامها وفق ما تقتضيه المصلحة العامة، وتؤدي واجبها بكل تفاني وإخلاص، وبتضحيات لا تعنيهم كرجال للسلطة فقط بل تمتد إلى عائلاتهم بحكم إكراهات عملهم المستمر، وتجندهم 24 ساعة على 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع، بما فيها يومي السبت والأحد، يوضح السيد الوزير. كما شدد السيد الوزير على حرص وزارة الداخلية، وعيا منها بضرورة متابعة كل مخالف للقانون، على احترام استقلالية القضاء دون إصدار أحكام مسبقة على قضايا رائجة أمام المحاكم. واغتنم السيد الوزير المناسبة لتثمين الجهود التي يبذلها رجال وأعوان السلطة في إطار ممارسة مهامهم، وحثهم على تجسيد سياسة القرب واعتماد مبدأ الحياد الكامل في مزاولة صلاحياتهم الدستورية والقانونية، داعيا إياهم إلى المزيد من المثابرة والتفاني في العمل خدمة للصالح العام، وفي احترام تام للضوابط القانونية ولأخلاقيات ممارسة السلطة. واختتم السيد الوزير كلمته بالتأكيد على أن مسيرة البناء الديمقراطي ببلادنا تظل مستمرة لمواصلة تدعيم أسس مجتمع حداثي، تسود فيه سلطة القانون كأسمى تعبير عن قوة الدولة بشكل يخضع فيه الجميع لمقتضياته وأحكامه من سلطات منتخبة وسلطات إدارية، وكذا المواطنات والمواطنين أفرادا وجماعات.